اللغةُ وعاء جامع للثقافة والهوية.. تحيا بالاستعمال وتموت بالإهمال.. وقد شرف الله سبحانه لغتنا العربية فجعلها لسان قرآنه الخالد.. لكنها. لأسباب عديدة. تراجعت. تاركة مكانها لغيرها. حتي بات إعلامنا وتعليمنا وأحاديثنا اليومية تغص بأخطاء فاجعة.. وتحاول السطور الآتية تصويب الأخطاء الشائعة. وتبسيط القاعدة النحوية. وتبيان الدلالات العبقرية للغة الكتاب العظيم. دلالات قرآنية الفرق بين "تفرقوا" و"تتفرقوا" قال تعالي في سورة آل عمران: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون "102" "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا". ولكن في سورة الشوري : "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّي بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَي وَعِيسَي أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" والسبب في ذلك أن الخطاب في سورة آل عمران للأمة المسلمة وهي أمة واحدة فناسب أن يكون الفعل بتاء واحدة. بينما السياق في سورة الشوري عن الإخبار بما وصي به الله تعالي الأمم السابقة التي بعث الله فيها باقي أولي العزم من الرسل وهي أمم عديدة مختلفة بينها أعوام طويلة جدا فناسب تعدد التاءات في الفعل تنوع الأقوام وطول الزمان الذي عاشته مجموع هذه الأمم زيادة حرف آخر له. ومن حكمة ذلك أيضا أن الأمة الإسلامية منهية عن أدني اختلاف قلت نسبته لأن ذلك يوهنها فدل علي تحريم أي شيء من الاختلاف مهما قل. ولكن هذا المعني غير مراد في الأمم الأخري لأنها انتهت.. فلم يحذف من فعلها شيء فبقي علي حاله. حكمة أخري: سورة الشوري ذكر فيها الفعل مرتين مرة بصيغة المضارع ومرة بصيغة الماضي "وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه.. وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُم"ْ. أما في سياق آيات سورة آل عمران فقد ذكرت مرة واحدة فقط ولذلك جاء الفعل بتاء واحدة.. وهكذا هو السياق القرآني المعجز.. يختار الحروف التي تتوافق مع السياق وتتناسب مع المعني والصياغة. فقد تقل الحروف في اللفظ وقد تزيد.. ويُحذف الحرف حذفا مقصودا ويُثبت كذلك.. لخدمة بيان المعني المراد في أروع صورة بلاغية وهنا لا مجال للحديث بأن السبب في ذلك هو مراعاة الفاصلة فقط.. بل كل شيء يتم بأعلي درجات الدقة والتوازن.. دقة عجزت عقول البشر عن اختراع شبيه لها. وسبحان الله منزل القرآن. من لطائف العرب : دخل رجل يشكو إلي عامر الشعبي فقال : أيها القاضي إني أنازع إخوتي فقد توفي أبانا فقال له الشعبي قل: أبونا فقال : فورثنا من أبونا فقال الشعبي: قل: أبينا فقال: وقد وصي أبينا قال الشعبي: قل: أبونا قال: فما ورثنا أبونا قال الشعبي: قل: أبانا فغضب الرجل وقال أري أني أحاول موافقتك ولكنك مولع بمخالفتي!! فقال له الشعبي: وأنا والله أري أن ما ضاع من لسانك أعظم مما ضاع من ميراثك !! أخطاء شائعة قل : أحاطوا الكتمان بالمحادثات. و: ينبغي إحاطتهم الكتمان بالمحادثات؛ ولا تقل: أحاطوا المحادثات بالكتمان. وينبغي إحاطتهم المحادثات به. قل : وزع بينهم الجوائز. ووزعها فيهم؛ ولا تقل: وزع عليهم الجوائز. "إذا أردت أنه أعطاهم إياها مفرقة". قل: وفقه الله للخير. وللنجاح؛ ولا تقل: وفقه الله إلي الخير والنجاح. فائدة نحوية الاسمُ الممدودُ هو اسمى ينتهي بهمزةي مسبوقةي بألفِ مدّي زائدة : صحراءى بناءى. تثنيتُه 1 إذا كانَتْ ألفُهُ أصليةً :تُضافُ علامةُ التّثنيةِ دونَ تغييري . مثالى :رفّاءى رفّاءان رفّاءَيْن. 2- إذا كانَتْ همزتُهُ زائدةي للتّأنيثِ : تُقلبُ واواً عندَ التّثنيةِ. مثال :صحراءى صحراوان صحراوين. 3- إذا كانَتْ همزتُهُ منقلبةً عن واوي أو ياءي. يَصحُّ أنْ ُتضافَ علامةُ التّثنيةِ دونَ تغييري : رداء رداءان رداءين. أو تُقلب واواً عندَ التّثنيةِ :رداء رداوان رداوين. جمعُه 1 إذا كانَتْ الهمزةُ أصليةً تُضافُ علامةُ الجمعِ دونَ تغييري. مثالى : رفّاء رفّاؤُون رفّائِين. 2- إذا كانَتْ همزتُهُ زائدةً للتّأنيثِ تُقلبُ واواً وتُضافُ علامةُ الجمع. مثالى : صحراء صحراوات. 3- إذا كانَتْ همزتُهُ منقلبةً عن واوي أو ياءي. يجوزُ إضافةُ علامةِ الجمعِ دونَ تغييري. مثالى : بنَّاء بناؤون بنائين. أو قلبُ الهمزةِ واواً عندَ الجمعِ. مثالى : بنّاء بنّاوون بنّاوين. إعرابُهُ : يُعربُ الاسمُ المنقوصُ بحسبِ موقعِهِ في الكلامِ. مثالى :هذان بنَّاءانِ مجدّانِ. بنّاءان :خبرى مرفوعى وعلامةُ رفعِهِ الألفُ لأنّهُ مثنّي مررْتُ ببنّائين مجدّين. بنائين : اسمى مجرورى وعلامةُ جرِّهِ الياءُ لأنّهُ جمعُ مذكّري سالمي.