* لو سألت أكثر الناس تفاؤلاً في مصر المحروسة فسيقول لك نعم نحن في حالة قلق فقد مرت تسعة أشهر تقريباً علي الثورة ولم يبد في الأفق ما يبعث علي الاطمئنان. ففي الوقت الذي وصلت فيه تونس إلي شاطيء الأمان بعد ثورة الياسمين وصلنا نحن في مصر إلي حالة ضبابية اختلط فيها الحابل بالنابل ولم نشهد حتي الآن نتائج فعلية للثورة وقد أدهشني لأول مرة تقرير من صحيفة معاريف الإسرائيلية يؤكد واضعوه أن الثورة أطاحت بمبارك كرئيس وكانت مجرد إطاحة رمزية فقط وليست جذرية حيث بقي كل شيء علي ما هو عليه وهذه نفس النتيجة التي يتداولها المثقفون بل ورجل الشارع أيضاً. * والتقرير الذي نشرته الصحيفة ذهب إلي أبعد من ذلك بأن مصر قد تشهد ثورة جديدة ستكون أكثر عنفاً من ثورة 25 يناير التي قامت بها الطبقة الوسطي لأن من سيحركها هذه المرة ستكون الطبقة المعدمة التي زادت عليها الضغوط وأصبحت تعاني كثيراً من أجل البقاء علي وجه الأرض وفي سجلات الأحياء. * لا أنكر دور الصحف والإعلام الإسرائيلي في إشاعة روح الاحباط والتحريض علي الثورة منذ قيامها وأشرت إلي ذلك عدة مرات في هذا المكان ولكن هذا التقرير بالذات.. أتمني أن يأخذه من يحكمون مصر الآن في هذه المرحلة الدقيقة بعين الاعتبار. وعليهم أن يدركوا أن الطبقة المتوسطة التي أيقظت الثورة وكانت وقوداً لها وتراجع مثقفوها إلي الوراء ولم يصبح لهم دور في المطبخ السياسي ولم يمسكوا بزمام الثورة والتغيير كما حدث في تونس هو الذي أوصلنا إلي هذه الحالة من االقلق الذي يصل إلي حالة الفزع والخوف من القادم. والقادم هذه المرة طبقة لا تعترف بالكلام ولا تتناقش في ديمقراطية وأسلوب حكم ودستور وانتخابات وغيره إنها طبقة معدمة يتراجع بها الحال وتتدهور حياتها اليومية وتعيش تحت خط الفقر.. طبقة ستكون ثورتها هوجاء ودموية وعنيفة ولن تردد شعار سلمية سلمية. * ستأتي علي الأخضر واليابس وستحترق مصر وتدخل في نفق مظلم سنوات وسنوات.. وقبل أن يحدث هذا لابد من الإسراع في حسم كل الأمور العالقة والانتباه جيداً إلي الوضع الاقتصادي وانقاذه بأي شكل وبأي طريقة لتخفيف العبء والضغط علي هذه الطبقة التي تمثل أكثر من 55% من الشعب المصري.. لابد من الإسراع في الانتقال إلي الدولة المدنية وتسليم الحكم لها.. ورئيس مدني منتخب وحكومة تكنقراط قوية تلبي مطالب الناس. * كل تأخير أو تلكؤ أو مراوغة في تحقيق مطالب ثورة يناير واجتثاث النظام السابق من جذوره ووضع حد للفساد.. وكل تأخير في الانتقال إلي دولة مدنية.. أعتقد أنه يقربنا إلي نتائج ومصائب ليست في الحسبان ووقتها سيندم الجميع وسيتسع الخرق علي الراتق.