يمثل الروائي الكبير محمد جبريل ظاهرة في حياتنا الثقافية. سواء من حيث كم وحجم انتاجه الروائي والقصصي والنقدي الذي بلغ حتي الآن أكثر من مائة كتاب مابين رواية ومجموعة قصصية وكتاب نقدي أو فكري. أو من حيث الدور المهم الذي لعبه في تبني وتقديم الأجيال الجديدة من خلال ندوته وصفحته الأدبية بالمساء. والتي يدين لها أغلب الأدباء الجدد بالفضل حيث كانت النافذة التي أطلوا منها للمرة الأولي علي القراء. الاسبوع الماضي احتفل منتدي البرناج الثقافي بالإذاعة المصرية بمحمد جبريل في ندوة بقصر ثقافة مصر الجديدة. شارك فيها العديد من الأدباء والنقاد وتلامذة جبريل من الشعراء والصحفيين . منهم أحمد عبدالرازق أبو العلا . ومحمد قطب . ويسري السيد . وسمير فوزي.وسعد القليعي. ود.اسامه شمعون . وإسراء الديك . جمال عبدالعظيم. ورفيقة رحلته د.زينب العسال. وأدار الندوة الإذاعي محمد إسماعيل مدير عام البرنامج الثقافي . والإذاعي عمرو الشامي. وقدم محمد إسماعيل درع البرنامج الثقافي لجبريل تقديراً لمكانته وعطائه. المعروف أن هناك بروتوكولاً بين البرنامج الثقافي وهيئة قصور الثقافة لإقامة مثل هذه الاحتفاليات. ورغم مكانة وقيمة محمد جبريل فإن أحداً من مسئولي الهيئة لم يكلف نفسه بالحضور . لا رئيس الهيئة صبري سعيد الذي كان يجب أن يكون في مقدمة الحاضرين . ولا رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية حسين صبرة خاصة أن إدارته هي المعنية بهذا الأمر . ولاحتي السيدة مدير عام الفرع الثقافي بالقاهرة. وحضرت فقط السيدة مديرة قصر الثقافة سوزان محمد وقامت بواجبها تجاه ضيوف الندوة. ولا أدري لماذا لم تهتم الهيئة بهذا الحدث الذي يشرفها ويشرف كل مؤسسات الثقافة في مصر. علي أية حال احتشدت الندوة بالدراسات النقدية التي قدمت حول أعمال جبريل مستعرضة مكانته الكبيرة والإضافات المهمة التي حققها للسرد العربي . ورحلته الإبداعية منذ روايته الاولي "الأسوار" وحتي أحدث أعماله. كما تضمنت شهادات من تلامذة جبريل الذين تبني مواهبهم وقدمهم إلي الحياة الثقافية عبر جريدة المساء. تحدث الأدباء حول ندوة المساء التي أسسها محمد جبريل وكيف التف الأدباء حوله من كل محافظات مصر. وكيف ساعدهم في صقل مواهبهم وأرشدهم إلي قراءات بعينها تدعم تجربتهم. ورغم عمله في ظروف صعبة وقتها استطاع بدأبه وإصراره تقديم مئات الكتاب والشعراء . خاصة من جيل الثمانينيات والأجيال التي جاءت بعده. كما تحدثوا عن المواقف الإنسانية الرائعة لجبريل وكيف أنه وقف إلي جوار العشرات منهم وسعي إلي إلحاقهم بأعمال تتناسب ومواهبهم واهتماماتهم في وقت كان كل واحد فيه منشغلا بنفسه. الكاتب والإنسان وتحدثت الناقدة د.زينب العسال زوجة محمد جبريل عن جبريل الإنسان والكاتب نافية أن يكون جبريل لم يأخذ حظه النقدي ومؤكدة أن الكتابات التي تناولت أعماله لو تم جمعها سوف تشكل عدة مجلات. وإن كان البعض قد ألمح إلي أن تقدير الدولة لمحمد جبريل حتي الآن لايليق بمنجزه الإبداعي الكبير . وأنه يستحق الحصول علي أكبر الجوائز المصرية التي حصل عليها من هم أقل منه قيمة وقامة. وأشار المتحدثون إلي الموقف السلبي من الحكومة المصرية تجاه محمد جبريل في أزمته الصحية حيث قرر الأطباء ضرورة سفره إلي ألمانيا لإجراء جراحة عاجلة وتم إتخاذ بعض الإجراءات . ورغم مرور أكثر من سنة فإن الحكومة مازالت تماطل في إنهاء إجراءات السفر . وقالوا إن أقل ما يجب أن تقوم به الدولة تجاه كاتب في حجم محمد جبريل هو علاجه في الخارج علي نفقتها كما قرر الأطباء. ورغم معاناته الصحية لم يشأ محمد جبريل الحديث عن هذا الأمر المخجل المتمثل في موقف الدولة منه . وفضل الحديث حول تجربته الإبداعية ومسيرته الطويلة وبداية تعرفه علي الحياة الأدبية في القاهرة. وأول أعماله. وطقوسه الإبداعية . مشيرا إلي أن البعض يعتبر أنه لم يعش حياته كما يجب . لكنه أكد أن متعته الوحيدة هي القراءة والكتابة. لذلك ابتعد عن الشلل وتجمعات الأدباء مفضلا أن ينشغل بأعماله. ولولا ذلك ماأنتج كل ماأنتج من أعمال أدبية ونقدية وفكرية. موجها نصيحته لكل أديب شاب بأن القراءة ثم القراءة هي سبيله الوحيد لصقل تجربته وتجويد إبداعه.