كارثة اجتماعية كشفتها "المساء" تنتشر بالقري الريفية بشرق الاسكندرية المنعزلة عن العمران وهي ظاهرة "زواج الاطفال".. ففي ظل غياب منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والجهاز التنفيذي زحف سرطان زواج الاطفال بصورة مفزعة في قري "أبيسات" لتتعدي حدود الاسكندرية مع البحيرة في كارثة اجتماعية لا يشعر بها أحد وتحتاج الي حملات متعددة لانقاذ الاناث من الموت نتيجة للولاد المبكرة بالاضافة الي اختلاط الانساب واطفال عديمي الثبوتية. الغريب انه حينما قامت "المساء" في جولة لرصد الظاهرة اعترف الاهالي بمنتهي البساطة ,مؤكدين انهم لا يخالفون القانون أو الدين. في البداية تقول سمية احمد عنتر أحد سكان قرية باب العبيد بمنطقة ابيس الثامنة: الجواز سترة للبنات واكتمال دين للرجال دون حساب السن لكون الامر طبيعة بشرية تربينا عليها منذ الصغر وزواج البنات في الصغر أفضل لكي تصبح مسئولة من رجل موضحة بان الزواج بالنسبة للعريس يبدأ من سن 13 سنة والعروس يبدأ من سن 10 سنوات وهناك بعض الأسر الاكثر ترابطا يمكن ان تقوم بالتزويج في سن اصغر موضح بان الزواج في البداية يتم علي الاشهار بين اسرة العروسين والجيران ويقوم العريس بالبصم علي ايصال امانة تحتفظ به اسرة العروسه لضمان قيامه بعقد قرانه رسميا علي زوجته عند بلوغها السن القانون للزواج حتي لا يهرب منها. * ويضيف لطفي جودة من أهالي علوية الشيخ سعيد بابيس بشرق الاسكندرية بالطبع حالات زواج الفتايات المبكر منتشرة بالمنطقة والمناطق المجاورة وذلك بسبب سوء الحالة المعيشية لأن كل رب اسرة لديه من ثلاثة الي ثمانية اطفال في الوقت الذي لا يجد الأب فيه قوت يومه ويعمل في الحقول باليومية ويعتبر تسليته أو ترفيهه عن نفسه في كثرة الانجاب ويعتمد علي الداية في مساعدة زوجته علي الانجاب مقابل "بطة أو دجاجة" واحيانا بعض البيض فالحالة المعيشية ضعيفة للغاية مضيفا أن الأب يقوم بتزويج بناته حتي تتكفل أسرة اخري برعاية الطفلة وتوفير الطعام والملبس ويتم اختيار الاسرة من الاقارب أو الجيران القادرين ماديا ويقام حفل عرس أمام منزل احدي الاسرتين لتحقيق الاشهار دون سند أو وثيقة زواج كما أن مسئولية الأم والحماة هي توعية الطفلة بمسئولية الزواج عند مرحلة البلوغ بينما تظل الطفلة تلعب مع زوجها الطفل في الحقول أو تعمل في مساعدة حماتها بالمنزل في اعداد الطعام أو التنظيف كخادمة تعمل بلقمتها حتي تعي مسئولية الزواج. يضيف حسين بدر من اهالي قرية أبيس السادسة ان زواج الاطفال ينتشر في جميع القري وأصبح بمثابة عرف لايمكن الاستغناء عنه وفي حالة انجاب العروسين قبل بلوغ السن القانونية للزواج لايتم تسجيل المولود بأي جهه رسمية لعدم حمل ابويه لبطاقة الرقم القومي وللأسف لا يتم استخراج شهادة ميلاد للمولود حتي بعد زواج ابويه رسميا وذلك لكونه أصبح في مرحلة سنية متقدمة وبالتالي تكون هناك صعوبة في نسبه للأبوين. اما خالد ابويوسف من سكان عزبة ابو النوم فيقول ان العرف في العزب والقري لدينا ان الأب والأم يتفقان علي مسألة تزويج أطفالهما كنوع من النظام التكافلي لتنفق الاسرة التي