العلاقات المصرية السعودية.. عصية علي التآمر والفتن أمن الخليج امتداد للأمن القومي المصري.. والمساس به خط أحمر حديث الأمير للصحفيين.. تبيان للحقائق وباعث علي التفاؤل مشيخة الأزهر والكنيسة المصرية.. عراقة الدور والمكانة زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلي القاهرة منذ أيام تحمل دلالات عديدة. وتكتسب أهمية خاصة بالنظر إلي توقيتها المهم الذي يسبق زيارة سمو الأمير للمملكة المتحدة "بريطانيا" ومن بعدها الولاياتالمتحدةالأمريكية. ما يعني ضمنا أن تنسيق المواقف مع مصر خطوة ضرورية فيما يخص قضايا أمتنا العربية التي تواجه مخاطر وتهديدات غير مسبوقة تستهدف تفتيت دول المنطقة وإثارة الفوضي في ربوعها. حتي تتحول إلي دويلات متناحرة ضعيفة ولقمة سائغة في أفواه القوي الكبري وربيبتها إسرائيل التي تصارع وتستغل ظروف الأمة العربية لتصبح هي الأقوي فتلتهم الحقوق الفلسطينية ولتموت قضية العرب المركزية. قضية فلسطين. ويصبح الصراع العربي الإسرائيلي. صراعاً إسرائيلياً فلسطينياً. من ناحية. وصراعاً عربيا عربيا من ناحية أخري. وللأسف من يخططون للفوضي ويدبرون المؤامرات في منطقتنا المنكوبة بالصراعات والحروب يستخدمون دولا عربية وإسلامية كمخلب قط أو رأس حربة لتنفيذ هذا المخطط الأثيم وتوسيع هوة الشقاق بين الدول العربية والإسلامية بعضها بعضا. وهي دول ارتضت لنفسها هذا الدور التآمري الخبيث فتحولت إلي شوكة في خاصرة العرب وفي حلقهم. وباتت مصدر خطر عظيما. تثير العداوات وتختلق النزاعات وتلبس ثوب الواعظين أحيانا وتنتهز الفرصة لتنقض كالثعلب علي الجميع. وتخوض الحروب بالوكالة.. والنتيجة مزيد من استنزاف العرب وإضعافهم لحساب الغير المتربص بالجميع. الرئيس عبدالفتاح السيسي استقبل ضيف مصر العزيز بحفاوة وترحاب يعكسان عمق العلاقات الأزلية القوية بين البلدين الشقيقين عمود الخيمة في المنطقة العربية والشرق الأوسط.. وهي علاقات لن يفلح كائن من كان في إفسادها أو حرفها عن مسارها الطبيعي الآخذ في القوة والرسوخ في ظل القيادة الرشيدة للدولتين.. تعددت محاور النقاش والتباحث بين الرئيس السيسي وسمو الأمير محمد بن سلمان. وتصدر الوضع في المنطقة وقضاياها اهتمامهما واتفق الجانبان علي مواصلة العمل المشترك للتصدي لأي محاولة للتدخل في الشأن العربي أو إحداث الفرقة أو إشاعة مخطط تقسيم المنطقة. والعمل معا كجبهة واحدة لصد المخاطر ومجابهة التحديات التي تواجه المنطقة العربية وعلي رأسها الإرهاب والدول الداعمة له هنا وهناك. ومن جديد أعاد الرئيس السيسي التأكيد علي حقيقة جلية في سياسة مصر الخارجية ألا وهي أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. وعدم السماح بالمساس به بأي صورة أو من أي طرف. وسيكون التصدي لأي تهديد تتعرض له أي دولة خليجية حاسما وحازما وفوريا وهذا موقف مصري ثابت لا يتزحزح إزاء أمن شقيقاتها من الدولة العربية وهي تعتز بأواصر عروبتها وتتمسك بقوميتها ولا تفرط في الثوابت العربية مهما تكن الظروف والأحوال. * الرئيس السيسي أكد حرص مصر الدائم علي تمتين أواصر التعاون المشترك مع المملكة العربية السعودية في شتي المجالات. في ظل ما يربط البلدين من علاقات وثيقة وعميقة وتاريخية وما يجمعهما من مصير واحد. وهو تعاون أثمر توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية في قطاعات عديدة ستعود بالخير علي شعبي البلدين الشقيقين. وجاء في مقدمتها التوقيع علي اتفاقية برنامج تنفيذي بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر ونظيرتها في السعودية لدفع حركة الاستثمار بين الجانبين كما جري التوقيع علي اتفاقية أخري في مجال البيئة والحد من