اللغةُ وعاء جامع للثقافة والهوية .. تحيا بالاستعمال وتموت بالإهمال.. وقد شرف الله سبحانه لغتنا العربية فجعلها لسان قرآنه الخالد .. لكنها . لأسباب عديدة. تراجعت . تاركة مكانها لغيرها. حتي بات إعلامنا وتعليمنا وأحاديثنا اليومية تغص بأخطاء فاجعة.. وتحاول السطور الآتية تصويب الأخطاء الشائعة .وتبسيطً القاعدة النحوية. وتبيان الدلالات العبقرية لآيات الكتاب العظيم. دلالات قرآنية قوله تعالي "إياك نعبد وإياك نستعين". قدم المفعولين لنعبد ونستعين وهذا التقديم للاختصاص لأنه سبحانه وتعالي وحده له العبادة لذا لم يقل نعبدك ونستعينك لأنها لا تدل علي التخصيص بالعبادة لله تعالي . أما قوله تعالي "إياك نعبد" فتعني تخصيص العبادة لله تعالي : وحده وكذلك في الاستعانة "إياك نستعين" تكون بالله حصرا. أما لماذا كررت إياك مع فعل الاستعانة ولم يقل إياك نعبد ونستعين؟ التكرار يفيد التنصيص علي حصر المستعان به لو اقتصرنا علي ضمير واحد "إياك نعبد ونستعين" لم يعني المستعان إنما عني المعبود فقط ولو اقتصرنا علي ضمير واحد لفهم من ذلك انه لا يتقرب إليه إلا بالجمع بين العبادة والاستعانة بمعني انه لا يُعبد بدون استعانة ولا يُستعان به بدون عبادة. يفهم من الاستعانة مع العبادة مجموعة تربط الاستعانة بالعبادة وهذا غير وارد وإنما هو سبحانه نعبده علي وجه الاستقلال ونستعين به علي وجه الاستقلال وقد يجتمعان لذا وجب التكرار في الضمير إياك نعبد وإياك نستعين. التكرار توكيد في اللغة . في التكرار من القوة والتوكيد للاستعانة فيما ليس في الحذف. إياك نعبد وإياك نستعين : أطلق سبحانه فعل الاستعانة ولم يحدد نستعين علي شيء أو نستعين علي طاعة أو غيره . إنما أطلقها لتشمل كل شيء وليست محددة بأمر واحد من أمور الدنيا. وتشمل كل شيء يريد الإنسان أن يستعين بربه لان الاستعانة غير مقيدة بأمر محدد. وقد عبر سبحانه عن الاستعانة والعبادة بلفظ ضمير الجمع "نعبد ونستعين" وليس بالتعبير المفرد أعبد وأستعين وفي هذا إشارة إلي أهمية الجماعة في الإسلام لذا تلزم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة وتلزم أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين مرة . وفيها دليل علي أهمية الجماعة عامة في الإسلام مثل الحج وصلاة الجماعة . الزكاة . الجهاد .الأعياد والصيام. إضافة إلي أن المؤمنين إخوة فلو قال إياك اعبد لأغفل عبادة إخوته المؤمنين وإنما عندما نقول "إياك نعبد" نذكر كل المؤمنين ويدخل القائل في زمرة المؤمنين أيضاً. من لطائف العرب المشورة قال النبي صلي الله عليه وسلم: ما ندم من استشار. ولا خاب من استخار. وقدر أمر الله تبارك وتعالي نبيه عليه الصلاة والسلام بمشاورة من هو دونه في الرأي والحزم. فقال: "وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله". ولما همت ثقيف بالارتداد بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم استشاروا عثمان بن أبي العاص. وكان مطاعاً فيهم. فقال لهم: لا تكونوا آخر العرب إسلاماً. وأولهم ارتداداً. فنفعهم الله برأيه. وسئل بعض الحكماء: أي الأمور أشد تأييداً للفتي وأيتها أشد إضراراً به؟ فقال: أشدها تأييداً له ثلاثة: مشاورة العلماء. وتجربة الأمور. وحسن التثبت. وأشدها إضراراً به ثلاثة أشياء: الاستبداد والتهاون والعجلة. وكان عبد الله بن وهب الراسي يقول: إياكم والرأي الفطير. وكان يستعيذ بالله من الرأي الدبري. وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: رأي الشيخ خير من مشهد الغلام. وكان المهلب يقول: إن من البلية أن يكون الرأي بيد من يملكه دون من يبصره. العتبي: قال: قيل لرجل من عبس: ما أكثر صوابكم! قال نحن ألف رجل وفينا حازم واحد. فنحن نشاوره. فكأنا ألف حازم. قال الشاعر: الرأي كالليل مسود جوانبه ... والليل لا ينجلي إلا بإصباح فائدة نحوية جزْمُ الفعلِ المضارعِ يجزم الفعل المضارع إذا سبقه حرف جازم كالحروف الآتية. وهي: "لم". و "لا الناهية". و "إنْ". "لم". و "لا الناهية" تجزمان فعلاً مضارعاً واحدا. والحرف الأول ينفي حصول الفعل في الماضي. والثاني ينهي عن عمل الفعل. إنْ". تجزم فعلين. وتفيد أن حصول الفعل الأول شرط في حصول الفعل الثاني. أخطاء شائعة يقولون: ما آليت جهدا. والصواب: ما آلوت جهدا؛ لأن معني الفعل "آلوت" قصرت. أما "ما آليت" فمعناها "ما حلقت". يقولون: آلمته رأسه. والصواب: آلمه رأسه؛ لأن كلمة الرأس تلزم حالة التذكير. يقولون: ملأ الكأس الفارغة. والصواب: ملأ القدح الفارغ أو الزجاجة الفارغة لأن "الكأس لا تسمي كأسا إلا وفيها الشراب".