في مؤتمر دعم زراعة القطن الذي شهدته محافظة المنيا منذ أيام توقفت أمام عدة اشارات ايجابية اطلقها وزير الزراعة د.عبدالمنعم البنا والمحافظ عصام البديوي. الاشارات في مجملها تندرج وبحق تحت بند رؤية أو برنامج متكامل لاحياء زراعة "الذهب الأبيض" كما كنا نسميه وكما كان يطلق عليه من قبل الفلاحين فقد كان الزواج للأولاد والبنات في الريف يتم عقب جني المحصول وخلال هذا الموسم تنتعش حركة البيع والشراء في كل شيء بمعني ان الفلاح أو المزارع كان يعتمد علي هذا المحصول اعتمادا كليا في اقتصاديات منزله وتلبية احتياجاته المعيشية بل والادخارية أيضا من العام للعام. وفجأة تراجع كل شيء وتقلصت المساحات من الأراضي المنزرعة بالقطن.. ولم يعد المحصول خيرا كما كان.. بل عبئا علي الفلاح الذي يقوم بزراعته ولا يجد له سوقا رائجة وبالتالي لا يحقق منه ما كان يحققه سابقا. كل هذا عانينا منه وعايشناه عشرات السنين دون ان نري تحركا علي الأرض للانقاذ خاصة ان القطن كانت تقوم عليه صناعات عديدة ابتداء من صناعة الملابس التي تجذب الملايين من الايدي العاملة ومرورا بانتاج الزيوت والتي أصبحنا نعتمد علي استيرادها من الخارج بعد تدهور هذه الزراعة ووصولا إلي انتاج العلف "الكسب" اللازم لتنمية الثروة الحيوانية وبالتالي تزايد اعتمادنا علي توفير ما نحتاج إليه من الخارج أيضا وبالعملة الصعبة.. وهكذا في أمور أخري كثيرة كانت تحققها هذه الزراعة التي تركناها فخسرنا كثيرا علي مستوي المواطن والدولة. تمثلت الاشارات الايجابية في مؤتمر دعم زراعة القطن العديد من النقاط التي يمكن رصدها وهي: * اعلان وزير الزراعة بالفم المليان ان القيادة السياسية كلفت الوزارة بوضع خطة للنهوض بزراعة القطن.. بما يعني بوضوح ان هناك اقتناعا كاملا بأهمية العودة وبسرعة إلي الطريق السليم الذي انحرفنا عنه وكانت النتيجة ما نحن فيه من تزايد الاعتماد علي الخارج في سلع كثيرة ومنتجات عديدة كانت توفرها هذه الزراعة وما يقوم عليها من صناعات بما يمثل ضربة للاقتصاد الوطني والناتج المحلي. * التأكيد علي انه سيتم تطبيق نظام الزراعة التعاقدية وبعقود موثقة بما يضمن شراء المحصول وهو الأمر الذي يشجع الفلاح ويجذبه لشعوره انه قادر علي بيع القطن فور الجمع من الأرض ولن يضطر إلي التدليل عليه أو تخزينة شهورا طويلة حتي يجد من يشتريه للحصول علي ناتج جهده وعرقه. * ان الوزارة استعدت للموسم الجديد بتوفير بذرة القطن التي تكفي لزراعة 350 ألف فدان وهي المستهدفة للموسم الجديد.. وكم نتمني ان تتضاعف المساحات في مواسم قادمة لنصل إلي الأرقام السابقة في زراعة القطن بل ونتخطاها. * تم العمل علي تطوير المحالج والمغازل بالتنسيق مع وزارتي الصناعة وقطاع الأعمال.. وهو الأمر الذي يساعد علي تعزيز القيمة المضافة للانتاج وتحسين الاداء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لمزارعي ومصنعي القطن وتعزيز دور المؤسسات الداعمة لهذا الاتجاه.. وهو توجه جيد تحدث الخبراء عنه كثيرا خلال سنوات المحنة وتراجع الانتاج وجميل ان يعالج الآن. * ان وزارة الزراعة وقعت بروتوكولا مع أحد المحالج بمحافظة المنيا لشراء 100 ألف قنطار قطن العام القادم من صنف جيزة 95 والذي يزرع بالمحافظة وهو عالي الانتاج ويحقق من 8 حتي 12 قنطارا والسعر يتراوح من 2600 حتي 3000 جنيه للقنطار مما يحقق عائدا مجزيا للفلاح. * تقرر تعميم التعاقدات مع جميع الشركات التي ترغب في تسويق المحصول.. وهو الأمر الذي يجذب الانتباه إلي زراعة كادت تندثر وآن الأوان لاحيائها بإرادة جادة. * وإذا أضفنا إلي هذه النقاط موافقة الحكومة علي إنشاء المدينة النسيجية كمنطقة حرة في المنطقة الصناعية بالمنيا علي مساحة 306 أفدنة - كما أعلن المحافظ - فإننا بذلك نكون أمام تصور واضح وبادرة طيبة بل وجيدة نحو الاتجاه الصحيح لعودة الذهب الأبيض إلي عرشه من خلال التكامل في العمل علي أرض الواقع بين الزراعة والصناعة لتحقيق التناغم والفائدة التي نتطلع إليها. وهنا لا يخفي علي أحد ان الزراعة وصناعة الملابس من المهن كثيفة العمالة وهو الأمر الذي يساعد في مواجهة البطالة التي نعاني منها. بصراحة.. أتمني أن يتكاتف كل المسئولين في عام 2018 الذي نستقبله بعد ساعات في المزيد من الإجراءات التي تضمن توفير الاشراف والارشاد ومستلزمات الانتاج للمزارع في الأرض والاهتمام بتوفير العمالة الماهرة لصناعات الغزل والنسيج لنحقق أعلي معدلات النجاح من القطن المصري زراعة وصناعة. قولوا.. يارب.