مصر الآن تقف في مفترق طرق.. وعليها ان تختار الطريق الذي تسلكه فهو الذي سيحدد مستقبل هذا الوطن ومستقبل أبنائه. علينا ان نختار الطريق الصحيح السليم والذي يتلاءم مع ظروفنا وأحوالنا ويتفق مع قيمنا ومبادئنا.. وفي الوقت نفسه يصل بنا إلي مبتغانا. لكن من الذي يقرر ان كان هذا الطريق أو ذاك هو الأفضل؟! ومن الذي يستطيع استشراف النهاية؟ الآن.. تفرقنا شيعاً وأحزاباً وفرقاً وحركات ومنظمات وجماعات شتي ليس بمقدور أحد ان يحصيها عداً..! الآن.. كل واحد منا أصبح يدعي امتلاك الحقيقة.. ولا أحد سواه. كل منا يزعم انه الوحيد الذي يعرف الصواب.. وأن الآخرين لا يعرفون شيئاً! الاتهامات بالعمالة والتخوين والالتفاف علي الثورة تنطلق في كل الاتجاهات بلا استثناء وضد كل فرقة ونحلة بغير تمييز كل منا يطلق هذه الاتهامات وكل منا تصيبه سهامها!! هذا من الذيول.. هذا من الفلول.. هذا خان الثورة.. هذا انقلب علي مبادئها.. هذا يريد القفز علي السلطة.. هذا يريد الاستئثار بالمكاسب والغنائم.. هذا.. وهذا.. وهذا..! ننسي جميعا أننا حينما نشير بإصبع الاتهام إلي أحد فإن الأصابع الأربعة الأخري تشير إلينا!! كل منا يحاول تعليق المسئولية في رقبة الآخر.. يتنصل من المسئولية بينما يتشبث بما يريد الحصول عليه أو الاستئثار به! حينما قامت الثورة.. آثر كل واحد ألا يكون في صدارة المشهد.. قالوا ان الثورة بلا قائد.. ولا أري في ذلك سوي نوع من التنصل من المسئولية. وعدم القدرة علي تحمل تبعاتها! الآن.. رغم ان الثورة لم تكتمل.. ولم نستقر بعد علي اختيار الطريق الذي نسلكه.. نري الجميع يتسابقون بل ويتصارعون من أجل تحقيق المنافع والمكاسب الشخصية سواء من خلال الترشح لمجلسي الشعب والشوري أو الترشح لرئاسة الجمهورية!! الآن.. رغم كل ما نعانيه.. نجد الفوضي تضرب بأطنابها في طول البلاد وعرضها.. احتجاجات هنا.. اعتصامات هناك.. مليونيات هنا وهناك.. هذا يشارك وهذا يقاطع..! ربما يقولون: هذه هي الحرية والديمقراطية! وأقول نعم.. لكن اذا كانت الحرية تعني الفوضي فتباً لها.. واذا كانت الديمقراطية لا تعني غير الانفلات فلا معني لها.. خصوصا في ظل ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية لا نحسد عليها! نعم.. قامت الثورة من أجل الاصلاح.. اصلاح المجتمع والاقتصاد والسياسة. لكن تواري المجتمع.. وتواري الاقتصاد.. وبقيت السياسة بصراعها ودهائها ومؤامراتها وانتهازيتها.. وضاقت حلقة الاهتمامات لتقتصر علي النخب السياسية الساعية إلي تحقيق مصالحها الخاصة والفوز بمقعد السلطة وبعد ذلك فليكن ما يكون!! اذا كان الحال كذلك! واذا كانت الأمور قد وصلت إلي هذا الحد.. فكيف إذن.. في ظل هذا الوضع القائم والمناخ المضطرب ان نحدد الطريق الذي نسلكه والمنهج الذي نسير عليه؟! مطلوب من الجميع وقفة مع النفس- ومع الآخر- من أجل البحث عن مخرج يقودنا إلي طريق واضح المعالم نستطيع اجتيازه بأكبر قدرمن التوافق وأقل قدر من الخلاف حتي لا تتعثر خطانا ونفاجأ بالسقوط!