المهندس نجيب ساويرس أحد الأسماء الشهيرة الآن في مصر.. ليس فقط باعتباره رجل مال وأعمال ولكن باعتباره أيضا رجل سياسة له حزب وبرنامج وخطب ومقابلات وحضور قوي.. ودخل في دائرة من يستشارون في الشئون العليا للبلاد.. فقد كان ضمن لجنة من الحكماء مهمتها البحث عن مخرج لمبارك في أيامه الأخيرة.. كما كان ضمن لجنة السياسيين التي اجتمع بها المجلس العسكري مؤخراً للاتفاق علي خريطة طريق العمل السياسي حتي تسليم الحكم لسلطة مدنية. وقد التقيت به مرتين.. إحداهما في مقر شركته أثناء مقابلة معتادة له مع أوائل الثانوية العامة الذين تنظم لهم مؤسستنا رحلة سنوية إلي أوروبا.. والثانية في مؤتمر عام.. وكان انطباعي عنه أنه شخصية متزنة وقوية. وبعد لقاء أوائل الثانوية العامة كتبت مقالاً عن الحوار الذي دار بينه وبين الطلبة والطالبات.. وامتدحت حرصه علي تأكيد قيمة المواطنة والمساواة بين المصريين جميعاً.. وسخريته من أي مواطن مسيحي لا يدافع عن حقه المتساوي في هذا البلد مع حق أي مواطن مسلم.. ويقف بصلابة ضد أي تمييز.. وعندما سئل عن المادة الثانية من الدستور قال كلاماً غير تصادمي.. أو هكذا فهمنا. من هذه الزاوية أنظر دائماً إلي المهندس ساويرس.. وأراه أحد الشخصيات المؤثرة في المرحلة القادمة.. خصوصاً فيما يتعلق بالدفاع عن الديمقراطية والحرية ومدنية الدولة والوحدة الوطنية.. ولذلك كانت صدمتي كبيرة عندما اطلعت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الإنترنت ومن خلال ما نشرته بعض الصحف علي مقولات غريبة له.. لا أدري كيف قالها.. وكيف يرضي لنفسه أن تنتشر علي النحو الذي انتشرت به دون أن يسارع إلي توضيح حقيقتها.. أو دحضها.. أو الاعتذار عنها. المهم أن يتكلم المهندس نجيب ساويرس علي وجه السرعة بصراحته وتلقائيته المعهودة.. ولا يترك هذا الكلام الخطير معلقاً في رقبته.. ويتجاهله تماماً.. لأنه ببساطة سياسي مسئول وليس شخصاً عادياً.. وهناك من سيغيرون رأيهم فيه إذا ترك هذا الكلام ليثبت في الأذهان. من الأقوال الخطيرة المحسوبة عليه قوله في مقابلة تليفزيونية أثناء وجوده في كندا إنه يجب تدخل الغرب لوقف الإسلاميين في مصر.. وحماية الدولة المدنية.. ومطالبته بدعم مادي من الغرب لليبراليين والعلمانيين لمواجهة الإسلاميين.. وقوله إنه لا يري مشكلة في تدخل الغرب لحماية الأقليات. وفي مقابلة أخري دعا ساويرس الأمريكيين إلي التدخل صراحة في الشأن الداخلي المصري وتقديم الدعم اللازم للأحزاب الليبرالية.. والقيام بما أسماه "الدور الاستباقي" للسيطرة علي الربيع العربي والذي أطلق عليه "الفوضي" نتيجة وصول الأحزاب الإسلامية إلي الحكم عبر انتخابات حرة نزيهة.. معللاً ذلك بالخوف من الدولة الدينية. وعندما انزعج المذيع من طلب الدعم المباشر من الغرب.. نبهه إلي الخوف من أن يؤخذ هذا علي أنه تدخل مرفوض في الشأن الداخلي لمصر فقال ساويرس: بكل أسي المشكلة أن الغرب يتفرج ولا يفعل شيئاً.. والأحزاب الإسلامية تحصل علي دعم من قطر والسعودية.. ومن ثم إما أن تدعمونا أو توقفوا الدعم الذي يأتي إليهم.. لقد قلت هذا الكلام لهم يقصد للمسئولين في الغرب ولكنهم لم يفعلوا شيئاً. وبكلام صريح جداً أكد ساويرس ضرورة مساهمة الغرب في فاتورة الصراع مع الإسلاميين وقال: لا أستطيع أن أتحمل وحدي فاتورة دولة بأكملها. وأضاف أنه في حال فوز الإسلاميين في الانتخابات القادمة فإنه سيعمل علي حشد المصريين ودفعهم للحرب من أجل الدولة المدنية.. وعندما سأله المذيع: كيف ستكون الحرب؟!.. استدرك قائلاً: إنها حرب قانونية وديمقراطية بكل تأكيد. كمواطن مصري أري أن هذا الكلام فيه تجاوز كبير لحدود المواطنة وللقواعد الديمقراطية التي يجب أن تحكم المنافسة السياسية بين مختلف الأحزاب والتيارات.. إذ سيظل من غير المقبول مهما كانت الأسباب استعداء الدول الأجنبية وتحريضها علي مصر.. وطلب دعم مادي أو حتي لوجيستي للاستقواء في مواجهة التيارات والأحزاب الأخري. كان يكفي الأخ ساويرس أن يقدم بلاغاً للنيابة للتحقيق في أي دعم حصلت أو تحصل عليه جماعة الإخوان من قطر أو يحصل عليه السلفيون من السعودية.. ولكن أن يصل الأمر إلي مد اليد للأجنبي بهذه الفجاجة وعلي الملأ فهذا ما لا نقبله له ولا لأي مصري آخر. نحن أيضا نقاتل من أجل إرساء دعائم الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تحكم بالدستور والقانون وتتحقق فيها قيم المواطنة والعدالة والمساواة.. لم نقل هذا الآن وإنما قلناه من زمن بعيد.. ونحن معك في هذه المعركة.. ولكن عندما يصل الأمر إلي ما وصلت إليه فنحن نتحفظ ونرفض ونعترض.. ونقف مع حافظ أبوسعده وغيره ممن غادروا موقعك إلي أن تتكلم وتشرح.. أو تعتذر.