طالبنا كثيراً حتي بحت أصواتنا بضرورة تغيير الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي علي السواء بحيث يتسم بالوسطية والاعتدال. لكننا للأسف كنا نحرث في البحر أو نكتب علي الماء وفي الهواء حيث وجدنا تأييداً كلامياً لهذا التوجه الحيوي دون تطبيق فعلي علي الأرض.. حتي تجاوزنا التطرف ووصلنا إلي الغلو في التطرف اللفظي والفعلي مما ينذر بكوارث. الآن.. وبعد ما سمعناه من تصريحات مستفزة ورأيناه من سلوكيات شاذة لا تمت للدين بأية صلة.. أصبح تغيير الخطاب الديني فرض عين علي الأزهر والأوقاف حتي نصبح كما أرادنا المولي عز وجل: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً...." البقرة 143 مطلوب وفوراً.. أن يتسم الخطاب الديني بالوسطية التي لا تهويل فيها ولا تهوين. مطلوب وفوراً.. تغيير المنظومة الإعلامية بحيث تركز علي وسطية وصحيح الدين.. وأن تكون بحق مرآة للمجتمع.. تظهر الحقائق كاملة غير منقوصة أو معيبة أو شائهة.. ولا تكون ملكية أكثر من الملك أو متآمرة علي الناس ومضيعة لحقوقهم. إن القنوات الفضائية بشكل عام متهمة أمامنا جميعاً بالتقصير في رسالتها الإعلامية.. وإن كثيراً من هذه القنوات السبب الرئيسي في انتشار الفكر المتطرف بل والأكثر تطرفاً حيث "تلعب" بشخصيات متطرفة ومغرضة بعينها هم ضيوف كل برامجها في الوقت الذي تهمل وتخفي فيه عمداً دعاة يتميزون بالوسطية.. وإذا استضافت أحدهم فإنما تستضيفه علي استحياء وذراً للرماد في العيون.. كما أنها تعلي من قيمة ونبرة التطرف وتهمل عمداً آراء وطلبات وآمال الغالبية العظمي من الشعب.. خاصة شباب الثورة الذين لا وجود لهم في أغلبية البرامج. لا يا سادة.. نحن أحوج ما نكون أن يخرج علينا كل يوم الإمام الأكبر د.أحمد الطيب ود.سعد الهلالي وخالد الجندي والحبيب علي وعمرو خالد وغيرهم من المعتدلين المختفين بفعل فاعل.. بل إن لدينا شباباً كالورد يتميز بهذه الوسطية مثل معز مسعود ومصطفي حسني. أين هؤلاء في الإعلام؟.. لا وجود لهم!! من أخفاهم ويصر علي إخفائهم عنا؟.. سياسة إعلامية عرجاء أو كسيحة أو مغرضة لا تري من الكوب الممتليء سوي "قعره" المترسب فيه كل الشوائب والسموم هؤلاء هم ضيوف هذا الإعلام الذي ينفخ في النار ويستخدم البسطاء والبلد وأمنه واستقراره وسلامه وقوداً لهذه النار.. والنتيجة ما رأيناه في أطفيح وامبابة وكوبري الجامعة وماسبيرو والتحرير. مطلوب وفوراً.. تبصير الناس بصحيح دينهم حتي لا ينخدعوا بشعارات جوفاء ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب نفسه. الخطاب الديني المعتدل سوف يكشف أحزاباً بعينها تتلاعب بعقول الناس باسم الدين.. في حين إن كل همها هو كرسي الحكم.. ووصل بها الغلواء والطمع والغرور إلي السعي للانفراد بوضع دستور تفصيل علي هواها. الخطاب الديني المعتدل سوف يعري من يزعم أن إعطاء الصوت لهذا أو ذاك يدخل الناخب الجنة!! وسوف يثبت أن التصويت في الانتخابات ليس "شهادة" بالمواصفات التي نص عليها القرآن بل هي "وكالة" لمن سيتحدث باسمي تحت قبة البرلمان ومن حقي أن أعطي صوتي لمسلم أو مسيحي أو حتي يهودي وأن هذا لن يكون كتماناً للشهادة وبالتالي لن أكون آثما قلبي كما يدعي البعض ويفتري علي الله. الخطاب الديني المعتدل يحول دون أن يطبق هذا أو ذاك حدوداً يدعي أنها حدود الله والله منه براء مثل قطع آذان الأقباط واستحلال دمائهم وأعراضهم وممتلكاتهم. الخطاب الديني المعتدل يكبل يد من يهدم الأضرحة. أو يغطي تماثيل الحضارات ويحرم السياحة الشاطئية بدعوي أنها خمر وميسر وعري والسياحة الأثرية زعم أنها وثنية!! الخطاب الديني المعتدل ينزع الأحقاد من النفوس ويجعل الكل يتقبل الآخر بنفس راضية وقناعة باعتبار الجميع شركاء في هذا البلد علي أساس المواطنة.. لا فضل لأحد علي آخر إلا بالتقوي والعمل الصالح الذي يفيد الوطن والمواطن. الخطاب الديني المعتدل يجعل هناك إيماناً راسخاً في قلوب البسطاء بأن علاقة العبد بربه علاقة أبدية وأن الإنسان لا يحتاج وسيطاً بينه وبين خالقه بل يخاطبه في أي وقت ومكان بمجرد أن يقول يارب أو نويت الصلاة الله أكبر.. وإن كل من يحاولون أن يفرضوا أنفسهم كوكلاء لله علي الأرض إنما يخدعون ويغشون الناس ومن غشنا فليس منا.. كما قال حبيبنا وشفيعنا ومولانا وخاتم الرسل والأنبياء سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. أقولها بمنتهي الصراحة والوضوح.. إذا لم يتغير الخطاب الديني بحيث يكشف المتطرفين والطامعين والذين في عيونهم رمد وفي قلوبهم مرض ويحاولون تكتيف البلد وحبس العقول في شرنقة سوداء وتأخيرنا 1433 سنة وأكثر.. فإن الأوضاع ستزداد سوءاً وسيصل الأمر إلي حد مواجهة العنف بعنف أشد. وفرض الرأي بالخروج عليهم ولو بالسلاح. هل تريدون أن تروا مصر أفغانستان أخري أو إيران جديدة؟! الأمر في أيديكم يا حاملي القرآن والسنة.. يا من تتحلون بالوسطية والاعتدال.. وفي أيدي الإعلام بصفة عامة. أرجوكم.. نادوا بخطاب ديني معتدل وحاربوا لترسيخه في النفوس حتي تطمئن القلوب. اجعلوا الوسطية.. أسلوب عمل وحياة.. حتي نكون بحق شهداء علي الناس ويكون الرسول علينا شهيداً.