لديها علي الاسرة التي لا تملك وتكون ليلة العرس مقتصرة علي غلق باب الحجرة علي العروسين لاشهار ليلة الدخلة بينما في حقيقة الأمر انهما يلهون ويلعبون فعمرهم لا يتعدي عشر سنوات ودور الزوجة الطفلة يكون بمثابة القيام بأعمال النظافة والطبخ والغسيل لزوجها واشقائه ووالديه وللأسف هي أشبه بالخادمة التي تعمل مقابل لقمتها حتي تبلغ وتتمكن من الزواج ومن الممكن ان يتزوج عليها زوجها عند بلوغه في حالة قدرته المالية. يضيف محمود عطوان من اهالي أبيسات ان الأطفال في القري الريفية أكثر وعيا من أمثالهم في المدن فكثرة الأبناء تجعلهم يقيمون في حجرة كبيرة وبالتالي هم يتابعون عملية المعاشرة الجنسية بين الاب والأم ويحكون لبعضهم البعض اثناء العمل بالحقول او في اعمال البناء أو لدي ميكانيكي سيارات وللاسف لاتوجد اي توعية صحية أو اجتماعية سليمة وهو ما ينتج عنه سوء معاملة للطفلة حين بلوغها لعدم خبرة الزوج وهو مايسفر عن ازمات نفسية واجتماعية وكبت نفسي لدي المراة التي تكون محرومة من المعاملة الادمية في الصغر او الكبر وتتحمل الجزء الاكبر من معاناة زواج الاطفال. اما عبد الله الزيني من أبناء عزبة باب العبيد فيقول للاسف هناك العديد من أمهات الاطفال يلقين مصرعهن اثناء عملية الولادة نظرا لصغر سنهن وضعف حالتهن الصحية التي تجعله لا يتحملن آلام الولادة وفي حالة إصابتها بنزيف يصعب اسعافها لعدم وجود مستشفيات أو وحدة صحية بالقري واقرب مستشفي لنا هي مستشفي الشاطبي للولادة والذي تبعد 20 كيلو مترا عن محل اقامتنا. وتقول سعدية خيرالله إن وسيلة الولادة المتوفرة لدينا عن طريق الداية لتحصل علي 50 جنيها نظير عملية الولادة وفي حالة ضعف دخل الاسرة المادي فيمكن ان تحصل علي اتعبها من الطعام المتوفر بالمنزل سواء من الطيور أو الفطير أو البيض. ويقول محمد أبو الخير موظف ان الكارثة الحقيقية التي انتشرت بالقري بين الاسر غير المتعلمة لا تكمن في الزواج المبكر فحسب ولكن في حالة وفاة الزوج قبل عقد قرانه بشكل رسمي او رفضه للزواج بعد ان يكون قد انجب طفلاً أو اثنين فتعجز زوجته عن الزواج مرة أخري أو اثبات حقوق اطفالها وتضطر اسرتها للجوء للقضاء بإيصال الامانة المكتوب من قبل الزوج وهو طفل لضمان حقوق الزوجة وللاسف يحصل الزوج في اغلب الاحوال علي البراءة للتشكيك في بصمته أو جلب شهود نفي أو مهارة المحامي وغيرها من الاسباب تدفع ثمنها الزوجة موضحا ان الأزمة تكمن ايضا في حالة سوء معاملة حماة الزوجة لها ومعايرتها باطعامها والانفاق عليها والتفرقة في المعاملة بينها وبين اطفالها الذين في نفس المرحلة السنية وهو مايجعل جياة الطفلة بمثابة جحيم مستمر ولا تستطيع أسرتها ان تنقذها فلو عادت لمنزل اسرتها لن تستطيع العودة لمنزل زوجها مرة أخري. اكدت الدكتور ماجدة الشاذلي رئيس المجلس القومي للمرأة بالاسكندرية أن المجلس رصد الآلاف من حالات الزواج المبكر خلال حملة طرق الابواب التي قام بها المجلس بمختلف المناطق الريفية بالمحافظة مما دفعنا إلي توجه الرائدات الريفيات وإطلاق حملات التوعية بخطر هذه الظاهرة علي الأطفال من الفتيات