مع انتشار الهواتف المحمولة "الموبايل" وازدياد مستخدميها زادت الخدمات المصاحبة لهذه التكنولوجية المتقدمة. ومنها الرسائل القصيرة التي شهدت اقبالاً هائلاً من جميع الفئات العمرية وخاصة الشباب. ورغم أن هذه الخدمة صممت ليكون الهدف الرئيسي منها سد الحاجات المهمة للاشخاص ومعونتهم في الظروف الطارئة والسريعة. فقد تحولت إلي وسيلة للتواصل علي مختلف أنواعه حتي صارت واحدة من أبرز وسائل الترفيه الحديثة. ويلي رسائل المحمول رسائل البريد الالكتروني .. وطبقاً للاحصائية التي قام بها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ان الفئة من سن 16عاماً إلي 33عاماً هم الأكثر استخداما لرسائل المحمول وخاصة الشباب عن الفتيات. ونحتفل هذه الأيام بعيد الأضحي المبارك الأول بعد 25يناير وقبل العيد ب 48 ساعة تبادل الجميع رسائل علي المحمول وأيضاً علي الإيميلات وأحدثها رسالة : "خبر هام سيذاع خلال ساعات أن جميع القوي الشعبية قررت الخروج في مليونية الجمعة القادمة تحت شعار جمعة انقاذ وحماية الفروة. .." لاول مره من 30 سنه جاء العيد المبارك من غير مبارك عيد جنان من غير سوزان . عيد حلال من غير جمال . ونعيش سعداء من غير علاء . ناكل بط ووز من غير أحمد عز . وناكل أكل خفيف من غير أحمد نظيف " وكل عام وأنتم بخير أعاده الله عليكم باليمن والبركات. وعادة ما يغلب طابع الدعابة علي تلك الرسائل ففي ليلة العيد هناك رسائل من عينة "خروف مقدم علي هجرة للخارج .. ليه لأن بلاد الغرب ماعندهش عيد أضحي" و"قتل الزحمة وأكل اللحمة كل عام وأنتم برحمة" و"عندكم لحمة .. عندكم فتة .. عندكم كبدة .. عندكم برد يبقي عيد سعيد". كما كان للطابع الديني نصيب من رسائل المحمول ومنها "تقبل الله أعمالكم وأجاب لكم دعاءكم وجعل الفردوس سكنكم وبارك لكم عيدكم". "المساء" بحثت في لغة الحوار الصامت وما هي أسباب استبدال طرق التواصل الاجتماعي من التهنئة المباشرة بالمناسبات المختلفة إلي الاكتفاء برسائل المحمول أو الفيس بوك؟ في البداية يتفق كل من أحمد الزيات مهندس 26سنة ومحمد عصام 24سنة وميرنا رمضان 22سنة ورضوي محمد 23سنة أسباب الاكتفاء بالرسائل الي انشغاله وضغوط عمله. وهو ما يدفعه إلي المعايدة علي كل أفراد أسرته وأهله من خلال الضغط عتلي زر في الموبايل حيث يرسل لهم جميعاً تهاني. فهم لا يقدرون انشغاله في عمله للدرجة التي تجعل أقصي أحلامه هو النوم. مبرراً ذلك أيضاً لكي يتخلص من قصيدة العتاب الشديد من نساء العائلة مثل خالته وعمته. إضافة إلي أنه يقوم بالمعايدة علي زملائه في العمل بالكارت الالكتروني من خلال الميل. ويري كل من محمد رمزي سعد طالب بتجارة الأزهر. وشقيقه أحمد رمزي بكالوريوس هندسة المنصورة أن التهاني عن طريق الرسائل ضرورة فرضتها التقنية الحديثة والشاب اذا ما وصلته رسالة تهنئة علي هاتفه فإنه لابد أن يرد عليها ولكن لا تغني هذه الرسائل ابدا عن الزيارات لمن يمكن زياراتهم. أما من هم خارج المنطقة فأري أن الرسالة أيضاً لا تغني ولابد من مكالمتهم