ألقي رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان خطابا تاريخيا الليلة الماضية للعالم العربي من دار الأوبرا بوسط القاهرة استهله قائلا باللغة العربية بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ليرد عليه ألف ومائتا شخص اكتظت بهم قاعة المسرح الكبير بالأوبرا السلام. وأكد أردوغان في خطابه أن مصر سوف تعبر هذه المرحلة بأمن وسلام استنادا لتاريخها العريق. وأضاف أن المنطقة تعيش مرحلة تغيير تاريخي وثوري وديمقراطي مهمة وبدأت تبعث ميلادها من جديد كبعثنا بعد الموت.. وأعرب عن شعوره بالسعادة البالغة والفخر الشديد وهو يشارك الشعب المصري فرحته بثورته. وأشاد أردوغان بالشباب في مصر وتونس وليبيا.. وقال إنه كما كان في التاريخ التركي شاب قام بإنهاء حضارة سوداء ودشن حضارة جديدة عريقة عندما فتح اسطنبول وهو محمد الفاتح فإن هناك شبابا في مصر أغلقوا صفحة وفتحوا صفحة حضارة جديدة.. فالسلام علي مصر.. سلام علي شعب مصر.. سلام علي شباب مصر.. نحن رأينا في مصر ثورة بدأ نقطة اطلاقها مهندس حاسوب شاب 26 سنة في إشارة الي المهندس وائل غنيم. وأضاف أنه يعتبر نفسه مع عائلته الآن وهو متحمس مثل الحضور معربا عن شعوره بالفخر والسعادة البالغة لأن يخطب في مصر الدولة التي لا مثيل لها.. مصر الدولة التي تمثل بشعبها أكثر من حضارة.. مصر التي أسهمت بحضارتها في ميراث البشرية في كل مكان. وقال أردوغان مصر وتركيا يد واحدة.. مصر وتركيا شقيقان كما أن القاهرةواسطنبول شقيقتان .. ونوه أردوغان بمقولة الخطاطين الشهيرة القرآن نزل في مكة وقرأ في مصر وكتب في اسطنبول .. وحرص أردوغان علي أن يردد هذه العبارة باللغة العربية. أكد أردوغان في خطابه أن اسرائيل عقبة أساسية أمام الاستقرار الدائم في المنطقة موضحا أن السياسة الاسرائيلية لا تعترف بالحقوق الشرعية وتقوم الحكومة الاسرائيلية باستراتيجية عمياء تقضي علي كل فرصها. وقال إن إسرائيل لا يمكن أن تستمر في اللعبة بهذا الشكل مشيرا الي أن تركيا فقدت أرواح تسعة من مواطنيها قبل 15 شهرا في المياه الدولية بالبحر المتوسط خلال الهجوم المسلح علي أسطول المساعدات الانسانية لغزة. وحذر أردوغان اسرائيل مباشرة قائلا انه ما لم تقم اسرائيل بالاعتذار الرسمي لأهالي الضحايا الأبرياء وتقديم تعويضات ورفع الحصار عن غزة ستستمر تركيا في اجرءات تصعيدية ضد اسرائيل بشكل مستمر موضحا أن الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل تم عرضها في تقاريرنا وفي تقرير بالمر وتركيا لا يمكن أن تقبل بمشروعية الحصار علي غزة معربا عن أسفه للوضعية التي تم نشر تقرير بالمر بها لأنها جعلت هذا التقرير لا قيمة له بعد أن أقر بمشروعية الحصار علي غزة نعتبره كأن لم يكن وغير موجود بالأساس . أضاف أن هناك تقريرا آخر لمفوضية تحقيق البيانات المستقلة التابعة لمجلس حقوق الانسان والذي يقر بأن الحصار علي غزة مخالف للقانون الدولي وغير شرعي مشيرا الي أن تركيا ستفعل كل ما بوسعها لجعل السفر في شرق المتوسط حرا. وقال ان ما قامت به اسرائيل من وجهة نظرنا من قتل ستة عسكريين مصريين يعتبر آخر مثال يمثل عدم تقيد اسرائيل بالقانون.. وقدم أردوغان التعازي لأهالي العسكريين المصريين وطلب الرحمة لهم. وأشار الي أن المستوطنات التي تقوم اسرائيل ببنائها تمثل جدارا أمام السلام في المنطقة معربا عن أمله