ربما تكون المشكلة الأكبر التي تواجه المجلس العسكري منذ اللحظة الأولي التي تولي فيها مسئولية إدارة البلاد هي نوع الخبراء والمستشارين الذين اختارهم لمعاونته علي هذه المهمة الجسيمة حيث تأكد أن بعضهم إن لم يكن معظمهم بالكفاءة المطلوبة لهذه المرحلة والدليل علي ذلك أن هذا المجلس بالإضافة إلي مجموعة الخبراء والمستشارين الذين اختارهم لمعاونته لم يحسم منذ البداية الاجابة عن سؤال مهم للغاية وهو: هل ما حدث في مصر يوم 25 يناير وبعدها ثورة كاملة تستلزم التغيير الجذري؟ أم حركة إصلاحية تعني بذل الجهد لإصلاح ما يمكن ما أفسده النظام البائد تدريجيا؟ وباستقراء وتحليل الرسائل والبيانات والإعلانات الدستورية والقوانين - المراسيم - التي أصدرها المجلس بالإضافة إلي مجمل تصرفاته وقراراته ربما لا نبالغ إذ قلنا إنه - المجلس وخبراؤه ومستشاروه - قد أجابوا بينهم وبين أنفسهم عن هذا السؤال بإجابة مزدوجة يمكن تلخيصها في الاعتراف علنا بأن ما حدث ثورة كاملة تستلزم التغيير الجدري بينما يتصرفون علي أساس أن ما حدث ليس سوي حركة إصلاحية تستهدف إصلاح ما يمكن مما فسد - بالقطعة - ولذلك جاءت معظم هذه التصرفات كمجرد رد فعل للأحداث والضغوط بدءاً من الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في 19 مارس وحتي صدر قرار تشكيل ما يسمي بالمجلس الاستشاري منذ أيام. والغريب أن الاسماء التي وردت في هذا القرار لم تكن مفاجئة لأحد باعتبار أن معظمهم ألم يكن كل من شملهم هذا التشكيل جاءوا من الدائرة القريبة نسبيا من المجلس خلال الفترة السابقة أي أنهم كانوا ضمن دائرة الخبراء والمستشارين الذين استعان بهم المجلس فيما مضي بدرجة أو أخري وهو ما يعني ان اداء هذا المجلس لن يختلف في الفترة القادمة عما كان... فما ضرورة تشكيل هذا المجلس الآن؟ هل المستهدف هو خلق كيان ما يتحمل أمام الجماهير المتشككة والمحبطة والغاضبة مسئولية ما يصدر عن المجلس من أقوال أو أفعال في محاولة أخري لتخفيف الضغط والنقد للمجلس العسكري؟ ربما ولكن المؤكد أننا سائرون في نفس الدرب الملتف الذي بدأناه منذ سقوط مبارك والستر من الله وحده!!