اللغة هي وجدان الإنسان ووعاء ثقافته وهويته وقد اختار الله سبحانه لغتنا العربية ليجعلها لسان القرآن معجزته الخالدة.. لكنها تراجعت بتراجعنا الحضاري وانقيادنا لغيرها في مدارسنا وجامعاتنا ومراكز أبحاثنا. حتي صارت شاشاتنا واذاعاتنا وصحفنا وفضاؤنا الالكتروني وأحاديثنا اليومية تغص بأخطاء يندي لها الجبين.. ولأن اللغة تحيا بالاستعمال. وتموت بالإهمال.. فقد ارتأت "المساء" تخصيص هذه الزاوية للتفاعل مع لغتنا الجميلة. تصويباً لاخطائنا الشائعة. وتبسيطاً لقواعدها ودلالاتها العبقرية. وجمالياتها الفذة الثرية. * دلالات قرآنية: "الزوجة والمرأة في القرآن " عند قراءة الآيات التي ورد فيها لفظا "امرأة" و"زوجة" . نلحظ أن لفظ " زوجة " يُطلق علي المرأة إذا كانت الزوجية تامةً بينها وبين زوجها. وكان التوافق والاقتران والانسجام تامًا بينهما. دون اختلاف ديني أو نفسي أو عدم توافق. ومن أمثلة ذلك قوله تعالي:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " "الروم:21". وقوله تعالي:" والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين.." "الفرقان: 74".وبهذا الاعتبار جعل القرآن حواءَ زوجًا لآدم في قوله تعالي:" وقلنا يا آدم اسكنْ أنت وزوجُك الجنة " "البقرة: 35".. وبهذا الاعتبار أيضًا جعل القرآن نساء النبي صلي الله عليه وسلم "أزواجًا" له. في قوله:" النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم. وأزواجُه أمهاتُهم " "الأحزاب:6" فإذا لم يتحقق الانسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمي الأنثي " امرأة " وليست "زوجًا".. قال القرآن: "امرأة نوح "و"امرأة لوط". ولم يقل "زوج نوح" أو "زوج لوط".. وهذا في قوله تعالي " ضربَ الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوحي وامرآة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما " "التحريم:10".. إنهما كافرتان مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي. وكفرهما لم يحقق الانسجام والتوافق بينهما وبين زوجيهما. وكذلك الحال مع امرأة فرعون المؤمنة. ومن روائع التعبير القرآني علي لسان زكريا عليه السلام قوله " وكانت امرأتي عاقرًا.." وكان غياب التوافق مرجعه عدم إنجاب امرأته. ومعروف أن أحد أهداف الزواج هو النسل والذرية فإذا وجد مانع من الإنجاب فإن الزوجية لا تتحقق بصورة تامة لكن بعدما زال هذا المانع. وأصلح الله امرأة زكريا.. أطلق عليها القرآن لفظة "زوج" في قوله " فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه ". وبهذا نعرف أن لفظي "زوج" و"امرأة" ليسا مترادفين في القرآن. * نوادر وطرائف: كان للرشيد جاريةى سودَاء يحبها كثيرًا. اسمها "خالصة". وفي يوم من الأيام دخل الشاعر أبونواس علي الرشيد. ومدحه بأبيات بليغة. وكانت الجارية جالسة عنده. وعليها من الجواهر والدُّرر ما يُذْهِل الأبصارَ. فلم يلتفت الرشيد إليه فغضب أبونواس وكتب لدي خروجه علي باب الرشيد: لقد ضاع شِعري علي بابكم.. كما ضاع دُرّى علي خالصة. ولما وصل الخبر إلي الرشيد حنق "اشتد غيظه" وأرسل في طلبه. وعند دخول أبي نواس من الباب محا تجويف حرف العين من لفظتي "ضاع" فأصبحت "ضاء " ثم مَثَل أمام الرشيد. فقال له: ماذا كتبت علي الباب؟ فقال: لقد ضاءَ شِعري علي بابكم.. كما ضاء دُرّى علي خالصة فأُعجب الرشيد بذلك وأجازه. فقال أحد الحاضرين: هذا شِعرى قُلِعتْ عيناه فأَبَصَرَ. * أخطاء شائعة: يقولون: فلان هو الوريث الشرعي. والصواب. الوارث. إذ لم تسمع "وريث" في كلام العرب ولم ترد في معاجم اللغة.. قال تعالي: "وعلي الوارث مثل ذلك" "البقرة:33" يقولون: ساهم فلان في العمل. والصواب: أسهم. لأن ساهم معناها اقترع وفي القرآن:" فساهم فكان من المدحضين ". يقولون: تعودت علي القراءة. والصواب: تَعودتُ القراءة. لأن الفعل تعوَّد يتعدي بنفسه. ولا يحتاج إلي حرف الجر "علي". يقولون:" لم أفعل ذلك إطلاقًا " وصحته:" لم أفعل ذلك قط".. فالإطلاق ضد القيد. يقولون: هذا ملفت للنظر. والصحيح: لافت للنظر. لأن اسم الفاعل من لفت هو: لافت. يقولون: ذهبنا سويًا "أي مجتمعين" وهذا خطأ. لأن سويًا تعني متكاملاً معتدلاً أومستويًا لا عيب فيه. قال تعالي: " فتمثَّل لها بشرًا سويًا " "مريم:17" أي مستوي الخلق تامه. والصحيح ذهبنا جميعًا. فائدة لغوية: تحذف ألف "ما" الاستفهامية إذا اتصل بها حرف جر فنقول: عمَّ يتساءلون؟. فيمَ تفكر؟ إلامَ الخلف بينكم؟ وذلك للتفريق بين ما الاستفهامية وما الموصولة أو المصدرية مثل: أحدّثك غدًا عمَّا أريد.