عودة بعد الصيام عن الكتابة طوال شهر رمضان. ندعو الله أن يتقبل منا صالح الأعمال. وأن يمدد خيرات الشهر الكريم طوال العام. الكتابة بعد شهر كامل من التوقف لها مشكلتان. الأولي ما أسميه "صدأ القلم". فالقلوب تصدأ بالابتعاد عن قراءة القرآن. والقلم يصدأ بالابتعاد عن الكتابة. أما المشكلة الثانية فتتمثل في سيل القضايا والأخبار والأحداث التي وقعت طوال الشهر وتحتاج إلي تعليق. ولأن المساحة المخصصة للمقال لا تحتمل التعليق علي أحداث شهر كامل. فلزم التصويب علي حدث واحد وتأجيل التعليق علي الأحداث الأخري إلي حين. لاشك أن الحدث الأبرز خلال شهر رمضان هو واقعة إنزال العلم الإسرائيلي من فوق السفارة بالقاهرة. ورفع العلم المصري بدلاً منه علي يد البطل الشاب أحمد الشحات. وذلك بعد العدوان الصهيوني الغاشم علي جنودنا في سيناء. بالتأكيد الموضوع قتل بحثاً علي صفحات الجرائد وعلي مواقع الإنترنت والفضائيات. خاصة بعد ظهور شخص ثان يدعي مصطفي كامل ويقول أنه البطل الحقيقي الذي أنزل العلم الإسرائيلي. لكن لفت نظري تفصيلة صغيرة. ففي اللقاء الأول للشحات علي إحدي القنوات. ذكر أنه تلقي تشجيعاً من أحد الضباط الذي أشار إليه بعلامة النصر أثناء تسلقه طوابق العمارة. وفي لقاء مع فضائية تالية. عندما سئل عن هذه الواقعة تحديداً. أنكر تماماً حدوثها خشية تعرض الضابط لأي مساءلة. وقد أعاد الموقف إلي ذهني واقعة رواها لي استاذي محمد هزاع. عندما كان مندوباً لجريدة "المساء" في وزارة الخارجية. حيث حضر وفد إسرائيلي رفيع المستوي في زيارة إلي القاهرة إبان تولي عمرو موسي - المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية - وزارة الخارجية. وفي حضور الإعلاميين ومندوبي الصحف. أخذ رئيس الوفد الإسرائيلي يصافحهم باليد. وهنا رفض هزاع أن يصافحه قائلاً له بالإنجليزية: لن أمد يدي لأصافحك. فرد عليه الإسرائيلي: كيف ونحن بيننا معاهدة سلام؟! فقال له هزاع: لأنك قاتل. وعندئذ ذهب مندوبو الصحف الأخري إلي موسي يشكون له مما فعله هزاع مع الوفد الإسرائيلي. ولكن رد موسي كان مفاجئاً. إذ قال: والله يا هزاع إذا لم أكن وزيراً للخارجية ما صافحته. مشاعر الشحات تجاه الكيان الصهيوني هي نفس مشاعر هزاع وموسي والضابط. وهي نفس مشاعري ومشاعرك. ولكن الفارق أن هناك من هم في موقع المسئولية. وهؤلاء يؤجلون الإعراب عن مشاعرهم.