وخصوصاً في هذه المناسبة التي لا تمر سوي مرة واحدة في العام بالإضافة إلي أن الكثير من الشباب يحرص علي التواصل وتبادل الزيارات والتقيد بالعادات المتوازنة في العيد وإظهار العيد بطابعه الخاص. أما أسماء محمد 21سنة فتري أنه من السهل جداً أن تقوم بارسال رسائل تهنئة من الموبايل خصوصاً لأنها لا تتواجد بالبيت فيصعب أن تتصل بمن تريد. وبالتالي فمن الأسهل أن ترسل من جهازها المحمول رسائل بدلاً من أن تتصل لأنها لو اتصلت سينفد رصيدها كله في مكالمة واحدة. بينما تؤكد سحر إبراهيم بكالوريوس تجارة القاهرة أن سر استخدامها لرسائل الموبايل والبريد الالكتروني هو أنه ببساطة لابد أن تجاري العصر. فهي تري أنه ليس من المعقول أن تتصل بكل من يرسلون لها "ميل" أو "ماسيج" فلذا تقوم بالرد عليهم بنفس الوسيلة خصوصاً أنها لو حاولت الاتصال بهم جميعاً لن تستطيع لأنها تتلقي ما لا يقل عن 50 تهنئة ما بين الميل والماسيج. وتقول الدكتورة مني أبوتيرة استاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس إن التهنئة المباشرة "بطلت من زمن" نتيجة المواصلات الصعبة. واحتل مكانها الهاتف الأرضي قديما ثم المحمول والإيميل تدريجياً. ولكنها مازالت في الريف والمدن والقري الصغيرة حيث يلتقي الافراد ببعضهم بشكل مستمر. وتضيف أن شريحة الشباب بالاخص هي التي تستخدم المحمول فكبار السن يفضلون الهاتف الأرضي لأنه الأسهل بجانب أنه أصبح من سمات العصر الحالي السرعة والتعبير المختصر بعد أن أصبح كل شيء يقاس بالمقابل المادي أو كما يردد البعض "لو اتصلت بأحد هفتح في الكلام" مؤكداً أن الشباب يساير عصره من خلال استخدام عبارات "روشة" وهي بطبيعتها عبارات مختصرة. ورغم أنه ليس لدينا أرخص من الوقت لكن التكلفة هي الأساس وهو ما ينظر إليه. يري د. جمال أبوشنب استاذ علم الاجتماع جامعة حلوان أن الرسائل القصيرة اصبحت خطراً يهدد علاقاتنا الاجتماعية وروابطنا الانسانية. فالتهاني أصبحت تتداول عن طريق تلك الرسائل فقضت علي الزيارات واللقاءات الأسرية والتواصل الاجتماعي بين الناس لقد أخذت روابطنا وعلاقاتنا شكلا اليكرونيا فصرنا نهنئ ونواسي في المناسبات المختلفة. من خلال بضع كلمات علي شاشة المحمول. فلا وقت للزيارات والروتين الاجتماعي. فالرسائل القصيرة في مفهوم العصر الحديث توفر الوقت والجهد مجموعة من الكلمات اصبحت هي الرابط الوحيد بيننا وبين اقاربنا وأصدقائنا ومن نحب. ويري أن انتشار التهنئة بالعيد عن طريق رسائل المحمول أو الانترنت ظاهرة اجتماعية ارتبطت بظهور مثل هذه التقنيات معتبراً أنها من مظاهر "الكسل الاجتماعي". ويري د. شحاتة محروس استاذ علم النفس بجامعة حلوان أن المواطن المصري ليس عنده سياسة ترشيد الانفاق وكيف يحسن توجيه نقوده بجانب أن ثقافته الاقتصادية صعبة. ويتعجب د. محروس من المواطن الذي يشرب المر من أجل الحصول علي لقمة العيش وبعد أن يحصل عليها ينفقها بسفه وعدم ترشيد. وهو ما يحتاج من الدولة إلي اتخاذ الخطوات الكفيلة لتوعية المواطن في كيفية استخدامها.