بعد ساعات نستقبل بإذن الله أيام شهر رمضان المبارك ولعل الله تبارك وتعالي قد تقبل رجاء ودعوات الصالحين من عباده الذين أخذوا يرددون "اللهم بلغنا رمضان" وامنحنا العزيمة الصادقة لكي نقبل علي أداء هذه الفريضة بهمة ونشاط وحفظ للجوارح والإكثار من صالح الأعمال وتلاوة القرآن الكريم لأن الحق تبارك وتعالي قد كرم الشهر الكريم بخاصية تتمثل في نزول هذا الكتاب الكريم "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون" ولعله مما يسترعي اهتمام عباد الله الصالحين ما جاء في الآية التالية "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" الآيتان 185 و186 من سورة البقرة. هذه المعاني الكريمة التي جاءت في سياق الآيتين الكريمتين تجعل أهل الصلاح يتقنون أداء هذه الفريضة مع ضبط للنفس وحفظ للسان والامتناع عن الغيبة والنميمة لأن السيئات تأكل الحسنات وكذلك الإكثار من تلاوة آيات القرآن الكريم لأن من أراد أن يكلمه الله فليقرأ هذا الكتاب العظيم ففيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم.. وهو من أعظم القربات لرب العالمين والصائم يجب أن يدرك هذه الحقيقة ويسعي جاهدا لأداء الصلاة وكذلك صلاة التراويح وهذه من القربات التي يتقرب بها العبد لربه ومن أجل الأعمال في هذا الشهر الكريم الإحسان للفقراء والمساكين والإكثار من اطعام الطعام وبر الأيتام وتلك الأعمال من سمات الصالحين يقول ربنا مذكراً لأهل الخير: "ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا" 8. 9. 10 سورة الإنسان كما يتطلع هؤلاء المحسنون من الصالحين إلي جزاء رب العالمين في الآيات التالية "فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا. متكئين فيها علي الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا" الحق تبارك وتعالي يتفضل علي هؤلاء العباد بالجزاء الأوفي لأنهم بذلوا الجهد وقدموا من الأعمال الصالحات والإحسان للفقراء والبائسين لا يريدون سوي وجه رب العالمين الإخلاص بدينهم والابتعاد عن الرياء والنفاق من أهم صفاتهم ولذلك يكثرون من هذه القربات في أثناء الصيام وغيره من الأيام ولا يغيب عن خاطرهم في الشهر الكريم صلة الأرحام التي أوصي الله تعالي بالإحسان إليهم "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" 11 سورة النساء وهذه القربي من أهل مظاهر التكافل الاجتماعي فالإنسان الصالح يتقرب لربه في الصيام بالإحسان إلي هؤلاء الأرحام من الأقارب يقدم إليهم ما استطاع من أعمال البر والإحسان لأن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم أوصي بهؤلاء الأقارب يقول سيد الخلق صلي الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" هؤلاء الأرحام يتطلعون إلي من يمد إليهم يد العون والإحسان والصالحون تتواصل زيارتهم لهؤلاء الأرحام والوقوف علي كل أحوالهم امتثالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ويكثرون من اطعام الطعام في هذا الشهر خاصة مع غلاء الأسعار.. يعدون الموائد لإفطار الصائمين وتقديم الصدقات لكل محتاج ولا يردون سائلاً. وأهل الصلاح تقوي الله تستقر في قلوبهم ودائما قول الحق تبارك وتعالي ماثل في وجدانهم "وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنات عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون" 134. 135 آل عمران ولا شك ان الصائمين من الصالحين يضعون الأعمال الصالحة في بؤرة اهتمامهم رافعين أكف الضراعة إليه سبحانه أن يتقبل منهم الصيام والقيام يتطلعون إلي رضا ربهم مؤمنين في عفوه ويتطلعون في رجاء إلي الجزاء الذي أعده الله للمتقين من نعيم مقيم. يدركون ان الحياة الدنيا زائلة ولا يقصدون بأي عمل صالح سوي وجه الله الكريم لعل الله يتقبل منهم وهم دائماً يسألونه التوفيق في كل خطواتهم.