أصعب سؤال يمكن أن تسأله لنفسك هذه الأيام.. أو تسأله لصديقك أو لأحد من السياسيين الذين يملأون برامج التليفزيون كلاماً وصراخا هو: ماذا سنفعل لو نفذت إسرائيل تهديدها وضربت إيران الشهر القادم بسبب برنامجها النووي والشبهات التي تحوم حول قدرتها علي انتاج أسلحة نووية؟! والمقصود ب "ماذا سنفعل" هنا هي مصر والدول العربية الشقيقة التي تلوذ بالصمت حتي الآن تجاه هذه الأزمة رغم أن نذر الحرب تدور حولنا من كل جانب. دول العالم تفكر وتعرف ماذا ستفعل.. وتعلن موقفها علي الملأ إلا نحن.. مع أننا الأقرب من الجميع إلي الجحيم المنتظر.. ونحن الأكثر تضرراً.. وربما نحن الذين سندفع فاتورة الحرب كاملة. أمريكا بالطبع ستكون شريكة في الهجوم الاسرائيلي.. هناك تقارير تتحدث عن أنها هي التي تعد العدة وتوزع الأدوار وتحرك كل الأطراف.. وهناك تقارير أخري تقول انها سوف تكتفي فقط بتقديم العون اللوجستي للقوات المهاجمة. وبريطانيا أعلنت أنها شريكة أساسية في العملية.. وأنها تتحمل المسئولية كاملة عن ذلك.. أما ألمانيا فانها تفضل الضغوط الدبلوماسية وفرض العقوبات. فرنسا قالت صراحة ان لديها استعدادا كاملا للوقوف بكل قوة إلي جانب إسرائيل للدفاع عنها اذا تعرضت لأي هجوم خارجي لكنها غير مستعدة للاشتراك مع اسرائيل في مهاجمة دولة ثالثة. روسيا والصين أعلنتا رفضهما الصريح لأي هجوم عسكري علي إيران.. بل ورفضهما توقيع عقوبات جديدة عليها من خلال مجلس الأمن.. والسبب في ذلك- حسب رأيهما- أن تقرير وكالة الطاقة الذرية الذي يستخدم لادانة إيران لا يقدم في الحقيقة دليلاً قاطعا علي امتلاكها للسلاح النووي. أما الدول العربية فلم تعلن موقفاً محدداً من هذه الضربة الاسرائيلية لو وقعت- لا قدر الله- ولم يصدر حتي عن الجامعة العربية موقف محدد يشير إلي أين تتجه الارادة العربية في تلك المواجهة المحتملة.. وذلك علي الرغم من اعلان واشنطن انها سوف ترسل مبعوثاً إلي دولة الاماراتالمتحدة خلال الأسبوع الحالي.. وربما تمتد مهمة هذا المبعوث إلي باقي عواصم دول الخليج. ويبدو في هذا الاطار أن دول الخليج تفضل ألا تلزم نفسها بموقف محدد.. وتترك الأمر لتخمينات المراقبين.. والمراقبون يقولون في ذلك أن دول الخليج تشعر بحرج شديد ازاء قيام اسرائيل بتوجيه الضربة لإيران.. وربما كانت تفضل قيام أمريكا بالمهمة وحدها أو بمشاركة حلفاء أوروبيين.. وهي تأخذ التهديدات الايرانية بضرب القواعد الامريكية في المنطقة مأخذ الجد.. لكنها في كل الأحوال تتمني أن تتخلص من كابوس القدرات النووية الايرانية غير المعروفة. أما الدول العربية غير الخليجية فلم تبد اهتماماً حتي الآن.. معظم هذه الدول- فيما عدا الجزائر- علاقاتها مع إيران مضطربة.. وغاية ما يمكن أن يصدر عنها إذا نفذت إسرائيل تهديدها هو بيان شديد اللهجة يفيض بالشجب والادانة. وحديث إيران عن وجود آلاف من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين جاهزين للقيام بعمليات استشهادية داخل اسرائيل وحلفائها يبدو انه للتهديد ورفع الروح المعنوية للمقاتل الايراني أكثر منه تعبيراً عن الواقع الحقيقي في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة العربية حاليا. أما مصر فقد صدر عنها ثلاثة ردود علي المواجهة القادمة تمثلت فيما يلي: * اللجنة العليا للطواريء النووية أعلنت أنها ستناقش خلال الأسبوع الحالي الأوضاع في المنطقة في ظل التهديدات الاسرائيلية والايرانية بتدمير المنشآت النووية خاصة مفاعل ديمونة الذي سيكون له تأثيرات مباشرة علي مصر