للوسطِ الثقافي شروطى وضوابِط. قد تبدو لك وأنت ترصدُها وتتأمّلها أنها غير نظيفةي وغير بريئة. لكنك لا تملِك تغييرَها. لأن جزءًا كبيرًا منها متعلقى بثقافتك العربية. وجزءًا آخَر متعلقى بطبيعة المشاركين في تجليات الثقافة مِن مبدعين. ليس في مصرَ ولا في الوطنِ العربي فقط. بل ربما في العالَم كله.. لكنك في مِصرَ ولأسبابي تتعلق بالجَهل والفَقر والمَرض ستجِدُها في أجلَي صورِها بيانًا .. ومِن ضِمن هذه الشروط والضوابط. أن تكون مستوعبًا لتجلياته وإفرازته تجليات وإفرازات الوسط - علي مستوي الممارسات والتصرفات التي يأتي بها البعض. وأن تلتمِس الأعذارَ فيه لِمَن حولك. فبعضُهم مريض. وبعضُهم فقير. وبعضُهم جاهلى أو أحمَق.. رغم ما يبدو ظاهريًا مِن سلامةي وحيوية. مِن ذلك مثلا. أن تَندِهش مِن أن كثيرين يُعادونَك ويخاصمونَك في أنفسِهم - لا لشيء إلا لأنك مستمِرى فيما أنت فيه!! كأنْ تَطبع كتابًا. أو تحصل علي جائزة. أو تشارك في مؤتمر. ولا أقصِد بذلك الذين يَختلِفون معك حول ما أنت بصددِه. لكنني أقصدُ ذلك الشعورَ الذي يَعتمِل في نفوس هؤلاء الكثيرين مِن النقمةِ والحَنقِ عليك أيضًا لا أحدّثُك عن الحَسد؛ فأنا لا أؤمِنُ به أصلا يكون المرءُ صديقَك أو صاحِبَك في الوسط الثقافي. فيمُرُّ علي مُنجزِك الذي هو طَبْعُ كتابي أو حصولك علي جائزة. فكأنه لم يَسمع به. بل كأنه لم يحدثْ .. تَذكّرْ أنني أحدثُك عن صديقِك أو صاحبِك وأغُضُّ الطرْفَ عمّن ليسوا كذلك؛ فتَجَاهُلُ الذين ليسوا كذلك لك. أمرى طبيعي ومفهوم. وكأنه كان المُفترَض ألا تَطبَع كتابَك. أو كان عليك أن تَستأذِنَه قبل حصولك علي الجائزة. أو تَنال رِضاه قبل مشاركتِك في المؤتمر! الجائزةُ التي حصلتَ عليها كبيرة. وربما تكون دولية. أو الكتاب الذي أصدرتَه بدا مهمًا وشاركتْ دوائرُ كثيرة في مناقشتِه. أو المؤتمر كان عالميًا وكان جزءًا مِن اهتمام صاحبِكَ أو صديقِك. لكنه رغم كل ذلك لا يكلِّمُك. ولا يَكتب لك. وربما يلقاك ويعانقك ويضحك معك ..!فلا تَحزَن. ولا تَأسَ. ولا تبتئِس. وامْضِ قُدُمًا. وإيّاكَ ثم إيَّاك أن تنزلق في مُلاسَنةي أو ردي علي مَن يَشتمونَك أو يُعرّضونَ بك. يمكنك أن ترَد عليهم بلطفي وأدب. ففيهم الأحمق. وفيهم المريض. وفيهم الموتور. وَفِيهم الفاجِر الذي لا يتورَّع عن الخوض في عِرضِك وشرفِك كَذِبًا وادِّعاءً. وفي الناس مَن هُم علي استعدادي تامي لتصديق كل كلمةي. مُرّ علي ما يقولون أو ما يَكتبون مُبتِسَمًا. وتذكَّرْ دائمًا أن ترفًّعَك عن المُلاسَنة فيه ما فيه مِن احترامِكَ لنفسِك أكثرَ مِن أن يكون فيه احترامى لمن يُلاسِنك. أو يعرِّض بك.