كانت الصحافة المصرية في الماضي تحتل الصدارة ومع مرور الوقت تأخرت هذه المكانة إلي الذيل وتقدمت عليها دول كانت تحبو في هذا المجال عندما كان لدينا صحفيون يصولون ويجولون بكتاباتهم التي جذبت القراء في الوطن العربي علي اتساعه. صحافتن أصبحت لا تميز الغث من السمين وتهرول وراء أي مصدر ظهر في قناة فضائية أو في صحيفة مشهورة وقال كلمتين نالتا استحسان القاريء حتي أنك تجد هذا الشخص أو ذاك يتحدث في كل الصحف في أيام متفرقة.. فخبراء السياسة الذين يتحدثون في هذه الصحيفة هم أنفسهم الذين يتحدثون لبقية الصحف ونفس الحال بالنسبة للخبراء في أي مجال. لم يعد الصحفي يجهد نفسه في البحث عن مصادر جديدة لموضوعاته التي يقدمها للقاريء حتي ان كلام هذه المصادر اصبح محفوظاً للقاريء الذي سئم هذه الشخصيات المكررة. صحافتنا بدون إبداع.. لا في عنوان ولا فكرة موضوع . صحافتنا بلا انفراد وتعتمد علي اللعب بالإلفاظ والضحك علي القاريء الذي أصبح اذكي من بعض رؤساء التحرير. صحافتنا بلا وعي.. وهل من الوعي ان تنشر صحيفة قومية يومية مانشيتاً عن وزير مصري نقلاً عن راديو إسرائيل دون ان تكلف نفسها عناء الاتصال بهذا الوزير لتأكيد الخبر أو نفيه وبالتالي نشر الخبر علي لسان هذا الوزير من القاهرة؟ صحافتنا هرولت وراحت تتسابق فيما بينها لإجراء حديث مطول مع المدعو أحمد الشحات الذي أنزل العلم الإسرائيلي من فوق العمارة التي تضم السفارة الإسرائيلية رغم ان ذلك عمل فوضوي كان يجب محاكمة فاعله وسجنه وليس تكريمه علي أعلي المستويات فكان الفعل التالي هو اقتحام السفارة من أناس ينتظرون التمجيد والتكريم مثل "الشحات". صحافتنا تنشر التقارير المطولة لوكالات الأنباء وشبكات التليفزيون الأجنبية دون مراعاة لتوجهات هذه الوكالات والشبكات فيظهر التقرير للقاريء بجريدة مصرية يصف الإسلام بالإرهاب والإسلاميين بالارهابيين. صحافتنا مازالت لا تعي خطورة ما تمر به مصر من وضع سياسي حساس جداً وان مجرد نشر تصريح خاطيء قد يأخذ البلد في اتجاه خاطيء. صحفيونا يبدعون في صحف الخليج والصحف الخاصة مادامت تدفع أكثر وأهملوا مصدر رزقهم الأساسي. صحفيونا اعتادوا إرراحة النفس وعدم إجهادها حتي أنك قد تقرأ خبراً كتبه مسئول كبير بالجريدة مليء بالأخطاء اللغوية. صحفيونا أصبح همهم الأكبر كتابة مقال وليس تحرير خبر يفيد القاريء.. صحفيونا نسوا ماضيهم فهان عليهم مستقبلهم المليء بالمخاطر. صحفيونا هانت عليهم صحافتهم وارتدوا ثوب القيادة والرئاسة فأصبحوا في مؤخرة الأمم.. صحفيونا ماتوا إكلينكياً فلم تعد تجد اثراً لهم بمجرد الانتهاء من قراءة الجريدة. صحفيونا ناموا في العسل فمن يوقظهم قبل أن يلسعهم النحل.. صحفيونا ماتت ضمائرهم فضعفوا واستكانوا. الصحافة مرآة الشعوب فإذا انكسرت هذه المرآة.. ماذا تنتظر من الشعوب إلا الفوضي؟!