في السنوات الأخيرة من الخمسينات من القرن الماضي.. قررت الحكومة انشاء شركة للحديد والصلب.. وقد اطلق علي هذه الشركة في بداية عهدها قلعة الصناعة المصرية.. وكان عبدالناصر مهتماً بها وبتطوير انتاجها.. ولكن لوحظ ان العمال لا يقدسون مواعيد العمل ويكثرون من الغياب الأمر الذي يمنع أي تطوير أو تقدم فيها لدرجة ان زكريا محيي الدين وقف في مجلس الأمة "الشعب حاليا" وأعلن ان في مصانع الحديد والصلب مشكلة صنعها العمال انفسهم حيث اشارت التقارير إلي ان نسب الغياب في مصانع حلوان بلغت 21% وهو رقم ضخم ومفزع. وتقرر ان تستعين هذه المصانع بخبراء من الاتحاد السوفيتي.. لادارتها.. ويروي السفير صلاح الشعراوي انه اثناء احتفال السفارة المصرية بالعيد القومي يوم 23 يوليو 1966 بأنه اختلي به نائب رئيس العلاقات الاقتصادية الخارجية وقال ارجو ان تبلغ القيادة المصرية في القاهرة- بأن زيادة نسب الغياب في مصانع الحديد والصلب هو الذي جعلكم تطلبون منا القيام بإدارة المصانع.. نحن غير عاجزين عن القيام. بهذه المهمة ولكن سبق ان لجأت مصر لشركات ألمانبة كشركة كروب وشركة أخري متخصصة لإدارة الاعمال الهندسية لكنهما فشلتا ليس لعجزهما بل لأن قوانين العمال عندكم تعطي حقوقا ولم تفرض علي العمال واجباتهم.. ورغم اننا دولة عمالية تقف دوما في صف العمال إلا اننا لا نستطيع إدارة هذا المصنع إلا بقوانيننا وعندنا إذا بلغت نسبة الغياب في احدي المؤسسات واحدا في المائة نقوم بمساءلة ثلاث جهات.. إدارة المصنع. ولجنة المصنع النقابية ولجنة الحزب بالمصنع ومن ثم .. فنحن قد نعتذر عن طلبكم مالم تضعوا قوانيننا في الاعتبار. ويضيف صلاح شعراوي.. قلت لمحدثي.. وهل تعتقد اننا في مصر يمكن ان نقبل النقد! ومازال غياب العمال المتكرر حاليا يشكل مشكلة كبيرة في المصانع ورجال الاعمال.. حتي أن بعض المستثمرين لجأوا في ظل النظام السابق إلي الاستعانة بعمال من الهند ومن جنوب شرق أسيا. وعندما تظلم العمال المصريون.. قالوا.. هؤلاء يحترمون قوانين العمال ولا يكثرون من الغياب بل لايغيبون أصلا إلا في العطلات المقررة. وبالتالي فإنهم لايعطلون الانتاج بل يزيدونه. وليت العمال المصريين يدركون هذه الحقائق ان كثرة الغياب تعني خسارة من كل الوجوه لدي العامل وصاحب العمل..!!