والوطن العربي. * المجلس المصري للشئون الخارجية أعلن عن قلقه إزاء التطورات الأخيرة الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني خاصة أن التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد ايران يضع المنطقة والعالم بأسره علي حافة الهاوية ويعود إلي شريعة الغاب.. وطالب أمريكا بكبح جماح اسرائيل مؤكدا ان البرنامج النووي الاسرائيلي هو أس البلاء في المنطقة ولابد من وضعه تحت رقابة دولية فعالة ولن يتأتي ذلك إلا بانضمام إسرائيل إلي معاهدة منع الانتشار النووي وخضوعها للتفتيش من قبل وكالة الطاقة الذرية. * تصريح عبدالله الأشعل المرشح المحتمل للرئاسة أكد أن تقرير وكالة الطاقة الذرية حول إيران فاقد للمصداقية لأنه أعد من قبل المخابرات الأمريكية.. وأن الوكالة أصبحت مسيسة واداة في يد أمريكا. وتجدر الاشارة هنا إلي أن تقرير وكالة الطاقة الذرية الذي أثار ضجة في أمريكا واسرائيل لا يحمل في الواقع أدلة دامغة ضد إيران.. حيث قال ان الوكالة لديها معلومات استخباراتية موثوق بها تشير إلي أن إيران قامت باعمال تهدف إلي بناء رؤوس حربية نووية. والمعلومات الاستخباراتية هذه قدمت إلي الوكالة من المخابرات الأمريكية بالطبع.. وهي نفس المخابرات التي قدمت للوكالة من قبل معلومات عن امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل.. وكانت هذه المعلومات الكاذبة مبررا كافياً لضرب العراق واحتلاله. يؤيد هذا الاستنتاج أن الولاياتالمتحدة واسرائيل كانتا علي علم كامل بمضمون تقرير الوكالة قبل اصداره.. وبدأ شن هجوم مسبق علي إيران من كل جانب.. والتهديد بضرب منشآتها النووية. والغريب أن من يهدد بضرب إيران ويتحمس للهجوم عليها هي اسرائيل التي تمتلك فعلا ترسانة غير معلومة القدرات من الأسلحة النووية بينما يظل السلاح النووي الإيراني حتي الآن احتمالاً قائما.. والغريب أكثر أن العالم يقبل هذه الازدواجية الاسرائيلية ويتعامل معها علي أنها مسألة عادية.. خصوصاً مع رفض اسرائيل أي تفتيش علي منشآتها النووية أو الانضمام لوكالة الطاقة الذرية أو التوقيع علي اتفاقية منع انتشار الاسلحة النووية. والسؤال الآن: إلي أي مدي يظل العرب صامتين إزاء هذا السلوك الاسرائيلي الذي جعل من ترسانة إيران خطراً داهما بينما ترسانة تل أبيب بعيدة عن أي مأخذ؟! يجب أن نعترف أن جهود أمريكا في جعل الخطر الإيراني مقدما علي الخطر الإسرائيلي في الادراك العربي قد نجحت.. وأن ضمانها للتفوق النوعي الاسرائيلي علي كل دول المنطقة قد تحقق.. ولكن إلي متي؟! نحن ندرك أن اسرائيل كانت في حاجة إلي توجيه أنظار العالم إلي جبهة جديدة بعيداً عن جبهة الاعتراف بفلسطين في الأممالمتحدة وبعيدا عن أزماتها الداخلية والاستيطان.. لذلك اندفعت إلي المواجهة مع إيران مدعومة بغروز القوة والدعم الغربي.. وأخشي أن أقول بالدعم العربي الذي يوفره هذا الصمت المريب. إشارات: * أين ذهبت محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن.. لماذا سكتت أمريكا عن هذه الجريمة ولم تعد تثيرها؟! * مجرد التفكير في إلغاء ضريبة المبيعات يعد الانجاز الثاني الحقيقي للثورة حتي الآن.. الانجاز الأول كان إلغاء التوقيت الصيفي. * صدق أو لا تصدق.. يتحدثون عن قانون لتسهيل بناء الكنائس فتضيف اليه الحكومة بناء المعابد اليهودية.. يا ناس هيه ناقصه!! * أزمة وثيقة السلمي أكدت أنه لا صفقه بين المجلس العسكري والإخوان. * يقول البابا شنودة للمسيحيين: انتخبوا المرشح المسلم الذي يدافع عنكم واحنا ننتخب مين يا سيدنا؟!