قصائد لونية تتحاور.. ضربات الفرشاة هي البداية والحكاية لتترك ضوءاً في العين ووشماً علي القلب وفي آخر كل الحكايات.. نعود من حيث انتهينا. حكايات ألوان الجنوبي * فنان أذهلته الطبيعة وغموض تكويناتها وتمني لو عبّر بفنه وإبداعه عن هذا الغموض وإعادة ترتيب العالم من خلال رؤيته لتكون تعبيراً خاصاً وتأويلا مجددا. فبحث عن ضالته في بيئته حتي ارتوي إبداعه منها وتشبّع بكل عناصرها مما جعله ينطلق إلي آفاق جديدة قد ترضيه إبداعياً في بلدان وبيئات أخري فقد تأثر باليابان علي سبيل المثال حيث الظواهر الطبيعية المتمثلة في البراكين والزلازل. بالإضافةپإليپالبحيرات والأشجار الضخمة التي لعبت دورًا مهمًا كمصدر لإلهامه. انه محمد مختار عبد الحق علي الجنوبي. المعروف في الوسط الفني والتشكيلي المحلي والخارجي باسم محمد الجنوبي. وهو من مواليد محافظة قنا في يناير عام 1965. درس الفنون الجميلة في مصر. قبل أن ينطلق إلي عوالم الفن التشكيلي الرحبة مبدعًا له بصمته. روحه وشخصيته الفنية جعلته في مصاف الفنانين الذين امتزجت في أعمالهم الأصالة والمصرية بمواكبة المدارس الفنية الحداثية. عاش خمس سنوات من عمره في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وعاد إلي مصر مؤخرًا. أقام عدّة معارض خاصة ومشتركة في الداخل والخارج. آخرها معرض "حكايات". يؤلف الجنوبي في "باليتة" ألوانه التي تناغمت فيها الألوان الباردة والساخنة في سيمفونية لونية بديعة. وفي منظور يقترب من روح الجداريات التي تشي بتاريخ مصري طويل من الفن والثقافة البصرية لكنها بتناول عصري معبرا عن قضايا الواقع عبر الاستعانة بعناصر عضوية وغير عضوية- في بعض لوحاته- لتتعانق في فضاء اللوحة منتجة صورة جمالية معبرة عن الوجود بأزماته وتداعياته الإنسانية والاجتماعية. تمثلت لوحاته أمام البصر كيانًا حيًّا ينطق بروح التراث والتاريخ كبنية جمالية تقليدية. فيتحرك في فضاء الواقع برؤية معاصرة ومتجاوزة لأفق التلقي الجمالي المُعتاد. وهو ترتيب بصري يترك بصمته علي عين المشاهد.. إلي جانب هذا الملمح البنائي والجمالي تستقي أعماله جزءًا كبيرا من روحها من سمات وهيئة المخطوطات الأثرية ومنسوجات السجاد الشرقي وفسيفسائيات الزجاج المعشّق ومشربيات المساجد القديمة. في انحياز لأصوله ويحيلنا إلي التمسك بالهوية والنفاذ إلي عمق الجوهر وأسس البنية الثقافية المحلية الراسخة ليتضافر في أعماله التشخيص مع التجريد ويعيد تركيبه عبر حوارية الألوان والمنظور الجمالي المتجاوز والحداثي. مفلسفة موقفها من العالم في إعادة تشكيله علي وجه أكثر بساطة وجمالًا من وجهه الواقعي. في محاولة لتفجير إشكاليات الواقع وهي إشكالية إبداعية لا يمكننا أن نفصلها عن شخصية محمد الجنوبي الذي ولد وعاش ودرس الفن في مجتمع شرقي. فاستخدم وحدات وموتيفات وعناصر وكيمياء لونية مصرية. تشبه شخصيته وهمومه. إن حكاياته تدور حول فكرة النظرة الثانية لتجاربه خلال عقدين من العمل الفني. نكتشف من خلال اللوحات اهتمامه بقضايا تختص بالبحث عن الذات والهوية. حاول اكتشاف نفسه من خلال إعادة قراءة الأعمال السابقة له بعين الخبرات البصرية المكتسبة وآليات التحول فيها. فقام بتقطيع لوحاته القديمة وأعاد ترتيبها مع إضافة عناصر جديدة حوّلها من خلال معرضه "حكايات". ومن خلال هذه اللعبة الفنية ليحصل علي "نظرة ثانية" للعمل الفني وهذا التكرار ساعده علي فهم تلك العلاقة بين الماضي والحاضر. شريف عبدالقادر وحواره مع الأشياء * افتتح د.محمد إسحق عميد كلية التربية الفنية معرض "حوار الأشياء" للفنان التشكيلي شريف عبد القادر وذلك يوم السبت 9 سبتمبر 2017 بقاعة آدم حنين بمركز الهناجر للفنون. بدار الأوبرا المصرية. شارك الفنان شريف عبد القادر في العديد من المعارض الجماعية داخل مصر وخارجها مما وسع مداركه ورؤيته فتميزت أعماله بالفهم العميق للسيريالية لكنه أضاف عليها بصمات من التأثيرية والرمز التعبيري في تناغم ووعي بشكل لا يجعل المشاهد يشعر بهذه النقلات في الأسلوب الفني بين لوحة وأخري. تدور فكرة "حوار الأشياء" للفنان عبدالقادر حول علاقتنا بالأشياء والأدوات التي نعيش وسطها ونتعامل معها بشكل آلي وروتيني إلي علاقة عاطفية تندمج داخلنا وكأنها توأمة قد يخلقها التفاعل مع هذه الأدوات يوماً بعد يوم. فنطلق العنان أحياناً لخيالنا ونبدأ في أنسنة تلك العناصر فنجدها أمامنا تنبض بالحياة وكأن لها قلباً ومشاعر هي الأخري وكما لو أنه قد أنشأ علاقة بين الأشياء ومقتنيها أو متأمليها. كذلك نجد أنه أنشأ في لوحاته حواراً خفيا بصرياً وشعورياً بين هذه الأدوات والجمادات وبعضها البعض من خلال الترابط التكويني والتناغم اللوني. لينطق الجماد في اللوحات وتقول إنها هي أيضاً تشكل مجتمعاً له قوانينه وأسلوبه في الحوار والتعبير لكنه عالم أرقي من ذلك العالم المادي الذي يعيشه البشر. عالم ميتافيزيقي حاول فيه شريف عبدالقادر تفكيك مواده وتأمل وظائفه وأعاره بهجة ونضارة افتقدهما البشر.