المشهد اللافت في الدورة الحالية لمعرض الكتاب أن غالبية الرواد يترددون علي أجنحته يتأملون العناوين دون أن يحاولوا الشراء فقد ارتفعت أسعار الكتب بصورة جنونية بدعوي ارتفاع أسعار الورق والخامات وقد امتد رفض هذا الارتفاع لسعر الكتاب ربما بدرجة أعلي من رفض القراء شراء كتبهم لأن القراء يستطيعون الامتناع عن الشراء أما المؤلفون فيشفقون من ركود بضاعتهم. مسئولية وصول الكتاب إلي قرائه - في تقدير الكاتب المسرحي محمد عبدالحافظ ناصف - تقع أولا علي عاتق الدولة وثانيا علي الناشر سواء كان تابعا للقطاع العام أم الخاص. علي الدولة ان تقلل الجمارك التي تزيد في أسعار الورق والاحبار وتجهيزات الطباعة بنسبة معقولة لأن الدولة ترجع إلي تدعيم الثقافة مرة أخري وتدفع لها ما تم اقتطاعه من ضرائب في المنبع كما ادعو إلي تخفيض كل مستلزمات الطباعة والورق وعلي ناشر القطاع العام أو الخاص ألا يغالي في سعر الكتاب مستغلا الظرف الاقتصادي الذي يرهق الكثيرين فيتنازل عن نسبة من المكسب في مقابل الحفاظ علي القارئ الذي قد يهرب منه مستقبلا لأن الكتاب في النهاية سلعة ثقيلة التوزيع وعليه ان يراعي اللحظة الآنية والمستقبلية. ويذهب د.أسامة أبوطالب إلي أن مواجهة هذا الارتفاع الجنوني في سعر الكتاب مسئولية الهيئات الثقافية بالدولة باعتبار أن الثقافة خدمة وليست سلعة وعملية التثقيف هي استثمار للمواطن يصب في النهاية في أمن الوطن واستقراره وفي خلق مواطن صحيح العقل والبدن. علي الدولة - ممثلة في هيئات التعليم والتربية والتثقيف - ان تعترف اعترافا حقيقيا بدور الكتاب في ذلك. نعم إن مصر تمر بظروف اقتصادية صعبة لكن المقابل لا يكون بحرمان المواطن من زاده العقلي والروحي. من واجب اجهزة الدولة المنتجة للكتاب ان تطرح اصداراتها بسعر مناسب بترشيد الأداء ومنع ازدواجية الطبع والنشر. هذه الهيئات تنشر الكتاب الحقيقي. المهم والمؤثر سواء لمؤلفين عرب أو أجانب ولعلي اذكر بكومات الكتب الراكدة والمكدسة في المخازن وتعرضها للتلف وهناك صفقات لبيع كتب للتجار بالجملة وتعاقدات تتم مع مطابع القطاع الخاص بينما تستطيع مطابع القطاع الخاص ان تنهض بهذا الدور وحدها من خلال تطويرها واجراء عمليات احلال وتجديد ولابد ان تكون هناك خطة حقيقية للنشر ترفض المجاملات ولا تعتمدها كمبدأ وان يتم الفرز الحقيقي والفحص وانتقاء ما ينشر. سلعة حيوية ويؤكد الناقد شوقي بدر يوسف ان حل هذه الأزمة يأتي بتدخل الدولة لخفض سعر الكتاب ودعم الجمارك بالنسبة للورق وتكاليف الطباعة. الكتاب شأنه شأن كل سلعة حيوية مثل رغيف الخبز كي يرجع الكتاب إلي مثل ما كان في الماضي حيث كانت المطابع تصدر كتابا كل ست ساعات. لقد جعل جشع الناشرين أسعار الكتاب فوق طاقة كل من يبحث عن القراءة. أما نحن الكتاب فنعيش علي الكتب القديمة ونحدد لمعرض الكتاب ميزانية نتمني أن تفي بما تريده من كتب. ويعبر د.أحمد صبرة عن أمنيته في ان يشعر الجميع بجدوي الثقافة بعيدا عن تعلل الناشرين بأزمات الورق والعمالة والتوزيع والأحبار وتكلفة الطباعة والتخزين وغيرها مما يؤثر كثيرا علي سعر الكتاب. من غير المتصور ان يصل سعر رواية لما يقرب من الثلاثمائة جنيه. اعتقد ان الحلول البديلة تأتي عبر تدوير الكتب والقراءة بنظام P.D.F نحن - ككتاب - لا نحصل علي أي ربح أو فائدة مما نكسبه. هناك من يحصل علي نسبة 10% من سعر الغلاف أو لا يحصل علي أي شيء. الأزمة كبيرة بالفعل والمتوقع ان يصل سعر الكتاب إلي أرقام فلكية بعد ان كان سعره من ارخص الاسعار في الوطن. الحلول علي وسائل الاتصال الالكترونية قد تكون مقبولة لكنها لا تمثل حلا نهائيا. الفكر يكتب ويصدر علي شكل كتاب يضيف الجديد إلي حياتنا اليومية فإذا ارتفع سعره فلن يشتريه أحد. اعتقد ان المسئولية جزء من مهام المؤسسات الثقافية حتي يتم تخفيض أسعار الكتب. والمفروض - كما تقول الروائية والكاتبة الصحفية زينب صادق- ان يعني المعرض بخفض اسعار الكتب واذكر ان الناس كانت تنتظر معرض الكتاب وتعد قوائم بالكتب التي تأمل اقتناءها وهو ما صار من الماضي والسؤال هو: لماذا لا يتدخل وزير الثقافة؟ كيف يسكت عن ارتفاع سعر رواية إلي مئات الجنيهات؟ ما أعرفه انها لم تكتب بماء الذهب. يضيف الفنان التشكيلي د.