منذ سنوات طويلة شاهدت فيلما بعنوان "الحياة الزوجية" للمخرج الفرنسي أندريه كايات "1909 1989" وبطولة ماري جوزيه نات وجاك كاريير. أتذكر أنه من الأعمال التي استقرت في الذاكرة عندما شاهدته لأول مرة ضمن الروائع السينمائية التي كان يعرضها "نادي سينما القاهرة" في "سينما أوبرا". وأدهشتني جدًا تجربة الفيلم التي كانت الأولي التي تعالج الحياة الزوجية من وجهتي نظر متباينتين إحداهما للزوج والأخري للزوجة بعد انفصالهما. نفس الأحداث. ونفس الأماكن. والزمان ولكن من منظور آخر يجيب علي سؤال واحد لماذا تقطعت سبل التواصل بين اثنين جمعت بينهما الحياة الزوجية ثم اضطرا للانفصال. "الزوج" في الفيلم الفرنسي واسمه جان مارك يستعيد أحداث الماضي التي أعادت تصويرها الزوجة "فرانسواز" مع الأسباب التي أوصلتهما إلي طريق مسدود والمدهش وهذه فطنة المخرج وهو رجل قانون "محامي" وروائي وقد ألف الرواية التي بني عليها الجزأين من خلال ملاحظاته وتجربته هو الشخصية كمحام مرت عليه الكثير من قضايا الأحوال الشخصية أقول المدهش أنه لم يقدم إدانة ولا وجهة نظر ترجح احدهما علي الآخر. ومن الطبيعي أن يطفو الفيلم إلي سطح الذاكرة علي الأقل فكرته الرئيسية وبناؤه الدرامي من جزأين. عندما بدأ التليفزيون المصري في عرض مسلسل "أنا شهيرة. الأنا الخائن" الذي يقوم علي نفس الفكرة.. فقد تختلف الأسباب التي تؤدي إلي الانفصال من بيئة إلي أخري ولكن النهاية واحدة. والفيلم في جزأيه تدور وقائعه في زمن محدود بينما العمل الدرامي المصري يطول علي امتداد 60 حلقة مقسمة بين وجهتي نظر "شهيرة" و"رءوف" "ياسمين رئيس وأحمد فهمي". مر علي إنتاج الفيلم 54 سنة "1964" بينما المسلسل المصري تدور أحداثه الآن في هذا الزمن ومع ذلك فقد تختلف البيئة والظروف الثقافية والتفاصيل الخاصة بالأسرة والعلاقة الزوجية في المجتمعين الأوروبي والمصري. ويظل الموضوع قابلاً للتناول في أي مكان وزمان آخر. الفيلم مأخوذ عن رواية وكذلك المسلسل الذي كتبت قصته المؤلفة نور عبدالمجيد في رواية بنفس الاسم صدرت في جزأين عام .2013 والعملان سينما وتليفزيون ينتميان إلي نوع "الدراما الأسرية" أو المنزلية وهي نوعية قديمة ورائجة وعلي درجة كبيرة من جدا من الأهمية وأيضا الجاذبية بالنسبة لجمهور الشاشة الصغيرة بالذات. حيث التليفزيون يمثل المصدر الرئيسي للترفيه وجمهوره يمثل أضعاف أضعاف جمهور السينما. وبطبيعة الحال تحتل النساء الجانب الأكبر من المشاهدين لهذا النوع الدرامي. المادة الموضوعية للدراما التليفزيونية الأسرية تعتمد بشكل رئيسي علي الأسرة المتوسطة. الطبقة العليا أو الدنيا منها. وفي إطار مجتمع بعينه تحكمه ثقافة وتقاليد بعينها ومن ثم يضم المسلسل مجموعة من الشخصيات في سيرورة حياتهم وعلاقاتهم مع بعضهم البعض ونوع استجاباتهم للأحداث التي تتكشف تباعا مع توالي الأيام. والأحداث في الأغلب عادية وكذلك الشخصيات لتتشابه كثيرا مع حياة معظم المشاهدين. ومن الطبيعي أن يختار الكاتب أو الكاتبة الأحداث الأكثر إثارة وتأثيرا وانعكاسا بالسلب أو الإيجاب علي أفراد الأسرة ثم يبقي الاختيار الواعي لأنواع المشكلات وتحديد الانتماءات للشخصيات في ظل مجتمع متغير ومتطور ويواجه تحديات كثيرة هو الفيصل عند تحديد قيمة "الدراما" فنيا وموضوعيا. المسلسل المصري "أنا شهيرة.. أنا الخاين" يختار موضوع الخيانة كأحد الأمور الهدامة لاستقرار الأسرة. وإن كانت ليست الشيء الوحيد الذي يمكن أن يهدم هذا البناء الذي يقوم علي تفاصيل كثيرة وعناصر داخلية وخارجية ومنها ضغوط الحياة متعددة الوجوه والأسباب. ومن الأشياء الإيجابية في المسلسل اختيار ياسمين رئيس التي اكتسبت شهرتها في السينما وبالذات بعد فيلم "فتاة المصنع" للمخرج الراحل محمد خان ولا أتصور أنها معروفة بالنسبة للجمهور المستهدف داخل البيوت الأمر الذي يكرس "عادية" الشخصية ومصداقيتها بمعني أنها مثل أي واحدة من السيدات الجالسات أمام التليفزيون وليست "النجمة" المألوفة التي مثلت أمامهن أدوارا مختلفة.. انه العمل الدرامي الأول لهذه الفنانة والتي حققت بالتأكيد من خلاله مكانة أكبر من خلال شخصية "شهيرة" ودورها وسط مجموعة من الممثلين الكبار.