أول مرة أسمع فيها أن هناك قانونا لتوثيق الخطوبة ومعاقبة الفاسخ.. وأن ذلك يأتي ضمن مشروع قانون جديد للأسرة يتضمن إعادة تنظيم كافة الشئون الخاصة بالخطوبة ومشكلاتها. يقوم التشريع الجديد الذي أعدته النائبة الدكتورة عبلة الهواري عضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية أنه يتضمن لأول مرة تعريفا لعملية "الخطوبة" ووضع قواعد قانونية لإتمامها وفسخها. أوضحت أن قوانين الأسرة لم تتضمن تعريفا أو تقنينا لوضع "الخطوبة" في مصر. وأنها ستراعي أن يتم تنظيمها بوثيقة وعقد مكتوب وموقع بين الأسرتين وأن يتضمن هذا العقد كافة التفاصيل الخاصة بمرحلة الخطوبة. وأشارت إلي أن القانون سيضع قواعد فسخ الخطوبة وفرض عقوبات علي الفاسخ سواء أكان رجلا أو امرأة إذا ألحق الفسخ ضررا بأحدهما.. كما سيتضمن تنظيم عملية استرجاع الشبكة والهدايا وكافة التفاصيل. ولنناقش الدكتورة عبلة الهواري في هذا المشروع الذي أعدته وستقدمه إلي البرلمان في الفترة القادمة. أولاً: هل سمعت يا دكتورة عبلة عن قانون مماثل لمشروعك بتقنين الخطبة قبل ذلك في أي بلد عربي أو إسلامي أو في أي بلد من دول الغرب أو العالم أجمع.. وهل له نظير في تلك الدول.. أم لا؟! ثانيا: اعتقادي أن هذا المشروع هو الأول من نوعه علي مستوي العالم.. ولم يسبق حدوثه من قبل.. والأديان السماوية وغير السماوية لم تضع قانونا للخطوبة من خلال تشريعاتها وتركت هذا الأمر لحرية الشخصين أو الأسرتين بأن يتفقا علي الزواج أو أن ينهيا الارتباط بالخطوبة قبل ذلك. ثالثا: ماذا يا دكتورة عبلة لو أن القانون صدر من مجلس النواب.. واتفق شاب وفتاة علي الخطوبة بينهما أو اتفقت الاسرتان علي ذلك ولم يتم تنظيم هذه العملية بوثيقة أو عقد مكتوب؟! ثم حدث خلاف بين الخطيبين.. هل يتضمن القانون الذي أعددتِ صياغته توقيع عقوبات علي الطرفين. رابعاً: لنفترض مثلا أن الشاب والفتاة اتفقا علي الخطوبة وتم توثيق ذلك بعقد.. ثم اكتشف أي منهما أن الآخر كانت له أو لها علاقات أخري قبل الخطوبة.. وقررا فسخها.. هل توقع العقوبة علي الفاسخ.. لأنه أو انها تخشي عودة تلك العلاقات القديمة بعد الزواج؟! خامسا: يا دكتورة عبلة.. إذا اتفق الشابان علي الخطوبة.. وبعد ذلك جري خلاف بينهما أو بين الأسرتين حول تجهيز بيت الزوجية.. فهذا يدعي أن الخطيبة سوف تجهز المطبخ بكل أدواته وهي تدعي العكس.. فما قيمة العقد الذي سيوقعانه؟! لو أن الشريعة في أي دين سماوي أو وضعي اهتمت بأمور الخطوبة بين شابين لكانت قد نصت علي ذلك وألزمتها باتباع هذه النصوص.. وصارت مثل عقد الزواج الرسمي لا يحل الانفصال عنها إلا بالطلاق. هذا القانون لو أقره مجلس النواب سيكون حبرا علي ورق لأن الناس لا تهتم به.. وستتم الخطوبة بالعرف الاجتماعي سواء نجحت أم فشلت.. وسيكون القانون لا قيمة له من الناحية العملية.. وإذا تم إقراره سينفر الشباب من الزواج. ومن هنا نحن نؤيد رأي الدكتورة آمنة نصير استاذ العقيدة والفلسفة وعضو مجلس النواب في رفضها لمشروع قانون الدكتورة عبلة الهواري.. حيث قالت ان الخطوبة عرف مجتمعي لا تقبل التقنين بين الطرفين ولا يصح تحويلها لعقد وإلا أصبحت زواجا. وكما قالت الدكتورة رشا عطية الاستشاري النفسي وخبيرة العلاقات الأسرية إن السعي لتشريع قانون ينظم الخطوبة أمر غير قابل للتنفيذ.. وأنه عادة اجتماعية وإلا تحول إلي زواج.. والأهم توعية الشباب والبنات بطريقة الاختيار الصحيح. من ذلك المنطلق نقول للدكتورة عبلة الهواري اصرفي النظر عن هذا القانون.. فهناك مشاكل كثيرة في الأسرة المصرية تحتاج إلي علاج مثل كثرة الطلاق والعنوسة.. وقتل الأزواج للزوجات.. والعكس وكلها أمور في غاية الاهمية تحتاج لعلاجها بمحاضرات وانشاء مراكز توعية للأسرة في كل المدن والقري لهذا الغرض. نحن في أمس الحاجة لترابط الأسرة بعد الزواج والحرص علي رعاية ابنائها وتنشئتهم التنشئة السليمة علي القيم والمباديء التي عرف بها شعبنا ليكونوا افرادا صالحين في المستقبل.