اللغة هي وجدان الإنسان ووعاء ثقافته وهويته.. وقد اختار الله سبحانه لغتنا العربية ليجعلها لسان القرآن معجزته الخالدة.. لكنها تراجعت بتراجعنا الحضاري وانقيادنا لغيرها في مدارسنا وجامعاتنا ومراكز ابحاثنا حتي صارت شاشاتنا وإذاعاتنا وصحفنا وفضاؤنا الالكتروني وأحاديثنا اليوميةتغص بأخطاء يندي لها الجبين ولأن اللغة تحيا بالاستعمال وتموت بالإهمال.. فقد ارتأت "المساء" تخصيص هذه الزاوية للتفاعل مع لغتنا الجميلة تصويبا لاخطائنا الشائعة وتبسيطا لقواعدها ودلالاتها العبقرية وجمالياتها الثرية الفذة. دلالات قرآنية "الأبوان" و"الوالدان" في القرآن إذا رأيت كلمة الأبوين فاعلم ان الآية قصدت الأب والأم مع الميل لجهة الأب. لأن الكلمة مشتقة من "الأبوة" التي هي للأب وليست للأم. أما إذا رأيت كلمة "الوالدين" فأعلم ان الآية قصدت الأب والأم مع الميل لجهة الأم فالكلمة مشتقة من "ولد.. ولادة" وهي من صفات المرأة دون الرجل. لذا جاءت كل آيات المواريث وما تعنيه من تحمل للمسئولية والتبعات الجسام بلفظة "الأبوين" ليناسب ذلك الرجل. فهو المسئول عن الإنفاق. وميراثه مصروف بينما ميراث المرأة محفوظ. قال تعالي: "ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك" وقوله تعالي: "ورفع أبويه علي العرش". أما في كل توصية أو مغفرة أو دعاء أو إحسان فقد اختار القرآن كلمة "الوالدين" لتناسب فضل الأم.. قال تعالي: "ووصينا الإنسان بوالديه احسانا" وقال تعالي: "وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا". من نوادر العرب بين حانة ومانة تزوج رجل بامرأتين. احداهما اسمها "حانة" والأخري اسمها "مانة" وكانت الأولي صغيرة في السن لا تجاوز عمرها العشرين سنة بخلاف الأخري التي شارفت علي الخمسين وقد لعب الشيب برأسها.. وكان الزوج كلما دخل حجرة "حانة" تنظر إلي لحيته وتنزع كل شعرة بيضاء وتقول: يصعب علي ان أري الشيب يلعب بهذه اللحية الجميلة وانت لاتزال شابا.. وعندما يذهب الرجل إلي حجرة "مانا" فتمسك لحيته هي الأخري وتنزع منها الشعر الأسود وهي تقول له: يكدرني ان أري شعرا أسود بلحيتك وأنت رجل كبير السن. جليل القدر ودامت حال الرجل علي هذا المنوال حتي نظر في المرآة يوما فرأي بها نقصا عظيما فأمسك بما بقي من لحيته وقال: بين حانة ومانة ضاعت لحانا!! أخطاء شائعة يقولون: شكا فلان من همه والصواب: شكا فلان همه. أي أبداه متوجعا. قال تعالي: "إنما أشكو بني وحزني إلي الله" يوسف 86 يقولون: اعتد فلان بنفسه. فلان معتد بنفسه والصواب: اعتز بنفسه أو معتمد علي نفسه لأن اعتد لها معان متعددة. منها حسبه. أحضره وليس من بينها اعتز. يقولون: هذه عصاتي. والصواب هذه عصاي. لأن ياء الملكية عندما تلحق عصا تصبح عصاي. وليس هناك داع لزيادة التاء في الكلمة. قال تعالي علي لسان موسي: "قال هي عصاي اتوكأ عليها وأهش بها علي غنمي" طه 18 يقولون: انتصرت الجيوش الإسلامية أجمعها أو بأجمعها والصواب: انتصرت الجيوش الإسلامية أجمع. لأن لفظة "أجمع" من ألفاظ التوكيد المعنوي التي لا تضاف أبدا ولا تدخل عليها الباء. يقولون: ولد فلان في جمادي الأول. والصواب: ولد في جمادي الأولي. لأن كل شهور السنة تلزم التذكير إلا جماديين فإنهما مؤنثان ويخطيء أيضا من يقول: جمادي الثانية. والصحيح جمادي الآخرة. يقولون: يحاكم فلان علي جنحة ارتكبها. والصواب: يحاكم فلان علي جرم أو جناح لأن الجناح بمعني إثم ارتكبه صاحبه قال تعالي: "ولا جناح عليكم فيما تراضيتم من بعد الفريضة" النساء 23 يقولون: عما نتساءل؟ وفيما نتناقش؟ والصواب: عم نتساءل؟ وفيم نتناقش؟ لأن "ما" الاستفهامية تحذف ألفها عند الاتصال ب "في" أو "عن" حرفي الجر. يقولون: ينبغي عليك ان تفعل كذا والصواب: ينبغي لك أن تفعل كذا. لأن الفعل "ينبغي" متعد بحرف الجر "اللام" قال تعالي: "وما علمناه الشعر وما ينبغي له ان هو الا ذكر وقرآن مبين" يس 69 يقولون: أسافر زيد أم عمرو؟ والصواب "أزيد يسافر أم عمرو؟" لأن التعبير الثاني هو الصحيح. * فائدة لغوية: - تحذف الألف من كلمة ابن إذا وقعت بين علمين ولم يفصل بينهما بفاصل وكان الثاني أبا للأول ولو كان بالكنية أو باللقب المشتهر به مثل عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان. - بلي حرف جواب يستعمل جوابا عن السؤال المنفي وهو يفيد إثبات الحكم الذي يشتمل عليه السؤال. ففي قولك: ألم يحضر الطبيب؟ يكون الجواب: "بلي" إذا كان الطبيب قد حضر وعند عدم حضوره يجاب ب "نعم".