هل فكرت مرة تأخذ موعداً مع نفسك تجلسان سوياً لا يشغل أحدكما شيء عن الآخر؟ وهل تعلم أن هذه الجلسة ستكون من أثمن ما يمكن إذا كانت صادقة حيادية بنية خالصة. وقد تكون بداية نقلة جديدة في حياتك تقفز بك خطوات إلي الأمام وتخرج منها بقرارات مصيرية سبق أن أرجأتها طويلاً؟ باختصار إذا توافرت في هذه الجلسة الشروط اللازمة ستجد نفسك بعدها قد ولدت من جديد ومن أول هذه الشروط الورقة والقلم لتخرج من خلالهما محتويات تفكيرك بنظام وبلا تشويش. تخيل نفسك في عملية غسيل مخ ذاتي تخرج كل ما فيه من أمور معقدة ومتشابكة تشغلك طوال الوقت تشعر بأنها سر تأخرك في حياتك فبمجرد أن تبدأ في تفريغها علي الورق بتفاصيلها الدقيقة سيضيء عقلك باقتراحات وحلول لم تكن تتصورها من قبل.. لا أقصد هنا الشرود و"السرحان" الذي تظن فيه أنك تجلس مع نفسك والذي لا يمر يوم إلا ونغرق فيه جميعاً بدرجات متفاوتة علي مدار ساعات اليوم ونحن نؤدي طقوسنا التقليدية والذي تقودك فيه أفكارك حيث تشاء: ذكريات. أحلام يقظة. هموم. ولكن ما أعنيه في هذه الجلسة أن تكون أنت "المايسترو" المتحكم فيها لتقودها حيث تشاء. لهذا ليس الأمر سهلاً فستجد نفسك تراوغك طويلاً وتسوف وتؤجل لأنها تعرف أنك ستخرج بها من دائرة الارتياح فيما اعتادت عليه إلي مرحلة جديدة وعادات مختلفة ستحتاج فترة من المجاهدة حتي تعتادها وتلك هي طبيعة النفس البشرية. فقد تظل ترتب لهذا اللقاء طويلاً وفي النهاية نستسلم وترجئه لأجل غير مسمي وقد يمضي بك العمر كله ولا تجلس مع نفسك جلسة عميقة صادقة فيفوتك الكثير مما يصعب تعويضه. فمن جرب هذا اللقاء وحصد ثمراته يجعله عادة منتظمة في حياته لأنه عرف نتائجها بالتجربة الفعلية ورأي آثارها في حياته هو وعلي كل البارزين الناجحين علي مستوي العالم ممن يقدسون الإجازات الحقيقية التي يصفون فيها أذهانهم ويتفرغون لأنفسهم لتقييمها وتطويرها فيخرجون بأفكار مبهرة يستحيل عليهم الوصول إليها وسط زخم الدنيا وطاحونة العمل التي تخدع بها ضمائرنا بأننا نفعل ما علينا وزيادة متناسين أن النجاح الحقيقي في التوازن وإعطاء كل شيء حقه ومستحقه وإلا سنظل نجري في نفس المكان ولا نتحرك خطوة واحدة للأمام لأننا لا نعرف السر.