* يسأل أحمد عامر من القاهرة: ما رأي الدين فيمن يجعل حديثه دائماً الشكوي والتشكي من الأهل والأولاد والحياة والصعاب والأصدقاء؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: يوجه الإسلام أتباعه إلي ضرورة الاستعانة بالله عز وجل عند الشدة لا المسارعة إلي الشكوي والتشكي ولذلك يقول الرسول الأكرم "صلي الله عليه وسلم": "من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته. ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل". ولذلك سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه رجلاً يسأل الناس يوم عرفة فقال منكراً عليه: أفي هذا اليوم وفي هذا المكان تسأل غير الله ثم خفقه بالدرة" وفي الحديث: "استغنوا بغني الله تعالي عن غيره قالوا: وما هو؟ قال: غذاء يوم وعشاء ليلة" رواه أحمد بإسناد حسن. وذكر الإمام أبو حامد الغزالي من الكلمات ما تحتاج إلي وقفة ومراجعة وحسن تدبر فيقول في كتابه "الإحياء": "الأمور السماوية غائبة عنا فلا ندري متي ييسر الله تعالي أسباب الرزق فما علينا إلا تضريع المحل والانتظار لنزول الرحمة وبلوغ الكتاب أجله كالذي يصلح الأرض وينقيها من الحشيش ويبث البذر فيها وكل ذلك لا ينفعه إلا بمطر ولا يدري متي يقدر الله أسباب المطر إلا انه يثق بفضل الله تعالي ورحمته انه لا يخلي سنة عن مطر". ومن ثم ينبغي علي المسلم الصبر والاحتساب عند الله وحسن التوكل عليه مع مراعاة الأخذ بالأسباب لأن الصبر والاحتساب لا ينتجا أثراً إلا إذا اتخذ الإنسان كل عمل يريد تحقيقه جميع الأسباب الموصلة اليه لأن الله تعالي قد ربط الأسباب بمسبباتها. * يسأل: سيد مصطفي من الجيزة: ما رأي الدين في الموظف المرتشي الذي يبرر لنفسه الحصول علي الرشوة؟ ** يجيب: لقد أجمع فقهاء الإسلام علي تحريم الرشوة. وانها من أكبر الكبائر. والأصل في ذلك قوله تعالي: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" البقرة .188 ولقد أطلق الله تعالي علي من يأكلون أموال الناس بالباطل بأنهم أكالون للسحت حيث يقول: "سماعون للكذب أكالون للسحت" "المائدة 42". كما ورد عن النبي الكريم صلي الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تحرم الرشوة صراحة وتلعن الراشي والمرتشي والوسيط بينهما. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم" "رواه الترمذي. وابن حبان. والحاكم". وزادوا: "والرائش" يعني الذي يسعي بينهما. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "الرشوة في الحكم كفر. وهي بين الناس سحت" وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "الراشي والمرتشي في النار". ولا شك أن اللعن في الحكم هذا عام. أي في كل من ولي أمراً ولو كان يسيراً وانه لا يحق لأحد أن يبرر حصوله علي الرشوة بقلة راتبه أو بأنه يعول أسرة كبيرة أو كما يقولون "مصاريفه شديدة" لأن الرشوة من أشد أسباب ضياع الحقوق. بل ربما يسعي الإنسان للحرام وهو يزعم انه يحافظ علي أسرته. وقد يكون في ذلك ضياعها والقضاء عليها وهو لا يدري. فمن الواجب علي الإنسان أن يتمسك بثوابت دينه ويصبر علي الحياة وعلي قضاء مصالحه فيها بالمثابرة والمجاهدة والكفاح الشريف. وصدق الله العظيم إذ يقول: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله مع المحسنين" "العنكبوت 69".