كلما وقع حادث إرهابي عندنا. وسقط شهداء ومصابون. سارعت الدولة. من خلال وزارة التأمينات إلي صرف مبالغ مالية لأسرة كل شهيد. ولكل مصاب. ولأن الأحداث الإرهابية متكررة. فضلا عن بعض حوادث الطرق التي تكون الدولة أو أحد أجهزتها طرفاً فيها مثل حوادث أتوبيسات المدارس مثلا. فقد تحولت وزارة التأمينات عندنا إلي وزارة تعويضات. أحيانا تشارك المحافظة التي وقع فيها الحادث في صرف مبالغ مالية للضحايا والمصابين من ميزانيتها. مثلما يحدث مع ضحايا حوادث غرق العبارات. وأحيانا لا تشارك. تعالوا نتابع نموذجا لما يحدث في الخارج في مثل هذه الحالات. فربما استطعنا غرس ثقافته فينا. منذ ثلاثة أسابيع. وقع حادث إرهابي كبير في مدينة مانشستر في بريطانيا. لعلنا جميعا سمعنا به. وقرأنا عنه. وعلق بعضنا عليه قائلا: اللهم لا شماتة.. فهذه بريطانيا. حاضنة جماعة الإخوان الإرهابية تذوق من نفس كأس الإرهاب. وقع الحادث خلال حفل غنائي ضخم. في المدينة. يحضره عشرة آلاف مواطن. جاءوا من كل أنحاء بريطانيا ليستمتعوا بصوت مغنية البوب الأمريكية الشهيرة "أريانا جراند". وأثناء الاحتفال. اقتحم إرهابي المكان بحزام ناسف. وفجر نفسه. فقتل 21 ضحية وأصاب عشرات آخرين من الحضور. طبعا أثار الحادث ضجة كبيرة في بريطانيا. فقد كان أسوأ الجرائم الإرهابية التي شهدتها خلال هذا العام وجرت مناقشات عديدة حول قصور في إجراءات التأمين سمح لهذا الإرهابي بالدخول للمكان. وحول مدي سرعة وصول فرق الانقاذ للمكان إلي آخره مما يثار حول أي حادث إرهابي يقع في أي بلد. لكن.. تعالوا نتابع ماذا فعلت مدينة مانشستر وأهلها. وليس الدولة البريطانية. انشأ أهالي مانشستر صندوق طوارئ لدعم ضحايا الحادث وأسرهم. اطلقوا عليه اسم : "نحن نحب مانشستر". وقرروا أن يجمعوا في هذا الصندوق عشرة ملايين جنيه استرليني من تبرعاتهم. وتبرعات كل من يحب المدينة. وتحديا للإرهاب. وللحادث. اتفقوا علي تنظيم حفل غنائي جديد علي غرار ذلك الذي شهد الحادث وأن تحييه نفس نجمة الحفل السابق. مطربة البوب الأمريكية "أريانا جراند". ورحبت "جراند" بالتحدي. بل وتبرعت للصندوق ب 390 ألف جنيه استرليني. وقرروا أن يكرموا في هذا الحفل 200 من رجال الشرطة والطوارئ وفرق الانقاذ التي شاركت في متابعة الحادث الإرهابي بعد وقوعه وتنظيم عمليات اخلاء المكان بما قلل من أعداد الضحايا. واتفقوا مع محطة تليفزيون ال "بي بي سي" علي نقل الحفل علي الهواء مباشرة للبريطانيين ولخمسين دولة أخري. وكذلك من خلال "تويتر" و"يوتيوب" و"الفيس بوك". واستطاعوا من خلال تبرعات الأفراد والشركات. ومن حصيلة بيع حقوق البث أن يجمعوا العشرة ملايين جنيه استرليني في 3 أسابيع. ماذا فعل أهل المنيا أو أهل طنطا أو أهل الاسكندرية لضحايا الجرائم الارهابية التي وقعت علي أراضي مدنهم في الشهرين الماضيين. من أجل ضحايا هذه الحوادث والذين كانت أعدادهم أضعاف أعداد حادث مانشستر؟! نحتاج لمثل هذه الروح في كل مدينة وكل محافظة. بل وكل قرية مصرية.. روح الحب والاحساس بالانتماء للمكان. والفخر به. والتضامن من أجله. والعمل علي احياء اسمه واعلاء وجوده وقيمته. ليس فقط من أجل تخفيف العبء عن الدولة. فالمؤكد أن هذا لم يكن دافع أهل مانشستر وهم ينشئون صندوق: "نحن نحب مانشستر".. ولكن من أجل أن نقول إننا نحب بلدنا. ونحب بعضنا البعض.