يبدأ مجلس الأمن من اليوم النظر في طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأممالمتحدة.. ومن المنتظر أن تستغرق مناقشات المجلس ومداولاته في الموضوع عدة أسابيع.. علي اعتبار أن الحد الأقصي لمدة النقاش في المجلس كما قال أبومازن هو 35 يوما. وإذا ما نجح الفلسطينيون والعرب في الحصول علي تأييد تسعة أصوات من أعضاء المجلس ال 15 فإن جلسة التصويت سوف تنتهي حتماً باستخدام أمريكا لحق النقض "الفيتو" لنسف الطلب الفلسطيني من أساسه.. أما إذا فشل العرب في حشد 9 مؤيدين بفعل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية علي الدول الأعضاء فسوف يتم سحب الطلب تلقائيا. والفيتو الأمريكي ليس غريباً علينا.. فقد استخدمته الإدارات الأمريكية المتعاقبة في مجلس الأمن منذ عام 1949 ضد قرارات معادية لإسرائيل 50 مرة.. وسوف تستخدمه إدارة أوباما للمرة ال 51 ضد إقامة الدولة الفلسطينية علي الرغم من أن أوباما نفسه كان قد صرح مراراً وتكراراً بضرورة "إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلي جانب إسرائيل علي قاعدة حدود 1967 مع تبادل متفق عليه للأراضي والأخذ في الاعتبار التغيرات الحاصلة". وكان أوباما هو الذي استخدم الفيتو ال 50 في فبراير الماضي ضد القرار الذي يدعو إسرائيل إلي تجميد البناء في المستوطنات.. وذلك علي الرغم من أن أوباما نفسه كان قد طلب تجميد البناء في المستوطنات ونتنياهو هو الذي رفض.. وفي النهاية اضطر الرئيس الأمريكي إلي استخدام الفيتو ضد قرار تجميد البناء التزاماً بإرادة ورغبة نتنياهو. وهكذا فإن الفيتو الأمريكي يكشف ازدواجية المعايير التي تتعامل بها السياسة الأمريكية وانحيازها الكامل لإسرائيل.. ويكشف في الوقت ذاته الوجه المزدوج الذي يتعامل به باراك أوباما مع العرب والمسلمين.. فهو يمنيهم بصفحة جديدة.. وسلوك جديد.. والتزام بمعايير العدالة والإنصاف.. لكنه في ساعة الجد يعطيهم ظهره بالكامل.. ويصل في انحيازه لإسرائيل إلي أبعد مدي. لقد استسلم الرجل بالكامل لحملة الابتزاز الصهيونية التي شنت ضده في بداية حكمه وتركزت حول اتهامه بأنه مسلم سري.. وأنه حريص علي التمسك باسم أبيه "حسين" للتأكيد علي هويته.. كما أنه حريص علي أداء الشعائر الإسلامية.. ووصل الفجور بأحد أقطاب الصهيونية المسيحية في أمريكا الي الدعوة العلنية لسؤال أوباما عن رأيه في السيد المسيح عليه السلام.. وهل سيجيب مثل المسلمين أم مثل المسيحيين؟! الآن.. يطلقون علي أوباما بعد أن ارتدي القلنسوة اليهودية وبعد أن أشاد به نتنياهو عدة مرات أمام الكونجرس أنه "أول رئيس يهودي لأمريكا".. وأنه "أفضل ما يمكن أن يحدث لإسرائيل حالياً.. وأنه "في أفعاله وسياساته من كبار المؤيدين لإسرائيل". وقد رحبت المنظمات اليهودية الأمريكية بخطاب أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وهو الخطاب الذي وصفه الإعلام الأمريكي بأنه أكثر خطاباته تأييداً وانحيازاً لإسرائيل. ولاشك أن أوباما سعيد بذلك علي أمل أن تتغير الصورة العدائية التي ألصقتها به إسرائيل.. وأن ينسي الأمريكيون العبارة التي كانوا يواجهونه بها في كل مناسبة : "لسنا راضين عن الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل". وسوف يعاني العرب عموما. والفلسطينيون خصوصاً. خلال الأسابيع والشهور القادمة من سياسات أوباما العدائية.. فالرجل يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة طلبا لفترة رئاسية ثانية والمرشحون الجمهوريون المحتملون والمنافسون يزايدون عليه.. ويتهمونه بالضعف.. ويحملونه مسئولية تشجيع الفلسطينيين علي السعي لنيل عضوية الأممالمتحدة. يقول ريك بيري حاكم ولاية تكساس وأوفر المتنافسين الجمهوريين حظا في خوض الانتخابات : "كان بوسعنا أن نتجنب هذا الموقف الخطير لو لم تكن سياسة أوباما الشرق أوسطية بهذه السذاجة والغطرسة والتضليل والخطورة". أما المنافس الآخر ميت رومني فوصف ما يحدث في الأممالمتحدة بأنه "تتويج لمحاولات أوباما الحثيثة في السنوات الثلاث الماضية لرمي إسرائيل للذئاب". والنتيجة أنهم جميعا يتسابقون لنيل رضا إسرائيل.. كلهم سيئون ولكن أسوأهم أوباما.. لأنه أراد أن يلعب علي الحبلين.. والآن صار عليه أن يكون أكثرهم انحيازا وخضوعاً حتي ترضي عنه إسرائيل وأذنابها.