التلوث. صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حرص علي لقاء عدد من رؤساء تحرير الصحف في جلسة نظمها سفير المملكة العربية السعودية بالقاهرة السفير أحمد قطان عميد السلك الدبلوماسي العربي والذي سيشغل قريبا منصب وزير المملكة للشئون الافريقية وخلال اللقاء حرص ولي العهد السعودي علي توضيح عدة أمور شغل بعضها الرأي العام في مصر والسعودية وعدد من الدول العربية.. ووجه الرجل في الحقيقة عدة رسائل غاية في الأهمية وفي مقدمتها متانة العلاقات المصرية السعودية وصلابتها. وأنها من القوة بحيث تستعصي علي كل محاولات التعكير أو الوقيعة أو التوهين.. وثانية الرسائل أن الرئيس السيسي أطلق "الهمة الفرعونية" في شرايين شعب مصر وأوجد حالة نشاط وعمل وأمل كبيرة في مصر الأمر الذي انعكس علي معدل النمو.. وقال الأمير محمد بن سلمان بالحرف الواحد: "كنت فاقدا الأمل تماما أن تقوم مصر.. وكنت أدعو الله ألا تنهار.. وما رأيته في زيارتي لمصر أكد لي أن الله استجاب دعائي. حيث رأيت تفاعلا كبيرا في مستقبل المنطقة. لأن مصر عندما تقوم فالمنطقة كلها تستطيع أن تنهض". وفي رسالته الثالثة أكد الأمير الشاب أن مشروع نيوم سيشهد تعاونا مشتركا بين مصر والسعودية. وسيؤدي إلي رخاء البلدين علي الصعيدين الاقتصادي والسياحي. خصوصا ان المشروع مقدر له استثمارات ضخمة تفوق الخيال. وسوف تشارك مصر والسعودية في أحد جوانبه من خلال المشروعات التي سوف يجري تنفيذها علي الأراضي المصرية. فمصر سوف تشارك بالأراضي وتقوم السعودية بتشييد انشاءات ضخمة والاستثمار فيها.. ويجري حاليا عمل الدراسات اللازمة. * كلام ولي العهد السعودي يدحض كذب ما تنشره القنوات الإخوانية. وما يروجه ضيوفهم المأجورون من افتراءات تزعم أن مصر سوف تبيع جزءا من أرض الفيروز للسعودية لإنشاء مشروع نيوم السياحي عليها. وهو المشروع الاضخم والأرقي عالميا. والذي سوف يسحب البساط من تحت اقدام دول تعتمد في جزء كبير من دخلها القومي علي السياحة الشاطئية وأكد سمو الأمير محمد بن سلمان أن المشروع سيجذب ملايين السائحين وسيجعل الانتقال بين ضفتي المشروع ميسورا لا يتجاوز مسافة 3 كيلو مترات فقط بعد انشاء جسر الملك سلمان. والمشروع يعطي للشواطئ المصرية في خليج العقبة دفعة كبيرة ويمنحها أهمية سياحية مضاعفة. * الرسالة الرابعة والمهمة في زيارة ولي العهد السعودي لمصر هي التأكيد علي أن هناك منطلقات جديدة للتعاون التجاري بين البلدين. انعكست بشكل ايجابي علي تعزيز مسار العلاقات الاقتصادية وتفتح آفاقا جديدة لهذا التعاون. وتشجع قطاعي الأعمال في البلدين وتزيد قوة التفاعل والترابط بينهما. أما الرسالة الخامسة في زيارة الأمير محمد بن سلمان لمصر فقد تمثلت في زيارته لمشيخة الأزهر ولقائه بالإمام الاكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. وقد عظم الأمير خلال الزيارة دور الأزهر الشريف قلعة الوسطية والاعتدال والاستنارة. معربا عن تقدير بلاده لدور الأزهر وعلمائه مؤكدا انه أحد منارات الفكر الإسلامي وركائزه. ولم ينس الأمير أن يقوم بزيارة تاريخية هي الأولي من نوعها للكاتدرائية المرقسية بالعباسية. والتقي خلالها البابا تواضروس الثاني. وقد أكد الأمير أن الكنيسة المصرية لعبت دورا وطنيا. وأن الأقباط وشهداءهم "غاليين" علي المسلمين مؤكدا أن القرآن الكريم يقول "لكم دينكم ولي دين" وأن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم تزوج بمارية القبطية وأن الفاروق عمر بن الخطاب صلي بجوار الكنيسة حتي لا تتحول إلي مسجد.. وفي ذلك شواهد تاريخية تؤكد أهمية التراحم والتعايش والتآزر بين الشعوب والأمم.. انتهت زيارة الأمير لمصر لكن رسائل الزيارة لم تنته.