المفترض ان السياسة الخارجية لأي دولة مجرد امتداد طبيعي للسياسة الداخلية لهذه الدولة والمفترض كذلك ان الهدف من السياستين هو تحقيق مصالح شعب هذه الدولة وتعظيمها وحماية الشعب من أي مخاطر قد يواجهها علي المستوي الداخلي أو الخارجي. والمؤكد ان أي دولة لها دوائر انتماء طبيعية لا يمكنها التخلي عنها أو القفز عليها بحكم التاريخ والجغرافيا وبالتقاء المصالح أو المخاطر المشتركة وعليه يجب أن تراعي السياسات الداخلية والخارجية مقتضيات الانتماء لهذه الدوائر التي يفترض انها مرتبة ترتيبا طبيعيا. والمؤكد كذلك ان تجاهل مقتضيات هذا الانتماء وطبيعية ترتيبها بمحددات التاريخ والجغرافيا يتسبب دائما أبدا في فشل السياسات الخارجية وبالتالي الداخلية ومن ثم يجب تحديد هذه الدوائر وترتيبها تحديدا حاسما التخطيط لأي سياسة خارجية لانها بالنسبة للدولة كالحارة والحي ثم الأوسع فالأوسع بالنسبة للمنزل. ولاشك لدي أحد من الملمين بألف ياء المعرفة بشخصية مصر كدولة وكشعب في أن الدوائر العربية والإفريقية والإسلامية هي أهم دوائر الانتماء المصري بحكم محددات التاريخ والجغرافيا والمصالح والمخاطر المشتركة حتي لو اختلفت الرؤي حول ترتيب هذه الدوائر. ولاشك كذلك ان السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس المخلوع وزمرته الفاسدة قد أهملت هذه الدوائر الثلاثة اهمالاً شديداً مما أدي إلي تدهور الأوضاع في مصر وفي الاقليم وتراجع الدور المصري حتي كاد لا يري وهو الأمر الذي تسبب في كثير من الكوارث التي يتعين علي مصر بعد ثورة 25 يناير مواجهتها والتصدي لها بأسلوب علمي وعملي صحيح. وليس أدل علي ذلك من تدهور علاقة مصر إبان هذه الفترة السوداء مع القارة الإفريقية بل مع دول حوض النيل بعد ما كانت مصر في فترة أخري هي فترة الستينيات تحديدا هي الفاعلة الكبري في هذه القارة. بذلت مصر في هذه الفترة جهودا جبارة وتحملت مسئوليات ضخمة جدا لتحقيق هذه السياسة الناجحة المتفقة تماما مع أهمية القارة بالنسبة لمصر والظروف التي كانت سائدة في ذلك الزمن ليس من أجل مصلحة القارة وحسب ولكن لمصلحة الشعب المصري والدولة المصرية وهو ما أدي بالضروة إلي تصاعد مكانة مصر وتأثيرها ليس فقط داخل هذه الدائرة بل في كافة المحافل الدولية باعتبارها قائدة إفريقيا. .. لعل زيارة ميليس زيناوي رئيس وزراء أثيوبيا لمصر التي تبدأ اليوم تكون بداية لعودة مصر إلي القارة الأم.