أكد خبراء الاقتصاد ان الاقتصاد المصري في حالة يرثي لها حيث أن الموازنة العامة تعاني من عجز وصل إلي 80 مليار جنيه يمثل 10% من الدخل القومي لذلك لا يمكن التفكير في ارضاء المضربين وتلبية مطالبهم المادية الفئوية عن طريق الاصدار النقدي حتي لا يتم تدمير الاقتصاد وتكون الضربة القاضية.. لكن يمكن اللجوء إلي زيادة حصيلة الضرائب من خلال توسعة المجتمع الضريبي كما يمكن الاستفادة من إيرادات المشروعات العامة لتلبية الأولويات ذات الأهمية القصوي للمطالب الفئوية وفق جدول زمني للتنفيذ مع رفض المطالب المبالغ فيها. ** د. علي حافظ أستاذ - الاقتصاد بجامعة القاهرة - أكد ان التجاوز الذي حدث في الفترة السابقة بسبب ضعف الدخول مع التطور المستمر في متطلبات الحياة خاصة الاستهلاك الترفي جعل البعض يعتقد أن الثورة هي إعادة توزيع الغنائم لكن ليس هناك غنائم فورية والظروف الاقتصادية والاجتماعية تدهورت فمعدل النمو بعد ان كان خلال السنتين الماضتيتين 6 أو 7% أصبح الآن 1% أي أقل من معدل نمو السكان. أوضح ان المشكلة الأخري ان كل فئة تعتقد انها مظلومة لذلك اتجه البعض إلي الاضراب والامتناع عن العمل واعتبروا أنها الوسيلة الوحيدة للضغط علي الدولة لسرعة التنفيذ.. لكن الدولة تفتقد للموارد اللازمة لتحقيق تلك المطالب والأمور تزداد سوءاً نتيجة لاستمرار الاضرابات وتوسعها من قبل فئات عديدة أدت لتعطيل الإنتاج وانتشار الفوضي وعدم توفير الأمن رغم ان الثورة معناها الحقيقي توفير الأمن والاطمئنان للمستقبل فالعمل والإنتاج هما العملة الأساسية نحو مستقبل أفضل وعامل التنمية هو الضمان الوحيد لتحسين أوضاع العاملين. أشار إلي ان لدينا عجزاً في الموازنة يقدر ب 80 مليار جنيه يمثل 10% من الدخل القومي نتيجة توقف سير العمل في بعض الجهات بسبب الاحتجاجات والاضرابات المتتالية وعدم السعي وراء الإنتاج. يقترح انشاء جمعيات ميدانية مثل الموجودة في بعض الدول تقوم بمساعدة الدولة في حل المشاكل والاستماع للمطالب الفئوية ومحاولة تحقيق الحقوق المشروعة والتنازل علي المطالب المبالغ فيها واعداد خطط للتنفيذ وفق مدة زمنية يتم الاتفاق عليها. ** د. باهر محمد عتلم - رئيس قسم الاقتصاد بجامعة القاهرة سابقة - يقول: ان المطالب الفئوية الموجودة علي الساحة سواء من جانب المعلمين أو عمال النقل وعمال السكر جميعها مبالغ فيها ولا نقدر الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد وللأسف يتمادي البعض في الاعتصامات بشكل لا يتناسب مع المرحلة الانتقالية ويمثلون كارت ضغط علي الدولة دون مراعاة الموارد المحدودة والأزمة الاقتصادية..!! أكد ان الحلول التي يمكن اللجوء إليها لحل أزمة الاضرابات لتوفير موارد لمطالبها هي زيادة حصيلة الضرائب من خلال توسعة المجتمع الضريبي وإحكام التحصيل.. فهناك فئات لا تدفع الضرائب رغم التعسف مع فئات أخري.. فالتحصيل لابد وان يحقق العدالة الاجتماعية فيمكن الاستفادة من الضرائب الجديدة في تمويل المطالب ذات الأهمية القصوي والمشروعة للمعتصمين كذلك الايرادات الناتجة من المشروعات العامة في تحقيق المطالب. حذر من الاقتراب للاصدار النقدي في تمويل المطالب الفئوية حتي لا يؤدي ذلك إلي التضخم. ** د. حازم حسني - أستاذ اقتصاد بكلية اقتصاد وعلوم سياسية بجامعة القاهرة - يقول: قبل التفكير في من أين نأتي بالموارد لتلبية المطالب الفئوية لابد من النظر أولاً إلي منظومة الاقتصاد بالكامل وإعادة هيكلته من حيث الضرائب والاستثمارات وتوزيع الدخول والبحث عن القنوات التي تحقق الموارد. فتدبير الموارد دون النظر إلي الوضع الاقتصادي لمجرد ارضاء المحتجين قد يؤدي إلي تأثير مدمر علي الاقتصاد..!! أشار إلي ان كل فئة لها مطالب.. فالاضرابات والاعتصامات لا يمكن ان نجرمها طالما لم يهم المسئولون بالحكومة بشرح الموقف الاقتصادي ومصارحة الناس بالوضع الحالي.. فالصمت هو الأكثر سلبية لذلك يعتقد الكثيرون ان ثمرة الاقتصاد ونتائج الاستثمار تعود علي فئة بعينها والبعض يري اننا مازلنا نسير علي نهج النظام السابق في توزيع الغلة.. لذلك لابد من توضيح الأمر وتحديد خطة واضحة المعالم فيما يتعلق بالاقتصاد القومي.. فحتي الآن لم نناقش النظام الاقتصادي لذلك يجب البدء في خطوات جادة لفتح سبل جديدة لادخال موارد فهذه المرحلة تتطلب كثيراً من الجهد حتي نعيد الاقتصاد وتحديد برنامج زمني والالتزام بالتنفيذ. صيغة تفاهم ** حافظ أبوسعدة - عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان - أشار إلي ان هناك فجوة بين المواطنين والحكومة ناتجة عن عدم انتخاب الحكومة الموجودة حتي الحياة السياسية والقوي الحزبية لم تتبن تلك المشكلات الفئوية رغم انها قد تستطيع احتواء هذه الاضرابات بايجاد صيغة تفاهم مع المضربين والاتفاق علي بعض الحلول من خلال برنامج زمني محدد حيث ان الحكومة مستحيل ان تنفذ كل هذه المطالب في توقيت واحد لذلك يجب ان تقوم النقابات والأحزاب والمؤسسات بدور الوسيط وجدولة المطالب وتنظيمها مع استمرار العمل حتي لا تتوقف الحياة ويحدث ارتباك وشلل في مؤسسات الدولة وتعطيل الأعمال.