كنا نلوم أنفسنا نحن العرب ونلوم بعضنا في كل انتخابات رئاسية أمريكية. كيف تتوقف حياتنا ونعلق مصير قضايانا انتظاراً للرئيس الأمريكي الجديد الذي سيفوز في الانتخابات. الآن. بعد فوز ترامب. بل وربما قبله ايضا. ثبت أن العالم كله يعلق مصير قضاياه بما يمكن أن يفعله الرئيس الأمريكي الجديد عندما يجلس علي المكتب البيضاوي يوم 20 يناير المقبل. أوروبا. وحلف الأطلنطي. واتفاقية الشراكة الأمريكية الأوروبية. والخوف من أن يجتاح تيار ترامب اليميني حكومات دول القارة. جعل شعوبها وقياداتها تعيش علي أعصابها في انتظار ما سيفعله الرئيس الأمريكي الجديد الذي لا يعجبه الاتحاد الأوروبي وسبق له تهنئة البريطانيين علي اختيارهم الخروج منه. ولا يعجبه حلف الأطلنطي الذي يحصل أعضاؤه علي حماية أمريكية بالمجان. ويريد نسف كل اتفاقيات الشراكة التجارية ما لم تكن "أمريكا أولا" ضمن أهدافها. آسيا. وعلي رأسها الصين. أكبر قوة عالمية فيها. واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي. ومنظمة "الآسيان" كلها تقف علي أطراف أصابعها انتظاراً لمفاجآت الرئيس الأمريكي الذي أعلن أن أول قرار سيتخذه فور دخوله البيت الأبيض هو إلغاء عضوية أمريكا في اتفاقية الشراكة. واستفز الصين أول أمس بإجراء أول اتصال هاتفي لرئيس أمريكي برئيسة تايوان التي لا تعترف الصين بها. أمريكا اللاتينية. الفناء الخلفي للولايات المتحدة. تخشي حكوماتها اليسارية من اجتياح التيار اليميني الذي شجعه فوز ترامب. لبلادها. ولا تعرف حتي الآن ما الذي يمكن أن يفعله الرئيس الأمريكي بمنظمة الدول الأمريكية التي تضم الولاياتالمتحدة وكندا. بالإضافة إلي دول أمريكا الوسطي والجنوبية. وسبق أن هدد ترامب جارته الجنوبية المكسيك بأنه سيبني جداراً علي حدود الولاياتالمتحدة معها لمنع تدفق العصابات الإجرامية وتجار المخدرات منها إلي بلاده. الشرق الأوسط. وما أدراك ما الشرق الأوسط.. إيران يهددها بإلغاء الاتفاق النووي الذي وقعته مع أمريكاوروسيا وخمس دول أوروبية معها. وكشر لها الكونجرس الأمريكي الذي تسيطر عليه أغلبية جمهورية موالية لترامب عن أنيابه هذا الأسبوع وأقر استمرار العقوبات المفروضة عليها. تركيا الأردوغانية. الحائرة بأطماعها الإقليمية ما بين الاتجاه لأوروبا التي جمدت مفاوضاتها معها للانضمام. لعضوية الاتحاد الأوروبي. وما بين شراكتها التقليدية مع الولاياتالمتحدة في إطار حلف الأطلنطي. وبين شراكتها الاستراتيجية الجديدة مع روسيا.. وعلاقاتها القوية مع إيران. والمتردية مع مصر. مما يجعلها لا تستطيع أن تتبين موقعها بالضبط في خريطة اهتمامات وتوجهات الرئيس الأمريكي الجديد. في انتظار أن يفصح هو عن توجهاته. السعودية. وصلتها رسالتان غير مطمئنتين.. رسالة من إدارة أوباما قبل أن يرحل. بإصدار الكونجرس قانون "جاستا" الذي يقضي بمعاقبة الدول التي شارك مواطنون منها في أحداث 11 سبتمبر 2001. ثم رسالة من ترامب خلال حملته الانتخابية يطالبها هي وألمانيا وكوريا الجنوبية بدفع ثمن حماية أمريكا لأمنهم واستقرارهم. بقية دول المنطقة ومعها الدول الافريقية ايضا. وقضاياها. من القضية الفلسطينية. إلي مكافحة الإرهاب في سوريا وليبيا والعراق واليمن والقارة الافريقية. إلي التنمية ومحاربة الفقر.. كلها تنتظر كيف سيتعامل الرئيس الأمريكي الجديد معها ومع قضاياها. ما الذي تغير في هذه الانتخابات الأمريكية. وجعل العالم مشدوداً بحالة ترقب غير مسبوقة لمفاجآت الرئيس الأمريكي الجديد. وتعكس صحافته كلها وتصريحات قادته كثيراً أو قليلاً من القلق تجاهه؟! أمريكا نفسها لم تتغير.. لم تخترع سلاحاً سرياً جديداً. ولا قفز اقتصادها قفزة غير عادية. فقط انتخبت شخصاً يعتمد علي ترويع الآخرين ومبادأتهم بالهجوم حتي يحصل منهم لبلاده علي أكبر قدر من المكاسب. دون أن يعرف أحد من هؤلاء الآخرين مفاتيح شخصيته. حتي يمكنه الوصول إلي محتويات صندوقه الأسود غير ما يصرح به علناً.