في هذه الأيام من شهر سبتمبر يكون قد مر علي كارثة أحمد عرابي التي أدت إلي احتلال مصر.. 129 عاما بالتمام والكمال.. ففي الساعة التاسعة من مساء يوم الخميس 14 سبتمبر توجه عرابي مرتدياً زيه العسكري ومتقلداً سيفه وقصد مقر القائد البريطاني الذي احتل القاهرة.. وعندما أصبح أمامه رفع سيفه وسلمه إليه!! وأمر القائد البريطاني في الحال باعتقاله في غرفة لم يكن بها حتي كرسي.. فجلس علي الأرض.. تم احتلال القاهرة في هدوء شديد حتي أن محافظ القاهرة إبراهيم بك فوزي وقف في وجه أهالي سكان باب الشعرية الذين خرجوا يحملون الهراوات لمحاربة الإنجليز وأقنعهم بالابتعاد عن أي مواجهات وأن القوات البريطانية تعمل باسم الخديو والسلطان التركي. المهم انتهي الأمر باحتلال مصر واستسلام عرابي ويؤكد المؤرخون أنه لم يكن هناك داع علي الاطلاق للاستسلام فقد كان في حامية العباسية 35 ألف جندي ومثلهم في كفر الدوار..وفي يوم 19 سبتمبر 1882 أصدر الخديو توفيق فرماناً من مادة واحدة جاء فيها "يلغي الجيش المصري" توقيع محمد توفيق صدر بقصر رأس التين بالإسكندرية في 19 سبتمبر 1882 الموافق 6 ذي القعدة سنة .1299 وكعادة الغياب السياسي فقد كان الزعماء الدستوريون مطمئنين إلي أن التدخل البريطاني لا يقصد به احتلال مصر وإنما يقصد به إنهاء الحكم العسكري للعرابيين واستعادة السلطة للخديو توفيق. وكالعادة أيضا كما جاء في كتاب هوجة عرابي للدكتور عبدالعظيم رمضان فقد حدث ان استقبل المواطنون الخديو توفيق عند عودته من الإسكندرية ثم صدور فرمانه بإلغاء الجيش.. استقبالاً حافلاً.. بل إن الزعماء الدستوريين لم يترددوا في تقديم هدايا للقادة البريطانيين شكراً لهم علي انقاذ البلاد من العرابيين. المصيبة أن مثل هذه الوقائع تكررت : مرة سنة 1956 عندما صدر قرار بسحب الجيش المصري ومرة ثانية عام 1967 عندما صدرت الأوامر بعودة الجنود من سيناء لدرجة أن أوامر الانسحاب كانت تصدر علانية من خلال الراديو.. وبعد حرب 73 استقبلت مصر الرئيس نيكسون استقبالاً مهولاً.. وكأنه أحد حلفاء مصر في حين أنه كان ضد مصر علي طول الخط ووصفت وكالات الأنباء أيامها بانه استقبال خرافي لرجل لا يحب مصر.