افتتاح مشروعات جديدة في مصر يعطي رسائل أمل وتفاؤل تشتد حاجتنا إليها في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة. يئن من قسوتها الفقراء وما أكثرهم.. مبشرات الأمل جاءتنا هذا الأسبوع من صعيد مصر حيث افتتح الرئيس شرايين جديدة للتنمية ممثلة في محور جرجا بسوهاج ومشروعات استصلاح الأراضي بمنطقة المراشدة وكوبري نجع حمادي بقنا وازدواج طريق قنا - سوهاج الصحراوي وغيرها.. وهي مشروعات تيسر حركة البشر والاستثمار وتخلق فرصاً حقيقية للتنمية في شتي ربوع مصر.. كما جاءتنا رسائل أمل أخري من المنطقة الصناعية بقويسنا بالمنوفية حيث افتتحت مجموعة شركات العربي مصنعاً جديداً لإنتاج الغسالات وهي تجربة نجاح نرجو تكرارها في مناطق أخري. فالتصنيع هو القاطرة الحقيقية لأي اقتصاد ناهض. كما أنه لا يمكن لأي بلد ان يتقدم دون تنمية حقيقية تبدأ بالبشر قبل الحجر. تنمية تستوفي شروطها بإكساب البشر القدرة علي التفكير والإبداع والإنتاج القادر علي المنافسة مع عالم متقدم تفصلنا عنه سنون طويلة من التطور. فألمانيا وحدها تحقق 150 مليار دولار عوائد صادرات الأيدي العاملة الفنية المدربة. ولا أقل من تشجيع الصناعة الوطنية ومساندة رأس المال الوطني للتوسع في التصنيع لإشباع السوق المحلية وفتح أسواق خارجية وجلب العملات الصعبة. ما يلفت النظر في تجربة النجاح التي حققتها مجموعة شركات العربي أنها حريصة علي توطين التكنولوجيا اليابانية في مصر بأيد مصرية يتواصل تدريبها علمياً هنا وخارج هنا. حتي صارت التجربة تقول ان عقولنا قادرة علي المنافسة والإبداع لاسيما أن المكون المحلي في منتجات العربي ليس هيناً. فمصنع الغسالات الفول أوتوماتيك الجديد يبلغ مكونه المحلي 65% ونحو 80% في مصنع آخر للغسالات نصف الأوتوماتيك.. بينما تزداد نسبة هذا المكون إلي 90% في منتجات أخري كالمراوح والخلاطات وغيرها.. الأهم أنه يجري تصدير 20% للخارج وامتصاص البطالة بفرص عمل دائمة لنحو 25 ألف عامل هم قوام مجموعة شركات العربي التي تعتزم إقامة مجمع صناعي جديد في بني سويف قادر علي استيعاب 11 ألفاً آخرين بعد استنفاد كامل المساحة المخصصة لها بالمنطقة الصناعية بقويسنا. وشتان الفارق بين رأس مال وطني يبني ويشيد ويفتح بيوتاً لآلاف العاملين.. وبين رأس مال جبان صائد للفرص يتحين اللحظة لجني المكاسب الفاحشة عبر مضاربات في البورصة وتسقيع للأراضي والاتجار فيها ثم يهرب بأمواله إلي الخارج حين يقضي وطره منها.. وإذا كان محمود العربي قد حصل علي لقب الشخصية الأكثر دعماً للاقتصاد الوطني عام 2016 في استطلاع جريدة الفجر.. فلم يكد ينقضي عام آخر حتي أضاف صرحاً عملاقاً للاقتصاد القومي. يمثل قيمة مضافة لاقتصاد يعاني اختلالات متراكمة تجعله أقرب إلي الريعية منه إلي الإنتاجية.. وكم هو جدير بالحفاوة أن يتحدث الرجل عن طموحه أن يصل حجم العمالة في شركاته إلي 180 ألفاً. أكثر من حديثه عما حققته مجموعته من أرباح وفوائض مالية. مصر في حاجة إلي تصنيع حقيقي يحتكم للعلم. ويربط البحث العلمي بالمصانع والشركات ويتبني المواهب والمبدعين ويحول ابتكاراتهم وأفكارهم الخلاقة إلي منتجات تدر عوائد اقتصادية أكبر بكثير من كل مواردنا الحالية.. نحن في حاجة لإشاعة روح الأمل في حياتنا التي لا تخلو من نماذج ناجحة قادرة علي صناعة البهجة والنهضة.. وما أكثرهم.