الدين الإسلامي الحنيف أرسي معالم كثيرة من القيم التي ترتقي بالإنسان وتضعه علي الطريق المستقيم بعيداً عن الغلو والشطط والانحراف والتطرف. وهذه القيم إذا التزم بها المسلم فإن الحياة تمضي به محبوباً من كل المتعاملين معه وطالما أن هذه القيم بضوابطها تمتلك الوجدان فإنها تتوافق مع الفطرة التي فطر الله الإنسان عليها وذلك في إطار قوله سبحانه وتعالي "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون" 30 سورة الروم. ولذلك صارت هذه صفات وسجية سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وصار امتثال القرآن الكريم له خلقاً. فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه فصار صلي الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وحياء وكرماً وشجاعة وحلماً وكل خلق جميل ملازم له صلي الله عليه وسلم وقد عرف بهذه الصفات الطيبة حتي قبل أن يبعثه الله للناس رسولاً. وقد عرفه أهل مكة جميعاً بأنه الصادق الأمين. وصدق رب العالمين حين وصفه صلي الله عليه وسلم في سورة القلم بقوله تبارك وتعالي: "وإنك لعلي خلق عظيم" 4 القلم. القيم الإسلامية الخالدة تجسدت في كل تصرفات سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم ومن هذه القيم الخالدة حسن الخلق والتسامح.. وقد استطاع سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أن يغرس تلك القيم في نفوس الذين استجابوا لدعوة الحق التي جاء بها صلي الله عليه وسلم وهي كثيرة وآيات القرآن حافلة بها وقد جاء في الصحيحين أن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عندما سئلت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وأخلاقه قالت رضي الله عنها: كان خلقه القرآن. وفي رواية أخري : كان قرآناً يمشي علي الأرض.. كل القيم الخالدة قد تجسدت في سلوكياته صلي الله عليه وسلم. وكان يقابل السيئة بالحسنة والشواهد في سيرته صلي الله عليه وسلم متعددة وقد كانت هذه القيم الإنسانية الخالدة ملازمة له صلي الله عليه وسلم وما جري يوم فتح مكة يعتبر أبلغ دليل علي تلك القيم التي امتاز بها صلي الله عليه وسلم علي سائر البشر فها هو صلي الله عليه وسلم قد مكنه الله عز وجل من الانتصار علي هؤلاء الذين أذوه ودبروا لقتله ووقفوا له بالمرصاد لكنه صلي الله عليه وسلم قد كان حسُن الخلق والتسامح وكل القيم الإنسانية قد تجسدت في يوم الفتح العظيم فقد جاءه أهل مكة وكفارها قائلين: ماذا أنت فاعل بنا؟ فكان رده صلي الله عليه وسلم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا إجابة علي هذا التساؤل: أخ كريم وابن أخ كريم. وفي غمار هذا الخضوع وذلك الانتصار قال صلي الله عليه وسلم: اذهبوا فأنتم الطلقاء وعفا عنهم وصدق الله سبحانه وتعالي حين وصفه بالرءوف الرحيم وهذه القيم الخالدة التي كانت ملازمة لرسول الله صلي الله عليه وسلم هل نتأسي برسول الله ونتمسك بالخلق الحسن والتسامح ونلتزم جميعاً بها ولتكن الآية الكريمة في سورة آل عمران نبراساً يضيء لنا الطريق للالتزام بتلك القيم الخالدة لكي نحظي برضا رب العباد. فيقول ربنا سبحانه وتعالي منادياً سائر المسلمين: "وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" من هم يا ربنا: الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" ولعل حسن الخلق والتسامح يظهران بكل الوضوح في معاني ذلك القول الكريم من رب العالمين. وما يزيد الأمر وضوحاً أن رب العالمين فتح أبواب رحمته لكل الناس حتي من ظلم نفسه أو ارتكب فاحشة يقول الله سبحانه "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون" والجزاء لهذا الالتزام بتلك القيم: "أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين" نسأل الله عز وجل أن يلهمنا الالتزام بحسن الخلق والتسامح والعفو ونذكر أنفسنا وكل الصالحين من المسلمين للتمسك بالقيم الإسلامية الخالدة وأن يكون حسن الخلق والتسامح والعفو في صدارة هذه القيم ونسأل الله الهداية والتوفيق لكل العباد المسلمين المخلصين!! لأنه وحده هو القادر علي ذلك!!