اعتاد الرئيس السيسي أن يختتم خطاباته بتعبير "تحيا مصر".. لكن فاجأنا البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بأنه اختتم رسالته المتلفزة الرائعة بحق إلي الشعب المصري بمناسبة زيارته للقاهرة التي تبدأ غداً بإذن الله بنفس التعبير "تحيا مصر".. ولا أعتقد أبداً أنه توارد أفكار بل قناعة بقيمة مصر وصدق في المشاعر تجاهها.. ناهيك عن أوجه الشبه بين الرئيس والبابا رغم اختلاف موقعيهما وطبيعة كل موقع.. وتنحصر هذه الأوجه في الشجاعة والمصارحة والصدق والحميمية.. وتدليلاً علي ذلك استشهد هنا بخطاب الرئيس أمام مؤتمر الشباب بالإسماعيلية وبرسالة البابا وزيارته التاريخية لمصر. ** مصارحة ومكاشفة.. وضع الرئيس السيسي نقاطاً كثيرة فوق حروف أغلبها غائمة علي الناس خلال حواره مع الشباب في مؤتمرهم الدوري الثالث بالإسماعيلية.. والرئيس عندما يضع هذه النقاط انطلاقاً من المصارحة والمكاشفة التي اعتاد عليها معنا علي مدي 3 سنوات فإنني أؤكد أنه أصاب الهدف من أقصر طريق.. فقد صارح وكاشف به شباب مصر المثقف الواعي.. نصف الحاضر وكل المستقبل الذي سيتحمل التبعات ويستكمل المسيرة برؤية واضحة. الرئيس قال إننا لا نبيع الوهم للناس.. أليست هذه حقيقة.. ألم يكاشفنا بالحقائق منذ أول يوم تولي فيه الرئاسة؟؟.. والرئيس قال إننا ننفق علي التنمية في سيناء ما يفوق المحافظات الأخري لتعويض سنوات الإهمال. وأن أهلنا في سيناء دفعوا الكثير خلال السنوات الماضية حتي الآن. وأنه لن يتم إخلاء سيناء من أهلها وسيظلون في أرضهم.. أليست حقيقة ماثلة علي الأرض فعلاً في صورة مجتمعات عمرانية ومشروعات استثمارية وبنية أساسية من طرق وإنفاق تحت القناة تربط أرض الفيروز بالدلتا وباقي أرض المحروسة.. أليست حقيقة أن أبناء سيناء دفعوا ضريبة انتمائهم لمصر غالياً من أولادهم واستقرارهم ومستواهم الاجتماعي والتعليمي وغير ذلك وأن البلد لم يكن قادراً فعلاً علي أن ينهض بهم.. أليست حقيقة استحالة إخلاء سيناء من أهلها وإلا لماذا أصلاً يضحي الجيش والشرطة بأبنائنا دفاعاً عن الأرض هناك ولماذا نبني لأبناء سيناء قري متكاملة ومدناً حديثة.. أليس ما قاله الرئيس هنا رسالة للمتنطعين المشككين في كل شيء الذين يزعمون أن مصر ستترك جزءاً من سيناء للفلسطينيين؟؟.. الرئيس قال إن فرص العمل موجودة وضرب مثلاً بأن "جبل الجلالة" وحده يعمل به 80 ألفاً.. أليست حقيقة ورسالة لكل من يريد العمل أن يتقدم ويعمل حاضره ومستقبله وللنهوض ببلاده..؟؟ الرئيس قال إننا اتخذنا إجراءات إصلاح حقيقية وأن صبر المصريين سيكون له قيمته.. أليست حقيقة إذ أن كل مفردات الإصلاح كانت ضرورية بعد أن تأخرت عقوداً وأن أي تأخير آخر سيعود بالدمار علينا في المستقبل؟؟.. الرئيس قال إن الدولة تسابق الزمن وتنفذ مشروعات في أوقات قياسية.. أليست حقيقة ماثلة علي الأرض من مدن عمرانية رائعة واستصلاح أراض للزراعة وإنشاء موانيء ومطارات ومزارع سمكية وطرق وكباري ومحاور وغيرها.. أليس هذا تم فعلاً وفي زمن قياسي؟؟.. الرئيس قال إننا لا نسيء لمن قبلنا وأن التاريخ يحتاج الكتابة بصدق.. أليست حقيقة.. هل سمعه أحد وهو يسب فيمن قبله بما في ذلك الإخوان الإرهابيين ومن خانوا الوطن وباعوا أنفسهم للشيطان.. أليس من الإنصاف والصالح العام أن يكتب تاريخنا منصفون لا ينتمون لأي تيار كان حتي يدونوا الحقائق دون تلوين أو تزييف أو غرض..؟؟ الرئيس قال إننا مررنا بست سنوات صعبة وأننا الآن في فترة مؤقتة.. أليست حقيقة.. من منا لا يعترف بأن هذه السنوات كانت صعبة وقاسية وكارثية؟؟.. الرئيس قال إن ما نواجهه من إرهاب ومصاعب اقتصادية أمر عارض وسنتجاوزه.. أليست حقيقة مقتنعين بها وأن صمودنا المبهر للدنيا بأسرها هو الذي سيجعلنا ننتصر علي الإرهاب وعلي أزماتنا الاقتصادية؟؟.. الرئيس قال إن الأرض الزراعية ملك للأجيال القادمة وأن التعدي عليها يضرنا.. أليست حقيقة منطقية لأن تقليص الأرض الزراعية يعني أننا سنظل دائماً نمد أيدينا للخارج في غذائنا؟؟.. الرئيس قال أخيراً إن علينا تغيير واقعنا وبناء بلدنا بالعمل والصبر والإخلاص.. أليست حقيقة ورسالة للكافة بأن "العمل والصبر والإخلاص" الطريق الآمن والضروري للتغيير إلي الأفضل والبناء..؟؟ كلام كله رسائل صادقة نابعة من القلب اقتنع بها الشباب ومن المؤكد أنها دخلت قلوب الشعب.. كل الشعب من أقصر الطرق لسبب بسيط.. إنها واقعية وصادقة.. وتحيا مصر. ** أهلاً بالبابا فرانسيس.. البابا فرانسيس بابا الفاتيكان وجه رسالة متلفزة إلي شعب مصر بمناسبة زيارته لمصر غداً.. والرسالة مليئة بالمعاني الجميلة والرقيقة والحميمية.. وصف فيها مصر بأنها أم الدنيا ومهد الحضارة وهبة النيل وأرض الشمس والضيافة.. ووصف فيها نفسه خلال الزيارة بأنه يأتي صديقاً ورسول سلام وحاجاً إلي الأرض التي كانت ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة.. وتمني أن تكون زيارته بمثابة عناق تعزية ورسالة صداقة وتقدير لجميع سكان مصر والمنطقة ورسالة أخوة ومصالحة بين جميع أبناء إبراهيم.. ودعا البابا لمصر بأن يحفظها الله من كل شر وقال لكل المصريين: أعانقكم جميعاً بمودة.. واختتم رسالته بقوله "من فضلكم صلوا من أجلي.. وشكراً.. وتحيا مصر". الله عليك قداسة البابا.. أنت فعلاً رجل جميل ومحترم وشجاع.. يكفينا جداً أنك رفضت تأجيل الزيارة بعد تفجيري طنطا والاسكندرية وأصررت علي المجيء.. فأهلاً وسهلاً بك.. بين أحضاننا في "أم الدنيا".. وتحيا مصر.