سامي رافع: التحفيز علي القراءة مسئولية الوزير وأبسط الأشياء ان يشكل لجنة لفحص الكتب المرتفعة السعر وهل مضمون الكتاب يساوي هذا السعر المغالي فيه؟ أو المقصود ان يشتري المقتدرون ماليا هذه الكتب الفاخرة؟ الحقيقة الملموسة ان من يمتلك ثمن الكتاب لا يقرأه والعض يقتني الكتب للوجاهة ووضعها علي أرفف المكتبة. لابد من تدخل وزير الثقافة. وإذا كان الكتاب الورقي قد وجد له منافسا علي الانترنت فإن الكتاب الورقي - في تقدير د.صابر عبدالدايم - ستظل له أهمية وخاصة لأن الناشرين علي المواقع الالكترونية يشترطون رسوما الكتاب الورقي بالحرص علي تلقيبه ومراجعته وتأمله والاحتفاظ به وظني ان هيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة تستطيعان تقديم الكتاب بيحث يسهل اقتناءه. أما المنافسة في الغلغاء فهو تصرف قد نتصوره في دور نشر القطاع الخاص وعليها هي الأخري ان تشجع عملية القراءة بإجراء المسابقات والجوائز كتب مهداه. الناشرون برفع اسعار الكتب يراهنون علي مستقبل صناعة الكتاب. علامة استفهام ويري القاص أشرف خليل ان ظاهرة الارتفاع الجنوني لسعر الكتاب تمثل علامة استفهام كبيرة تزامنا مع تجاهل دور الدولة وغياب المؤسسات الحكومية الهادفة لنشر الثقافة والداعمة لنشر الكتاب.. بالأمس القريب كانت تصدر سلاسل ثقافية متنوعة مدعومة من الدولة أشهرها مكتبة الاسرة وسلاسل اخري مدعومة وكانت بعض دور النشر الخاصة مثل مكتبة مصر تصدر كتبا لكبار الادباء بأسعار زهيدة إلي جانب جودة الطباعة والورق والاخراج فلم يكن الربح هو الهدف بقدر ما كانت تؤمن بدورها الثقافي التنويري واللافت ان دولا خليجية تصدر مجلات ثقافية ثرية بقدر ما كانت تؤمن بدورها الثقافي التنويري واللافت ان دولا خليجية تصدر مجلات ثقافية ثرية بأسعار رمزية مثل الرافد والعربي ودبي الثقافية والمجلة العربية وغيرها وقد يصدر مع المجلة كتاب بالسعر نفسه تشجيعا علي القراءة.. إذا كنا نرغب في الارتقاء بفكر الشباب ووعيه فلا بديل عن دعم سعر الكتاب وتشجيع اقتنائه وتوسيع قاعدة القراءة. ويعبر كاتب ادب الرحلات حسين قدري عن اعتقاده بأن بعض الناشرين يطبعون الكتب للمخازن ودعوي ارتفاع سعر الورق يلغيها ان مكتبة الانجلو تطبع - حتي الآن - كتبا رخيصة وقد اصدرت لصديقي الاثري أحمد عثمان كتابا بخمسة عشر جنيها وهي رابحة بالطبع وحل المشكلة يأتي بالرجوع إلي سياسة عبدالقادر حاتم باصدار كتاب كل ست ساعات والكتب ذات القروش القليلة مثل اعلام العرب والمكتبة الثقافية وتراث الانسانية وغيرها مما يتيح القراء لمن تعجز مواردهم عن اقتناء الكتاب الذي يريدونه وبالمناسبة فإن دار المعارف تطبع كتب مؤلفيها في دور نشر خاصة بينما خصصت مطابعها لنشر كتب التربية والتعليم. الكتاب يعادل رغيف الخبز في أهميته وعلي أيامنا كانت كتب محفوظ والسباعي والسحار وادريس بعشرة قروش فقط وكان الجنيه يكفي لاقتناع مجمعة معتبرة منها. أما د.طلعت عبدالحميد فيجد الحل في الوسائل الالكترونية اصدر له الناشر ثلاثة كتب ورقية واعتذر بعدم استطاعته نشر الكتاب الرابع وطلب د.طلعت ان يقصروا نشره علي الموقع الالكتروني دون ان يتقاضي أجرا. المهم ان تصل كتبي إلي طلابي وقرائي وهناك الموبايلات التي يمكن بواسطتها تصفح المواقع علي الانترنت وثمة حل رأيته في فرنسا ففي ظهر الخلاف الخارجي لكن كتاب أسماء الشركات الراعية لنشر كتب الأدب والفلسفة والسياسة وللأسف فقد صدر في بلادنا قرار الانفتاح دون ان نمتلك رأسمالية حقيقية وعلي الناشرين للقضاء علي هذه الأزمة الجديدة في أسعار الكتب - ان يقوموا بدور مجتمعي في مجالات الصحة والتعليم والثقافة بالكتاب صناعة للربح لكنه كذلك وسيلة خدمية مهمة. ويقترح د.مدحت الجيار عمل كل دار نشر دراسات جدوي لمقارنة تكاليف مطبوعاتها قياسا إلي مطبوعات دور النشر الأخري بحيث تحرص في دراساتها علي السعر الأقل. نحن ندرك ارتفاع اسعار الورق والأحبار وتكاليف الطباعة والتوزيع وغيرها لكن البيع بسعر اقل. بربح أقل أفضل من البيع بسعر مرتفع قد يعجز عن دفعه الكثيرون هذا هو المفتاح فعليا وإلا فليعبر الناشرون هذا الغلاء الذي أرجو ان يكون مؤقتا حتي تأتي الانفراجة في معرض العام القادم بإذن الله.