في أن تري اسرائيل وشعبها الي أين سيأخذهم ذلك الجدار.. جدار الفصل الذي نسجته الادارة الاسرائيلية. وأكد أن الحساب يتم مع القيادة الاسرائلية لكن لا يوجد عداء مع شعب اسرائيل لأنه في اعتقادنا فاننا يجب أن نحب المخلوق من أجل الخالق. ووصف الادارة في اسرائيل بأنهم غير انسانيين وليس لهم بنية تحتية حقوقية.. وقال انه لم يبق أي اختيار أمام تركيا سوي الاعتراف بدولة فلسطين.. ونرجو أن ينتهي هذا الشهر وتكون للفلسطينيين وضعية مختلفة في الأممالمتحدة ونحن نعمل مع الفلسطينيين من أجل تحقيق ذلك. وأضاف يجب أن تعلموا أننا سنعمل بكل الجهد لرفع الحصار وأن تنتهي هذه المأساة.. وسنعمل علي حل القضية الفلسطينية لأن شرعية النظام الدولي تأتي من حل هذه القضية فاذا لم يتم حلها فان عدالة النظام الدولي سوف تنتهي بشكل سريع. وانتقد أردوغان الموقف الأمريكي من التحرك الفلسطيني قائلا إن الخطوات التي يفكرون في اتخاذها يجب أن يعيدوا النظر فيها مرة أخري منوها بتصريح صدر مؤخرا لا يتناسب مع عدالة السياسة الخارجية الأمريكية ولا يأتي بالعدالة للمنطقة.. وأكد أنه يجب في هذا الصراع أن يقف الفلسطينيون يدا بيد أمام وحدة الهدف وأن يتوافق فتح وحماس معا.. لأن هذا سيسهل الأمور أمامهم وأمامنا ويجب أن ينحوا خلافاتهم جانبا ووجه أردوغان حديثه مجددا الي مصر قائلا ان مرحلة التغير يلزمها الصبر والثبات الدائم خاصة أن المرحلة الانتقالية تحدث فيها أمور عرضية مؤقتة.. وطالب المصريين في الفترة الانتقالية بأن يحافظوا علي وحدتهم. وقال رئيس الوزراء التركي إنه بعد استقرار الديمقراطية سيتحسن الاقتصاد.. معربا عن ثقته في أن مصر ستنمو بعد هذه الفترة لأن التراكم الحضاري المصري سيدفعها للأمام.. وأكد أن علاقات البلدين ستتعملق وتصبح أقوي بكثير في المرحلة القادمة.. وأن الشعبين سيسيران معا وستقف تركيا بجانب الشعب المصري دائما لأن بيننا صلات قرابة وصداقة علي مر التاريخ.. والآن هو الوقت للتضامن وستكون العلاقات الاستراتيجية ضامنا للسلام والتنمية.. وأعرب عن أمله في أن تكون انتخابات 2011 خيرا وبركة علي مصر. وقال اننا قدمنا كل النصائح ورحبنا بتلبية طلبات الشعب السوري وأعطينا الفرصة للادارة السورية ولكن زيادة عدد الضحايا المدنيين أصابنا بالألم. وأضاف رئيس الوزراء التركي أن الأسد فقد شرعيته حيث إنه لم يتم تطبيق الاصلاحات ولم يتحدث بصراحة ولذلك لا نستطيع أن نأمن له فالشعب السوري لا يأمن له. وقال إن الأسد سيبقي محكوما عليه في وجدان الانسانية ولافائدة في استخدام القوة للوقوف أمام مرحلة التغيير.. وعليه السير في هذا الطريق.. واصراره لن يجلب السلام والاستقرار لسوريا ويجب عليه أن يدرك ذلك.. ويجب أن يدرك هذه الحقيقة الجميع ومنهم الاسرائيليون.. وقال حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا . وقال أردوغان باللغة العربية مخاطبا الرئيس الاسد نحن فانون جميعا.. وإنا لله وإنا إليه راجعون .. وتساءل هل بقيت الدنيا لفرعون.. ويجب ألا ننسي أن قدرة الله التي حمت موسي عليه السلام في قصر فرعون قادرة علي كل شيء.. ويجب علينا أن ننتبه لذلك فنحن لن نبقي في هذه الدنيا. ولفت الي أن سوريا ليست كأي دولة بالنسبة لتركيا لدينا حدود مشتركة كبيرة وهناك أقارب ونسب متداخل ولنا قدر مشترك.. ووحدة سوريا أساس لنا.. ولن تقبل قلوبنا أي شيء