يبدو ان الفساد الذي استشري بكل ضراوة وتوطدت جذوره الراسخة خلال السنوات الماضية في العديد من القطاعات المختلفة امتدت يداه هذه المرة بكل قوة إلي هيئة السكة الحديد بكفر الشيخ التي تصر اصراراً غريباً وعجيباً علي طرد وتشريد 48 أسرة من أبنائها العاملين بها إلي الشارع شر طردة مع سبق الاصرار والترصد دون أدني شفقة ولا رحمة ولا إنسانية وذلك بعد ان وعدتهم أكثر من مرة من خلال عقود واتفاقات رسمية واقرارات مكتوبة علي منحهم وحدات سكنية جديدة بدلاً من المنازل القديمة التابعة للهيئة التي يقطنون بها منذ أكثر من 50 عاما متواصلة والمكونة من طابق واحد فقط وأصبحت جميعها آيلة للسقوط واكتشفوا في نهاية الأمر ان الهيئة باعت لهم "التورماي" واصبحت وعودها المتكررة لهم بمنحهم مساكن حرة كريمة تقيهم من برودة الجو القارصة وحرارة الشمس المرتفعة مجرد أوهام وخيالات غير موجودة علي أرض الواقع وسراب في سراب كما يقولون وفوجيء الأهالي البائسين الكادحين بالانذارات بالطرد والتشريد في الشارع تنهال وتتوالي عليهم جميعاً خلال الأيام الماضية من هيئة السكة الحديد دون سابق انذار ودون أي بديل لهم لاخلاء مساكنهم. هذه الأسر البائسة ال 48 تشعبت الأسرة الواحدة منها الآن إلي ثلاث وأربع أسر يقطنون جميعاًُ في منزل بدائي واحد من اجمالي 58 منزلا منذ عام 1973 وتزوج فيها أولادهم واحفادهم وانجبوا في نفس المنزل لعدم وجود أي بدائل لهم لإنقاذهم من هذا الوضع المتردي والمأسوي الذي يعيشون فيه داخل هذه المنازل واكتشفوا في نهاية الأمر أنهم وقعوا ضحية ولقمة سائغة لهيئة السكة الحديد والمحافظين السابقين الذين خدعوهم جميعاً. بدأت هذه المسألة الخاصة بهذه الأسر تنسج خيوطها الدرامية منذ أكثر من 20 عاما عندما فوجئت أسر العاملين بهيئة السكة الحديد بكفر الشيخ والذين يقطنون المساكن التابعة للهيئة منذ أكثر من 50 عاما بمحاولات مستميته لطردهم من مساكنهم إلي الشوارع دون البحث لهم عن بديل تحت زعم إقامة إبراج استثمارية مكان المنازل الخاصة بهم دون إيجاد البديل المناسب لهم ولأسرهم فثاروا جميعاً ثورة عارمة تجاه هذا القرار الظالم فلجأوا إلي رئيس مجلس إدارة هيئة السكة الحديد بالقاهرة لإنصافهم والوقوف بجوارهم فكان قراره المنصف لهم بارجاء تنفيذ قرار الطرد لحين حصولهم علي سكن بديل من الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ ولم تمض سوي سنوات قليلة إلا بمحاولة جديدة لطردهم من منازلهم تتكرر من جديد مرة أخري واستغاثوا هذه المرة بوزير النقل الذي وقف بجانبهم واصدر قراره الجريء بإلغاء العمل بهذا المنشور من أجل الصالح العام للمواطنين. وعندما تفاقمت هذه المشكلة تدخل اللواء أحمد ذكي عابدين محافظ كفر الشيخ الاسبق بمبادرة ايجابية منه من أجل انقاذ الموقف المشتعل بين الطرفين وقام في 8 أغسطس عام 2010 بتحرير عقد اتفاق رسمي بينه كطرف أول ومدير عام الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل كطرف ثان ورئيس مجلس إدارة شركة الدلتا الدولية للاستثمار العقاري كطرف ثالث وتم الاتفاق بموجب هذا العقد علي التزام الطرف الثاني والثالث علي إقامة عمارة سكنية لتسكين العاملين بهيئة سكك حديد مصر والشاغلين لمساحة باقي الأرض المخصصة للمشروع بالمرحلة الأولي منه كما التزم الطرف الثاني بتخصيص مساحة 200 متر مربع بوقع أرض المشروع وتقديم الطرف الثاني باقتراح يتمثل في قيامه باستكمال بناء القطعة المرخصة علي ان يقوم بتوفير مساحات بديلة لاقامة 48 وحدة سكنية للعاملين بالهيئة ويلتزم الطرف الثالث بإنشاء هذه الوحدات علي ألا تقل مساحة الوحدة علي 75 متراً مربعاً ويلتزم الطرفان الثاني والثالث في المرحلة الثانية بعد إخلاء العاملين بالهيئة من باقي المساحات المخصصة للمشروع وتسكينهم بالوحدات السكنية بإقامة مبني خدمة خاصة بالمحافظة علي المساحة المتفق عليها. ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن كما يقولون حيث حاول الدكتور أسامة حمدي عبدالواحد محافظ كفر الشيخ السابق خلال العام الماضي استغلال المكان الموجود فيه هذه المنازل للقيام ببناء عمارات سكنية لمحدودي الدخل عليها علي أن يبدأ بعمارة تضم هذه الأسر جميعها قبل اخلائها ولكنه فشل مع المسئولين بهيئة السكك الحديدية الذين يصرون علي اقامتها أبراج استثمارية لصالح أحد المستثمرين وتجمد الوضع تماما علي هذا الوضع المؤسف بعد قيام الهيئة مؤخراً ببناء برج استثماري بهذه المنطقة خلال العامين الماضيين لاستيعاب هذه الحالات وقامت الهيئة في الخفاء بمحاولة بيع هذه الشقق السكنية بالمزاد وحرمان العاملين من هذه الوحدات مما أدي إلي تكهرب الجو تماما بين الطرفين حتي فوجيء أصحاب المساكن منذ أيام بلجنة من السكة الحديد تسلم لهم إنذارات بالطرد النهائي من منازل الهيئة بكفر الشيخ ورفضوا جميعاً استلامها مما أدي إلي خروج أصحاب هذه الأسر هم وأطفالهم عن شعورهم وجلسوا جميعاً القرفصاء فوق قضبان شريط السكة الحديد المجاور لمنازلهم وهددوا بالانتحار بشكل جماعي إذا لم تحل مشاكلهم مع هيئة السكة الحديد وتسليمهم الوحدات السكنية الجديدة الذين وعدوهم بها حتي يسلموا المنازل الخاصة به بهم لجمع شمل أسرهم. قال يحيي محمد عوض "74 عاما" بالمعاش إلي أين أذهب بزوجتي وأولادي الأربعة وأنا أقيم في هذا المنزل منذ عام 1973 وكنت أعمل ملاحظ بلوك بالسكة الحديد. مشيرا إلي ان اللواء أحمد زكي عابدين والدكتور أسامة حمدي محافظ كفر الشيخ السابق قدما الوعد لنا قبل ذلك من خلال عقد مكتوب بتوفير 45 وحدة سكنية لقاطني تلك المساكن في قطعة أرض مجاورة لتلك المساكن وتابعة لهيئة السكة الحديد وبعد بنائها عن طريق السكة الحديد فوجئنا ببيعها لمستثمرين من أجل تحقيق ربح مادي دون النظر لمعاناتنا اليومية وهذا هو قمة الفساد بعينه. أضاف كل من مني محمد علي وجيهان محمد النشار وعفاف أبوالغيط من قاطني هذه الوحدات "توارثنا هذه المساكن عن أبائنا العاملين بالسكة الحديد واضطررنا مرغمين محاولة قطع شريط قطار السكك الحديدية ومعنا أسر الموظفين علي المعاش وورثة موظفين كانوا يعملون بالهيئة في كفر الشيخ ولا بديل أمامنا سوي ذلك بعد ان أسودت الدنيا في وجوهنا جميعاً وجلس عدد منهم علي القضبان من أجل الانتحار الجماعي تحت عجلات القطار اعتراض منهم علي تواجد لجنة من هيئة سكك حديد طنطا لاتخاذ قرارات بطردنا وتسليم الأرض لمستثمرين من أجل بناء أبراج سكنية عليها. أشار كل من عبدالعزيز إبراهيم السيد وإبراهيم الميرغني خطاب وورثة رمضان الهطيل والسيد أحمد إبراهيم وعطية رشاد إبراهيم وعطيات أحمد عثمان وفايزة محمد صالح عبدالله. هيئة السكك الحديد تتلاعب بنا وتخالف عن عمد حكم محكمة القرار الاداري الصادر في 25 يناير 2003 الذي ألغي قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق الصرف الصحي. بإخلاء العاملين من مساكنهم وتوفير مساكن بديلة ونطالب المعاملة بالمثل فلا فرق بين العاملين بمرفق الصرف الصحي والعاملين بمرفق هيئة السكك الحديدية.