والصبية ومنها عدم الثبوتية للابناء والتي يصعب حصرها لكونها تطلب من الدولة بمختلف اجهزتها التصدي لهذه الظاهرة ورفع درجة الوعي المجتمعي والاسري بالقري الريفية للقضاء علي هذه الظاهرة. علي الجاب الآخر تقول الدكتورة ماجدة الشاذلي رئيس المجلس القومي للمرأة بالاسكندرية نحن امام كارثة قمنا برصدها اثناء حملة طرق الابواب التي قام بها المجلس بالمناطق الريفية بمحافظة الاسكندرية لنكتشف وجود آلاف الحالات من الزواج المبكر الغير مرصودة علي مدار السنوات الماضية للأطفال وهو ما دفعنا إلي عقد دورات سريعة للرائدات الريفيات واطلاق حملات توعية بمخاطر هذه الظاهرة التي يكون عبئها الاكبر علي الفتايات موضحة ان هذه الكارثة تؤدي الي اختلاط الانساب فالطفل يكتب باسم الجد أو العم لعدم بلوغ الزوج والزوجة أو حتي عدم وجود رقم قومي لهم ولايمكن تعديل الاسم بعد صدور شهادة الميلاد فيصبح الجد هو الاب والجدة هي الأم وهكذا وهذا في حد ذاته مصيبة وابواه يصبحون اشقاءه. اضافت أن هناك ايضا ارتفاعاً في نسبة الوفيات بين الاناث سواء في عملية الولادة او في الحمل واحيانا من سوء معاملة الزوج الجنسية وسوء حالة الطفل في حد ذاته لكون الام غير صحيحة جسديا كما انه لا يلقي الرعاية الصحية المطلوبة مع صغر حجمه اثناء الولادة لضعف الامكانيات المالية موضحة ان هذه الظاهرة منتشرة بشرق الاسكندرية ومنطقة العامرية وتعد منطقة وسط هي الاقل بين جميع مناطق الاسكندرية وقالت ان الجهل والفقر المعيشي وضعف الخدمات المقدمه بالعديد من المناطق والقري والعزب سواء الرصف او التعليم او الصرف الصحي تؤدي الي انتشار هذه الظواهر السلبية. قالت لقد تمكنا من اكتشاف مدرسة ثانوية بقرية أبيس 10 مختلطة بين البنين والفتيات وهو ما أدي الي انتشار الزواج العرفي بين الطلبة ونوهنا عن خطورة الموقف وعدم ادراك الاهالي بما يحدث داخل المدرسة مما يترتب عليه مصائب كبري وقالت: هناك صعوبة في عملية اقناع الاهالي بما ينتج عنه زواج الاطفال لان لديهم ايماناً مطلقاً بان زواجهم متوافر الاركان طالما انه معلن ونقوم بالتعاون مع بيت العيلة علي حملات التوعية بأن تتضمن شيخاً وقساً لاقناع الاهالي بحرمانية تزويج الاطفال عند الصغر والمخاطر التي تترتب عليه وللأسف مع وجود بعض مدعي الدين بالمناطق الريفية الذين يورثون الافكار الخاطئة في نفوس الآباء والأمهات بتزويج الاطفال وان الزوجة خلقت لراحة زوجها فقط مهما كان سنها كما يتم توريث افكار للطفل بانه هو الذكر صاحب الكلمة العليا بين الاسرة وان دوره في الحياة هو الانجاب موضحة بأن هذه الاسر لديها موروث فكري وطالما تمكن من العمل فقد أصبح رجلا وعليه ان يتزوج وينجب دون اي خبرة مسبقة وبالتالي فهو يقوم بالتجريب علي زوجته الطفلة التي تصاب بصدمة نفسية وعصبية لعدم تأهيلها من قبل اسرتها بالزواج وتبعياته وتصاب بصدمة تجعل الحياة بين الاثنين بمثابة رحلة عذاب موضحة بأننا نقوم ايضا بتنظيم دورات لمحو الامية في محاولة لتثقيف الأم لتأخر سن الزواج ونحتاج لحملة قومية موسعة تتضافر فيها جميع الجهود لانقاذ الاطفال في هذه المناطق الريفية.