كان الأسبوع الماضي حافلا بالأحداث المؤسفة التي وقعت يوم الأحد حيث الاحتفالات بيوم أحد السعف.. بالكنيسة المرقسية في الاسكندرية ومارجرجس بطنطا. في هذا اليوم سقط ضحايا كثيرون من أبناء مصر بعضهم من القبط والبعض الآخر من المسلمين.. بعضهم جاء للاحتفال بهذه المناسبة الدينية وبعضهم كانوا من ضباط ورجال الشرطة الذين وقفوا أمام باب الكنيسة المرقسية يدفعون الأذي ويمنعون الكارثة التي كان بطلها هذا الشاب الذي يرتدي بلوفر ويخفي تحته كمية هائلة من المتفجرات ثم فجر نفسه علي باب الكنيسة ليسقط رجال وضباط وضابطات شرطة وليصاب ضحايا آخرون كانوا يمرون في الشارع. ولولا يقظة ضباط الشرطة وحارس البوابة لحدثت كارثة بكل معانيها داخل أروقة الكنيسة. تسبب الانفجاران في تصدع بعض المباني في المدينتين من شدة الانفجار والحقيقة التي أتعجب من أمر هؤلاء المجرمين الهاربين من الانسانية والذين ينقسمون الي قسمين : قسم مُحرض.. وقسم منفذ.. والمحرض ليس بالتأكيد شخصا واحدا.. ولكنهم مجموعة أحاطوا أنفسهم بكل أنواع الغدر والحقد والأنانية بل والجنون أيضا وفي ادعاء البراءة الدينية ولكن كذبا.. وفي يقيني أن هؤلاء المحرضين لا يمتون للوطنية بصلة ويجوز انهم يحملون الجنسية المصرية ولكن ولاءهم وانتماءهم يعود إلي فئات أخري خارجية يتلقون منهم التعليمات والرغبات وكذلك التمويل المادي.. والأمر المحير ان هذه الجرائم البشعة جديدة علي بلادنا لم نكن نعرف شيئا عن الإرهابي الانتحاري.. وبالتأكيد هي جرائم مستوردة وقد سمعنا وشاهدنا مثلها في إسرائيل منذ سنوات حيث قام بعض الفلسطينيين بمثل هذه العمليات الانتحارية.. ولكن اسرائيل تمكنت من ايقاف هذه الأعمال الانتحارية وفيما علمت أنها كانت تقوم باعتقال أسر منفذي العمليات الانتحارية.. وربما اتبعت اجراءات أخري لايقافها. عموما الواضح أن منفذي هذه العمليات الانتحارية عندنا وراءهم عصابات إرهابية مدعين التدين كذبا تمدهم بالمال والسلاح والمتفجرات وهناك سؤال كيف دخلت وتدخل هذه المواد إلي داخل البلاد..! واضح أنها تتم من خلال التهريب.. ولكن من أين..! هذا سؤال آخر.. يضاف إلي ذلك ان هذه العصابات تتبع مع المنفذين كل وسائل الامتاع والاغراء وزرع المعتقدات الخاطئة والبعيدة كل البعد عن الأديان الثلاثة.. حتي يسلبوا ارادتهم ويجعلوهم أداة طيعة لكي ينفذوا اوامرهم وتعليماتهم بحذافيرها ومهما يكن من أمر فإنني لا أدري بالفعل كيف يمكن لانسان له روح وعقل وقلب وفكر وله ايضا أسرة وأب وأم وزوجة وأولاد.. ينسي كل ذلك ولا يفكر إلا فيما املاه "زبانية جهنم".. ولا أدري أيضا ما هو شعور مثل هذا الشخص عندما يشحن جسده بالمتفجرات هل انعدم تفكيره وشلت حركته بأنه سيكون بعد لحظات جثة هامدة.. وليتها تكون هامدة.. ولكنها ستكون ممزقة.. وبلا رأس ولا أي مكون انساني.. ألم يفكر في ذلك! وألم يفكر في مصير اسرته إذا كان له أسرة.. وألم يفكر في انه سيحدث مآسي كثيرة