مع إشراقة الصباح. بينما أسرع الخطي. لألحق بعملي. استوقفني صراخها. في ركن ضيق. بين العربات المصفوفة. افترشت الأرض وبكف يدها الغليظة. راحت تضرب رأسها بين الحين والحين. والدموع تسيل بغزارة. تجففها بكم سروالها الأسود وقد بدل التراب لونه. تتأمل بحسرة سائلاً أبيض اللون. كسا جزءاً من الأرض. وفي ركن قريب رقد إناء فارغ. به بقايا من هذا السائل. وبصوت مشروخ خرجت صرخاتها: ارحمني يارب. رزق عيالي ضاع. أبوهم مات وتركني للشقا والعذاب. لحظة أن اقتربت. شدتني من يدي بقوة. لألمس رأسها حيث تؤلمها. فهي مريضة بالضغط. في الحال تجمع المارة. مصمصوا الشفاه. انصرف البعض وفي عيونهم نظرات مريبة. ومن بقي ظل يتحسس جيبه. ارتفع صراخها ليهز أركان المكان: حتي الدوا مش قادرة أشتريه. عوضي عليك يارب. أخرج أحدهم من جيب سترته. خمسة جنيهات ودسها في يدها. وقلده الثاني. ثم الثالث. كل جاد بما يقدر عليه. ومازالت في الطريق بقية. تنبض قلوبهم بالرحمة. غادرت المكان مع انطلاقة دعواتي لها بالشفاء. لحق بي أحد عمال النظافة وهمس في أذني: دي رابع مرة تدلق السطل. وانضف أنا المكان.