حينما نقرأ الآيات القرآنية نجد آيات تصف المرأة زوجة ومرات أخرى تصفها "امرأة"، مما يدل على أن هناك فرق بين المرأة والزوجة في القرآن الكريم. فنلاحظ أن لفظ زوجة يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها في التوافق والاقتران والانسجام، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي، فإن لم يكن التوافق والانسجام كاملاً بين الرجل وزوجته، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما، فإن القرآن يطلق عليها "امرأة" وليست زوجاً. ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "سورة الروم". وبهذا الاعتبار جعل القرآن حواء زوجاً لآدم، في قوله تعالى : "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ". سورة البقرة-وجعل نساء النبي صلى الله عليه وسلم "أزواجاً" له ، في قوله تعالى : "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ. الزوجة والمرأة بينهما "فرق"في القرآن الكريم إذا لم يتحقّق الانسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع سواء ديني، أو نفسي، أو جنسي، فإن القرآن يسمّي الأنثى "امرأة وليس زوجاً، قال القرآن امرأة نوح، وامرأة لوط، ولم يقل : زوج نوح أو زوج لوط، وهذا في قوله تعالى : "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا-سورة التحريم. فعلى الرغم أن كل واحدة منهما امرأة نبي، لكن كفرها لم يحقّق الانسجام والتوافق بينها وبين زوجها النبي، ولهذا ليست زوجاً له، وإنما هي "امرأة ،ولهذا الاعتبار قال القرآن : امرأة فرعون، في قوله تعالى: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ" سورة التحريم "لأن بينها وبين فرعون مانع من الزوجية، فهي مؤمنة وهو كافر، ولذلك لم يتحقّق الانسجام بينهما، فهي "امرأته" وليست زوجة. روائع القرآن من روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين "زوج" و"امرأة" ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، أن يرزقه ولداً يرثه، فقد كانت امرأته عاقر لا تنجب، وطمع هو في آية من الله تعالى، فاستجاب الله له، وجعل امرأته قادرة على الحمل والولادة. امرأة زكريا عندما كانت امرأة سيدنا زكريا عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة "امرأة" ، قال تعالى على لسان زكريا: وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا"سورة مريم"، وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه، وأنه سيرزقه بغلام، أعاد الكلام عن عقم امرأته، فكيف تلد وهي عاقر، قال تعالى: "قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء-سورة مريم. وحكمة إطلاق كلمة "امرأة" على زوج زكريا عليه السلام أن الزوجية بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها، رغم أنه نبي، ورغم أن امرأته كانت مؤمنة، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية الإيمانية. ولكن عدم التوافق والانسجام التامّ بينهما، كان في عدم إنجاب امرأته، والهدف "النسلي" من الزواج هو النسل والذرية، فإذا وُجد مانع حيوي عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب ، فإن الزوجية لم تتحقّق بصورة تامّة. ولأن امرأة زكريا عليه السلام عاقر، فإن الزوجية بينهما لم تتمّ بصورة متكاملة، ولذلك أطلق عليها القرآن كلمة امرأة، فبعدما زال المانع من الحمل، وأصلحها الله تعالى، وولدت لزكريا ابنه يحيى، فإن القرآن لم يطلق عليها امرأة، وإنما أطلق عليها كلمة "زوج"، لأن الزوجية تحقّقت بينهما.