لأسر كثيرة سيهلكون بعد انفجار ما يحتويه جسده من متفجرات.. هل وصل التفكير إلي هؤلاء الأشخاص الي الاعتقاد بأن تفجير نفسه سيؤدي به إلي الجنة في حين أن كل الأديان تحرم الانتحار والاغتيال للنفس وللغير.. وتحرم أيضا أي ضرر يؤدي الي خلل ما في البلاد.. وهل يعتقد مثل هؤلاء الاشخاص ان التخريب الذي يقومون به هو غاية ومنُي اسياده من المحرضين في حين أن كل الأديان والأعراف والقوانين واللوائح تمنع ذلك بل وتحرمه تحريما قاطعا.. اي دين هذا الذي يتقولون به واي شهادة تلك التي يتحدثون عنها.. هم في كل الأديان ¢كفره¢ بل وليسوا من بني الانسان. والواقع بأن المنفذين بمثل هذه الجرائم هم في حاجة الي إجراء دراسات نفسية واجتماعية عليهم حول نشأتهم وتربيتهم وأحوالهم المالية والاجتماعية.. وما يدور في افكارهم من أمور ورغبات ومعلومات وغيرها.. في رأيي انه لابد من اجراء دراسات حول هؤلاء ¢الضائعين¢.. خصوصا وان من بينهم بعض الفئات الذين تلقوا تعليماً عالياً.. بل وقد وجدنا اطباء متورطين في قضايا أرها خطيرة.. ولهذا فإن هذه الدراسات ضرورية واعتقد أن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية يمكن أن يدرس مثل هذه الحالات.. لان الانتحار الموجه من الخارج كارثة بكل المقاييس خاصة إذا كان وراءه اغراء مالي.. فقد سمعت في برنامج تليفزيوني زوجة الإرهابي منفذ انفجارات الكنيسة المرقسية بالاسكندرية ان زوجها كان يتغيب عنها اسابيع ثم يعود اليها ومعه أموال كثيرة.. حتي أنه اشتري بيتا وسيارة.. وهنا يثور تساءل هل هذه الأموال من عمله في وظيفته إذا كانت له وظيفة أو ان هذه الأموال من تمويل خارجي لتنفيذ المخطط الإجرامي.. وبصراحة فإن أي كلام يثار حول الأديان في مصر.. فهو كلام فارغ ولا يمت لها بصلة نحن جميعا نعيش علي أرض واحدة تظللنا سماء واحدة.. نشرب من نهر واحد ونأكل من انتاج أرضنا من انتاج مستورد.. لا فرق بين عجمي وعربي الا بالتقوي.. ولنا في القرآن الكريم آية ¢لكم دينكم ولي دين¢.. وعندما جاء عمرو بن العاص إلي مصر فاتحا.. حرص علي حماية أقباط مصر من ظلم وطغيان البيزنطيين وترك لهم حرية اعتناق الاسلام أو البقاء علي ديانتهم المسيحية.. واعطي الأمان للأنبا بنيامين الذي كان مختفيا عن اعين الرومان.. وجعله واليا علي اقباط مصر راعيا لشئونهم.. لم يكن هناك سيف يجبر قبطيا علي شيء.. ولن يكن هناك تطاحن أو دماء تسال.. واستطاع المسلمون أن يندمجوا مع الاقباط وليعيشوا في وئام وسلام. وإذا كانت تفجيرات الاسكندرية وطنطا هي أهم أحداث الاسبوع الماضي فإن انشاء الهيئة العليا لمكافحة الإرهاب هي من أهم الأخبار التي تحققت في الأسبوع الماضي.. لانها ستكون الوسيلة اللازمة لقمع حوادث الإرهاب بكل اشكالها.. ولعل ما طالب به الرئيس السيسي من ضرورة تطوير الخطاب الديني هو أمر حيوي يتساوي مع ضرورة تنقية الكتب الدينية خصوصا تلك التي تدرس للاطفال من الحشو والكلام المغلوط.