يصيب وحدة الأراضي السورية بأي شكل.. فنحن نعطي اهتماما لاستقرار الشعب السوري الشقيق كما نعطيها لأنفسنا.. وهناك الآن اشتباك مذهبي وقوي خارجية تؤجج ذلك.. وقد نقلنا لهم هذه المخاوف وقلنا لهم يجب أن تفتحوا أعينكم فالبلاء قادم.. وقد حدث ذلك من قبل ونفس البلاء يتكرر.. ولهذا فان التغيير مهم . وأضاف أن تركيا لايمكن أن تتجاهل التطورات في الشرق الأوسط لأننا ليس فقط جزءاً من جغرافية المنطقة ولكن لأن لنا تاريخ مشترك ومستقبلاً واحداً. ودعا أرودغان إلي إجراء الإصلاحات بالمنطقة علي المستوي السياسي والاجتماعي والاقتصادي وقال يجب علينا تحقيق العدالة والحق والديمقراطية وعلينا أن نقف صامدين في هذه المرحلة التي يكتب فيها التاريخ مجددا. أوضح إن تركيا تقدم الدعم اللازم لكل المبادرات التي تطالب بحقوق كل من تضرروا من إسرائيل فلابد أن تدفع إسرائيل ثمن جرائمها. وتابع قائلا إننا سنواصل جهودها في محكمة العدل الدولية علي كافة الجبهات لملاحقة إسرائيل. وأكد أن القضية الفلسطينية هي قضية كرامة ويقتضي علينا أن نعمل في إطار هذه الحقيقة معتبرا أن فلسطين هي قضية لكل الإنسانية ولكل المساندين للكرامة والعدالة وأنها قضية حيوية حتي بالنسبة للسلام العالمي لأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يقع في قلب هذه المنطقة إذ اجتازت هذه القضية الحدود وأصبحت عالمية. وقال إن الوضع الحالي في غزة لايمكن استمراره وأن علي أخوتنا في فلسطين أن يعلنوا دولتهم المستقلة ويسعون للاعتراف بها فهذا ليس خيارا إنما ضرورة وسوف ندعم هذا التوجه في كل المحافل الدولية حتي نري فلسطين في وضع مختلف تماما. وأضاف : يجب أن نكون عازمين وحازمين في عملنا المشترك وحان الوقت كي يرفرف العلم الفلسطيني في الأممالمتحدة واختتم كلمته بالقول تعالوا لنرفع علم فلسطين إلي السماء ليكون رمزا للعدالة والسلام في الشرق الأوسط. وأشار رئيس الوزراء التركي إلي ان الشعب المصري خطا خطوة للديمقراطية معربا عن أمله ان تتم الانتخابات القادمة ويصبح ذلك ميلادا جديدا لمصر.. مشيرا إلي أن الاستفتاء الذي تم بعد الثورة يثبت ان الشعب المصري جاهز للديمقراطية والمشاركة وذلك سيعد مثالا يحتذي به وسيذكر التاريخ ميدان التحرير كاسم مرادف للكفاح والبحث عن الحرية والديمقراطية. وأكد أردوغان ثقته في ان الخطوات القادمة في مصر ستكون علي أساس وحدة وطنية وستجلب احتراما كبيرا لمصر.. مشيرا إلي ان حجم التجارة الخارجية مع مصر بلغ 3 مليارات دولار والاتجاه لزيادته إلي 4 مليارات دولار.. بعد ان كان خمس سنوات 600 مليون فقط وهناك استثمارات تركية نأمل ان تصل إلي خمسة مليارات دولار. وقال إن مصر تحتاج للاستثمارات ونحن معا نشكل 150 مليون نسمة ومن أصحاب البحر المتوسط ولن نكتفي بالتركيز علي دعم العلاقات التجارية والعسكرية والطاقة وغيرها بل سنتجه أيضا إلي المجال الثقافي والسياحي فمصر لها مكانة مرموقة في السياحة الدينية. ولفت إلي ان نقل الغاز الطبيعي المصري من خلال الأنابيب العربية إلي تركيا سيفتح صفحة جديدة لمنطقتنا ويجب علينا الاستمرار في العمل وقال ان مصر هي مفتاح تركيا لأفريقيا وتركيا هي مفتاح مصر لأوروبا والقوقاز. واختتم أردوغان خطابه قائلا "لا استطيع ان أنسي ميدان التحرير.. وقال باللغة العربية العربية ألف مبروك لكم.. واختم كلامي بقول السلام عليكم".