وادعا أخي وصديقي وزميلي.. وداعا أيها الفارس النبيل الذي ما كان له أن يطيل البقاء في دنيا مليئة بالشرور لم تخلق لك. وما كان له أن يطيل البقاء في زمن خالف مبادئك. وداعا أيها المتحرر من قيودنا وآثامنا وخطايانا. وداعا أيها الهارب من أزماتنا ومشاكلنا وكوابيسنا. وداعا يا من اخترت حياة أرحب وأنقي وأطهر. فلن تجد هناك حكومة تنغص عليك معيشتك كل لحظة بقانون عشوائي أو قرار غير مدروس. ولن تجد هناك جمارك تزيد كل يوم. أو ضرائب تزيد كل يوم. أو فواتير للمياه والكهرباء تصيبك بالغصة. ولن تجد هناك مسئولين ماتت ضمائرهم وتبلدت حواسهم وباتت قلوبهم من الحجر. وداعا أيها الرفيق الذي عرفته رجلا ذا مبادئ وقلبا طيبا وعطوفا وروحا نقية مخلصة. وداعا أيها الصحفي الكبير صاحب القلم النزيه واللسان العفيف. وداعا أيها النموذج الإنساني الذي ارتقي بإنسانيته وسما بجوهره فكان خير ما يجسد المعاني الراقية. ها أنت رحلت ولم تعد في حاجة إلي رؤية الجنيه وهو مفروم في معركته مع الدولار. ولم تعد في حاجة إلي متابعة برلمان لا يدري ما الفرق بين الأفوكادو والبندورة. ولم تعد في حاجة إلي التحسر علي زيادة أسعار البوظة ومزيلات العرق وأغطية الأرضيات من ألياف جوز الهند والأحذية بنعال خارجية وأصناف السراجة والعدة لجميع الحيوانات وأجهزة الحلاقة وقص وإزالة الشعر وإعداد القهوة ومحامص الخبز وغيرها مما رفعت الحكومة عليها الجمارك بنسبة 60%. إنك الآن قد ارتحت من عمرو الجارحي وزير المالية وارتحت من طارق قابيل وزير التجارة وارتحت من أعضاء البرلمان الذين لا هم لهم سوي الشهرة ولا يذكرون من مصلحة الوطن سوي أغنية يا حبيبتي يا مصر. وارتحت من اللهو الخفي الذي يرسم سياسة مصر الاقتصادية. أنت الآن في جنة الخلد. نحسبك علي تلك الحال ولا نزكي علي الله أحدا. ونغبطك فيما أنت فيه فقد صعدت روحك إلي بارئها ولا حاجة لك في أن تصدق أو تكذب أصحاب الأفواه الفاغرة ليل نهار وهم يتحدثون عن تشجيع الصناعة المحلية وجذب الاستثمارات وزيادة السكان وأزمة السكر وأزمة الأدوية. هنيئا لك أخي أحمد الشريطي عافية لن تنقص أبدا وراحة لن تذهب أبدا ونعيما لن يخبو أبدا. هنيئا لك راحة البال وراحة الجسد وراحة الروح. هنيئا لك الجوار الكريم لأرواح النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. أدعو الله أن تكون ممن ألقي عليهم ربهم محبته. وأن نلحق بك علي حسن الخاتمة. وأن يعجل بموتنا إن كان الموت خيرا لنا. فها قد ضاقت واستحكمت حلقاتها. ولا أمل في أن تفرج. رحمك الله أخي العزيز وخلد ذكرك بيننا مثل أخوتنا الراحلين الأساتذة عبد الفضيل طه وسيد أحمد ومحمود عبد الفتاح والكابتن أنور ومجدي يوسف وصلاح عبد الرحيم وغيرهم.