قال السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية إنه يعرف أسماء الدول التي تتدخل في الشأن العربي وتصرفاتها ومواقفها بدقة.. كما يعرف مساحة هذه التدخلات لكنه لا يستطيع بحكم منصبه أن يفصح عنها حتي لا تحدث أزمات بينها وبين مصر. وكنت أود أن أعرف من السيد الوزير أمثلة لهذه التدخلات.. وهل تتناول جوانب سياسية واقتصادية وعسكرية.. أم ماذا؟ فإذا كان الوزير- بحكم منصبه- لا يريد أن يفصح عن أسماء الدول التي تتدخل في الشأن العربي. فليعطنا علي الأقل نماذج لهذا التدخل.. وهل يتم في شكل ضغوط علي الحكومات.. أم تهديدات مباشرة أو غير مباشرة؟! وهل هذا التدخل يشمل جميع الدول العربية أم أن هناك انتقاء لبعضها دون البعض الآخر.. بمعني أن يكون التدخل والضغط واقعاً علي الدول ذات التأثير في العمل العربي مثل مصر وسوريا والسعودية ولبنان والسودان والعراق وفلسطين وغيرها؟! نحن نعرف بالطبع أن هناك تدخلات ظاهرة وليست خفية علي السودان.. وهناك من الدول من يشجع بقوة علي تفتيت هذا البلد سواء من خلال انفصال جنوبه عن شماله أو من خلال ما يجري في إقليم دارفور.. والسودان كما نعرف هو العمق الاستراتيجي لمصر. هناك أيضاً تدخلات في العراق واضحة وتأثيرها ظاهر في عدم الاتفاق علي تشكيل حكومة عراقية حتي يظل هذا البلد في فوضي عارمة وتكون هناك حجة لاستمرار احتلاله وعدم خروج القوات الأمريكية والبريطانية منه. وهناك ضغوط لعدم التئام وحدة الصف الفلسطيني الذي انقسم علي نفسه بفعل فاعل. مما جعل الإسرائيليين يتعسفون في مواقفهم حتي لا تقوم قائمة للدولة الفلسطينية. وهناك ضغوط علي لبنان تهدد بقيام حرب أهلية بين لبنان الرسمي وحزب الله لإضعاف الأخير وتأمن إسرائيل شر قوته خاصة بعد أن أثبت أنه شوكة فعلاً في ظهرها. وهناك ضغوط علي دول الخليج العربي لتقف موقفاً معادياً لإيران بحجة أن السلاح النووي الإيراني لا يمثل تهديداً إلا للدول الخليجية. هناك تدخلات في اليمن وفي الصومال وفي موريتانيا.. وكلها تدخلات تهدف إلي منع قيام ائتلاف عربي علي سياسة موحدة تجاه المشاكل التي تهدد حياتهم ووجودهم. ودعني أكون صريحاً يا سيادة الوزير.. هناك ضغوط علي مصر خاصة في مجال التنمية الاقتصادية لأن مصر القوية اقتصادياً ستكون قوية سياسياً وعسكرياً وهذا ضد مصالح بعض الدول في المنطقة وبعيداً عن المنطقة. أما ما هي هذه الدول.. فالكل يعرفها ولست مضطراً للكشف عنها.. فهي مثل الفزورة التي تقول: "هناك حيوان صغير بأربعة أرجل ويصيح صيحته المعروفة.. نو.. فما هو؟! لسنا في حاجة يا سيادة الوزير أن تقول لنا إن أمريكا وإسرائيل هما البلدان الأساسيان اللذان يتدخلان في الشأن العربي.. فهما صاحبا المصلحة الأولي في عدم قيام ائتلاف عربي لأنه في قيام هذا الائتلاف تهديداً لمصالحهما. ويمكن لأمريكا أن تسند بعض الأدوار الجانبية لبلاد أخري مثل بريطانيا أو فرنسا أو غيرهما من دول حلف شمال الأطلنطي أو بعض دول منابع النيل مثل أثيوبيا.. وهذا واضح من الضغوط التي مارستها علي إنجلترا لتكون شريكاً أساسياً في حرب العراق.. كما أن دور فرنسا واضح في لبنان.. وهكذا. إذن.. الموضوع- أقصد موضوع التدخلات- لا يحتاج إلي جهد كبير لمعرفة الدول التي تتدخل في الشأن العربي.. لكن من المؤكد أن لدي الوزير تفاصيل أدق ووقائع محددة.. وهذا ما لا يستطيع أن يعرفه المتابع العادي للأحداث. لكني في النهاية أحيي الوزير السيد أحمد أبوالغيط علي جهده لطرح خيار الكونفيدرالية علي السودان في حال الانفصال فهذا أضعف الإيمان ونتمني له التوفيق.