تشهد الساحة السياسية حالة من الغليان. لم تر بها مصر منذ ثورة 1952. أحزاب ماتت. وأحزاب تقوم. وتيارات تتصارع. وأموال تضخ من الخارج سراً لتصل إلي أيد تستخدمها ربما ضد الوطن!! وقوانين تولد في يوم وليلة. وتحمل كل عيوب القوانين المسلوقة التي كان "يطبخها" "سيد قراره". ومنها قانون الأحزاب التعجيزي وقانون مجلسي الشعب والشوري. وقانون الانتخابات. ووسط هذا الزحام في الحراك السياسي. سواء أكان سلباً أو إيجاباً. نري غياباً أو ما يشبه الغياب للمثقفين بعامة. وللأدباء بخاصة.. مازال أكثر هؤلاء الأدباء مشغولين بإلقاء قصيدة في ندوة من عشرة أفراد. أو نشر قصة لا يقرأها سوي المحرر الذي يراجعها!! أما إعادة تشكيل وطن. وميلاد حياة ديمقراطية انتظرناها كثيراً. وكتب عنها كل الأدباء تقريباً شعراً ونثراً.. فلا وجود للأدباء هؤلاء علي أرض الواقع. وداخل منظومة الحياة السياسية.. ولم نشهد أي باب للثقافة يتسم بالجدية في أي برنامج لأي حزب باستثناء حزب المساواة فمن يقيمون هذه الأحزاب هم رجال الأعمال والمستثمرون. وبعضهم عانينا منهم كثيراً قبل الثورة. وتأسيسهم لأحزاب كما يؤكد أدباء القليوبية في ندوة لنادي أدب كفر شكر هو محاولة منهم للحفاظ علي مصالحهم الاقتصادية. والجمع بين المال والسلطة الذي كان من أهداف ثورة 25 يناير القضاء عليه!! وبعض مؤسسي هذه الأحزاب كذلك ممن يوظفون الدين ويقحمونه لتحقيق أهداف سياسية. وهم بهذا يسيئون للدين والدنيا معاً. كما يذكر أدباء كفر شكر. أما المثقفون رمانة الميزان فلا حس ولا صوت لهم في قضية تأسيس الأحزاب هذه.. علي الرغم من أن أكثرية أحزاب مصر الحقيقية وأعظم الأدوار السياسية قبل ثورة 25 يناير. كانت قائمة علي الأدباء والمفكرين. ابتداء من محمود سامي البارودي رئيس وزراء مصر أيام عرابي. ومعه عبدالله النديم ومحمد عبده. وقبلهم رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك. ثم سلسلة طويلة من الزعماء الأدباء: أحمد لطفي السيد ومصطفي كامل ود.محمد حسين هيكل.. وغيرهم. وصولاً إلي طه حسين والعقاد وزكي مبارك. الأدباء الآن كما يذكر طارق عمران في إدارته للندوة لم يملأوا هذا الفراغ.. وكانت لديهم مبرراتهم قبل ثورة 25 يناير. بسبب ما فرض عليهم من الحصار أو الاستقطاب أو التدجين.. أما الآن فلا حجة لهم للمشاركة والتفاعل. أما رؤية سامي سرحان فهي أن دور هؤلاء الأدباء الذين لا وجود لهم في ميدان العمل السياسي تقريباً. يتجاوز مجرد التفاعل. بل عليهم أن يقودوا المجتمع الآن. وألا يتركوه للتيارات المتطرفة أو الدخيلة أو عديمة الوعي فاترة الوطنية. وألا يكتفوا كذلك بالكلام!! ويذكر سيد الشهبة أنه إذا كان دور الأدباء في ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر أثناء اشتعال الثورة. دوراً هامشياً. فينبغي أن يتداركوا هذا الوضع. وأن ينزلوا إلي ساحة العمل السياسي بقوة. لتأكيد مفاهيم الوعي والاستنارة والوطنية. أشار د.عبدالباقي السيد إلي أن الدور الذي أداه مفكرونا الرواد أمثال محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا وكذلك مصطفي كامل. مازال مؤثراً فينا حتي الآن. إلي درجة أن حزبهم "الحزب الوطني" أعاد إنشاءه أنور السادات. ثم انحرف حتي وصل بمصر إلي ما وصلت إليه من فساد وتدهور.. ألا يحسب علي الحزب الوطني الحقيقي الذي كان اسماً علي مسمي قبل أن يمسخ!! محمد الصادق جودة أشار إلي أن فترة الطاغية الذي سقط. شهدت وجود الكثيرين من الأدباء الوصوليين والانتهازيين والمتسلقين. لكن بعض الأدباء حافظوا علي مواقفهم الوطنية. وكافحوا ضد الفساد ورموزه. وعليهم أن يتخلوا الآن عن موقف الصمت أو المشاهدة عن بعد. ليشاركوا في إعادة ضخ الدماء في جسد الوطن. بهجت الدقميري أكد أن غياب المثقفين عن ساحة العمل السياسي حالياً يخلي الطريق أمام التيارات المتطرفة التي توظف الدين للقفز علي السلطة.. وكل مثقف لديه مشروعه الفردي. لكن لا أثر له إلا إذا اجتمعت كل هذه المشروعات في سياق قومي عملي واحد وقابل للتنفيذ. الندوة التي عقدت بقصر ثقافة كفر شكر. بحضور سميرة كعيب مديرة القصر. ألقي فيها الشعراء: وحيد أمين وبهجت الدقميري وسيد الشهبة وجلال البحيري وسيد عمارة ود.أحمد زغلول ومحمد الصادق جودة. نماذج من إبداعاتهم الشعرية. التي تركز أكثرها علي ثورة 25 يناير.