تصريحات محمد روكارا مستشار الرئيس البوروندي بيير كورونزيزا ومبعوثه الخاص إلي الرئيس حسني مبارك تؤكد ما سبق ان صرح به السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية بأن هناك دولا تتدخل في الشأن العربي وأنه يعرف اسماء هذه الدول وتصرفاتها ومواقفها بدقة. كما يعرف مساحة التدخلات لكنه لا يستطيع بحكم منصبه أن يفصح عنها حتي لا تحدث ازمات بينها وبين مصر. فماذا قال محمد روكارا الذي زار مصر مؤخرا وسلم رسالة من الرئيس البوروندي إلي الرئيس حسني مبارك؟ قال: إن هناك أطرافا من خارج أفريقيا تحقد علي الدور المصري في القارة. وعلي امكانياتها وقدراتها البشرية والاقتصادية. وأن هذه الاطراف التي رفض الافصاح عنها قامت بإحداث تشويش بين مصر ودول حوض النيل فيما يتعلق بحصة مصر من هذه المياه. هذا التصريح يضع النقاط فوق الحروف ويؤكد ان الموقف المعادي الذي أبدته غالبية دول منابع النيل تجاه مصر إنما جاء بناء علي تدخلات خارجية أحدثت وقيعة بين مصر والسودان من جهة وبين دول المنبع من جهة اخري. ومن الذي له مصلحة في محاربة مصر وحصارها اقتصاديا؟ وما هي الدولة التي تدخلت بقوة وعرضت علي الدول الافريقية مشاريع اقتصادية ضخمة. ومن أهمها بناء سدود علي روافد النيل في عدد من دول المنبع لحجز تدفق المياه عن مصر؟! كلنا نعرف من خلال ما تناقلته وكالات الانباء العالمية ونشرته الصحف ان اسرائيل هي التي تنفث هذا السم لخنق مصر اقتصاديا مما يؤثر بالتالي علي وضعها العسكري والاجتماعي.. ولا تستطيع اسرائيل ان تفعل ذلك بإمكاناتها الذاتية فمهما بلغت قوتها الاقتصادية فان الامر الذي لاشك فيه أن الولاياتالمتحدةالامريكية تساندها في ذلك بقوة. وقد سبق ان ذكرت في مقال لي نشرته بالصفحة الثالثة في المساء يوم السادس من شهر نوفمبر الحالي أن إسرائيل وأمريكا هما البلدتان الأساسيتان اللتان تتدخلان في الشأن العربي.. وكان ذلك تعليقا علي تصريحات السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية. وأوضح ان اثيوبيا هي التي تقود هذا الموقف ضد مصر. لأن تصريحات المسئولين فيها كانت تتسم بالعصبية والعدوانية. واوضح انها المخلب الذي استخدمته اسرائيل وأمريكا لتحقيق أغراضهما. لاشك أننا أخطأنا كثيرا عندما أهملنا الشأن الافريقي واسقطناه من حسابنا أو علي الاقل لم نعطه الاهتمام الذي يتناسب مع حجم مصالحنا في القارة ودول المنبع بالذات حتي فوجئنا بما لم يكن في الحسبان. لكن الحمد لله أننا بدأنا نتنبه ونتحرك وان كان ذلك جاء متأخرا ونرجو أن نركز علي بلد مثل بوروندي صاحبة الموقف المؤيد لمصر.. ونضم اليها دولا اخري لنضمن مصالحنا في مياه النيل. لا ينبغي ان نتهاون أو نتكاسل. فقد تعودنا أن ننشط ونهتم ونتحرك ثم نهدأ ويفتر حماسنا دون سبب واضح حتي نفاجأ بأن الامور عادت سيرتها الأولي.. ولو حدث ذلك فان الامر سوف يفلت من ايدينا وستكون عواقبه وخيمة.