الإحباط والتوتر والاكتئاب والقلق وفقدان الانتماء ومحاولة الهروب من الواقع إلي عالم آخر افتراضي في خيال الشباب ليس به أية مشاكل.. والاقدام علي الانتحار من خلال الهجرة غير الشرعية.. كلها أفكار وخواطر.. أدت إلي وجود تساؤلات في عقولنا.. وهل الواقع أصبح السبب في إصابة نسبة كبيرة منن الشباب بالأمراض النفسية وفقدان الأمل.. هل المشاكل الاجتماعية هي السبب الرئيسي لاصابتنا بالاكتئاب.. هل هناك روشتة للتفاؤل وتحقيق أحلامنا تدفعنا إلي التفاعل الناجح مع المجتمع وظروفه الصعبة. كل هذه الأسئلة طرحناها أمام د. إيمان فوزي شاهين مدير مركز الإرشاد النفسي والصحة النفسية بجامعة عين شمس والتي فتحت قلبها ل "المساء" في حوار جريء لا يخلو من السياسة نتعرف عليه من خلال السطور التالية: * هل زيادة الهجرة غير الشرعية دليل علي عدم الشعور بالأمان ونقص الانتماء للوطن؟ ** هناك عوامل طرد داخل المجتمع المصري وهناك عوامل جذب في دول أوروبا وللأسف عوامل الجذب أقوي من مشاعر الانتماء للوطن لأن الشباب يعاني من ظروف صعبة أقوي منه وما يحدث من هجرة غير شرعية هي ظاهرة غير طبيعية تشهدها قري ومحافظات مصر خاصة الفقيرة وما يقدم عليه الشباب من تعريض حياتهم وحياة زوجاتهم وأولادهم للموت هو جنون. لابد من دراسة ظاهرة الهجرة غير الشرعية علي أساس علمي.. والدولة مشاركة فيما يحدث من أزمة فلا توجد فرص عمل بشكل يجعل الشباب لا يفكر في السفر للخارج وأيضاً هناك فساد بسبب قيام المراكب بمغادرة سواحل كفر الشيخ أو المعمورة بالإسكندرية وحتي الوصول إلي المياه الإقليمية لدول أوروبا والمشكلة لها أبعاد اجتماعية ونفسية وسياسية وأمنية ولابد من دراسة كافة الأبعاد وقيام الدولة بوضع حلول عاجلة للمشكلة مطلوب من البرلمان القيام بدوره في تغليظ عقوبة الهجرة غير الشرعية وتوقيع أقصي العقوبات علي سماسرة الهجرة غير الشرعية مع تطبيق القانون بكل حزم وإحكام القبضة الأمنية علي السماسرة الذين يستخدمون مراكب صغيرة لتهريب آلاف الشباب والأسر ويعرضون حياتهم للخطر ويبيعون لهم الوهم. * ما تحليلك النفسي لجماعة الإخوان الإرهابية ولتصرفاتهم خلال عام الذي حكموا فيه مصر؟ ** الإخوان يبررون الكذب بطريقة لا يقبلها العقل أو المنطق.. أو يحللون ما حرمه الله بأساليب ملتوية.. الجماعة الإرهابية ليس عندها أي شعور نحو الوطن والانتماء لتراب البلد والدفاع عن أراضيه الاستقلال والوحدة الوطنية لا تعني لهم شيئاً ويظهرون غير ما يبطنون ودائماً لديهم تطبيق منهج الغاية تبرر الوسيلة. وبالنسبة لكل دعوات المصالحة الشعب المصري يرفض أية مصالحة مع جماعة إرهابية سواء مع من تلطخت أيديهم بالدماء ومع من لم تتطلخ أيديهم لأنهم كاذبون ولا عهد لهم ولن نثق فيهم مهما حدث ومهما كذبوا وحرضوا علي مصر من الداخل ومن الخارج فهم مجموعة عاثت في الأرض فساداً ولن يسامحهم الشعب المصري أبداً علي قتل الأبرياء لمجرد الاستيلاء علي السلطة. * هل تطور وسائل الاتصالات في العصر الحالي سبب رئيسي لزيادة الشعور بالإحباط والتشاؤم عند الشباب؟ ** تطور وسائل التكنولوجيا والاتصالات سلاح ذو حدين.. فقد يساعد علي تقوية الروابط الاجتماعية بسبب سرعة وتيرة الحياة أحياناً يتم استغلال وسائل الاتصالات وتقدمها للتواصل مع الأقارب والأصدقاء وقد يؤدي سوء استخدام وسائل الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي إلي العزلة والاحباط والتشاؤم إذا ظل الإنسان يعيش في حياة افتراضية طوال الوقت بما يؤثر علي عمله. * لماذا لا يتم تدريس التربية الجنسية في المدارس وأيضاً الصحة النفسية في المقررات الجامعية؟ ** تدريس التربية الجنسية له فوائد لأنه يشبع احتياجات نفسية واجتماعية وثقافية ولكن لا يمكن عمل منهج للتربية الجنسية بالمدارس ولكن يمكن تدعم مناهج العلوم والأنشطة المختلفة والفنون والآداب بمداة التربية الجنسية وأيضاً نفس المشكلة يمكن حلها بالنسبة لتدريس مقررات الصحة النفسية فيجب تدعيم المناهج بها سواء في التعليم الجامعي أو في المدارس فلا يمكن تحقيق وبناء شخصية سوية دون توفير مقومات الصحة النفسية ودراستها. * ما رأيك في دعوات النزول علي الإنترنت والفيس بوك ليوم 11/.11 ** الشعب أذكي مما يتصور الإخوان والدعوات التحريضية علي مؤسسات الدولة لن يتجاوب معها الشعب لأنه استوعب الدرس جيداً وعامة الشعب لديه ثقافة سياسية عالية أحياناً تسبق تفكير الصفوة وهذه الدعوات سوف تعيد مصر آلاف السنين ولن تقدم شيئاً ايجابياً للوطن وهنا يظهر دور الإعلام في توعية الشباب خاصة إننا في مرحلة البناء. ويوم 11 نوفمبر مش حيحصل حاجة وأصحاب الدعوات الشعب المصري كفيل بهم يستطيع مواجهة هؤلاء هذه دعوات تمس الأمن القومي وتهدف لمواجهة السلطات والتخريب وإشاعة الفوضي ضد مؤسسات الدولة.. وأوجه سؤال لدعاة التحريض والنزول يوم 11 نوفمبر ما هي أوضاع سوريا وليبيا والعراق واليمن؟.. أين شعوب هذه البلدان؟ وهل المظاهرات والثورات استطاعت حل مشاكلها؟! * ما دور مركز الإرشاد النفسي لخدمة المجتمع بجامعة عين شمس وكيف يمكن تقديم خدمة اجتماعية نفسية لكل أفراد الأسرة؟ ** مركز الارشاد النفسي بجامعة عين شمس هو الوحيد علي مستوي الجامعات المصرية الذي يقوم بتدريب كوادر الارشاد النفسي حيث يتم تدريب المعالج والمرشد النفسي وتدريب المعلمين من الناحية السيكولوجية ليكونوا قادرين نفسياً علي التعامل مع شخصيات الطلاب المختلفة وأيضاً تحمل ضغوط المهنة. وبالنسبة للأسرة المركز يقدم خدمات لأفراد الأسرة لكيفية تحقيق التوافق الاجتماعي الناجح مع المجتمع وفي محيط العمل وأيضاً نقوم بعمل ندوات لتقديم التوعية بالمدارس وعقد مؤتمرات سنوية للطلاب بالجامعات المصرية لتعريفهم بخدمات الارشاد النفسي وأيضاً نقدم خدمات للشباب والفتيات المقبلين علي الزواج مع تقديم استشارات نفسية للأسرة وكل ذلك يتم برسوم قليلة بالمقارنة بمراكز الإرشاد والطب النفسي الخاصة التابعة لأفراد. * ما سبب زيادة الشعور بالإحباط لدي الشباب من أبناء الجيل الحالي ** ازدياد الشعور بالإحباط يرجع إلي مواجهة الشباب ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة وضغوط شديدة بسبب تقدم وسائل الاتصالات والثورة المعلوماتية ووجود تحريات تفوق أحياناً امكانيات بعض الشباب ولكن هناك كثيراً من النماذج الشبابية تتحدي الصعاب والظروف القاسية وتحقق نجاحاً كبيراً في مجال الحياة العملية وتخلق لنفسها مجالات تنجح فيها. ولا يمكن حصر دور الشباب في الاعتراض وتنظيم الوقفات الاحتجاجية للمشاكل التي يمر بها المجتمع أو للمشاكل التي تعوق تحقيق أحلامهم ولابد أن يكون لدي الشباب رؤية فإذا كان الاحتجاج أسلوباً للاعتراض ولكنه لن يكون أبداً أسلوب لحل المشكلة.. فيجب علي الشباب تقديم حلول جديدة مبتكرة للمشكلات المعاصرة يمكن تطبيقها في الواقع أما إذا كانت المظاهرات والاحتجاجات هي الحل.. فلن نحقق إلا الفوضي. * الصحة النفسية وسيلة لتحقيق تكيف الفرد مع بيئته كيف يمكن أن تحقق التفاؤل والأمل للشباب؟ ** الصحة النفسية المجتمعية يمكنها توفير خدمات تساعد علي التكييف مع المجتمع والبيئة مثل تبني عادات تؤثر في المجتمع تأثراً ايجابياً وأيضاً المساعدة علي نشر الفكر التوسطي المعتدل دون تطرف ومهمة الصحة النفسية المجتمعية هي توفير مقومات الصحة النفسية ولابد أن نعرف أننا نصنع الدواعش بالفكر الديني المتطرف وتشجيع الفكر المتطرف وعدم محاربته يؤدي لتكوين شخصيات لا تعرف إلا العنف ولابد من توفير العدالة الاجتماعية حتي نحقق الصحة النفسية عند أفراد المجتمع والإحساس بالظلم وعدم المساواة دائماً يكون ناتج عن غياب العدالة الاجتماعية ولا يمكن أن تحقق الصحة النفسية أهدافها في غياب العدالة الاجتماعية من المجتمع وكثير من الأمراض النفسية تكون سببها عدم تطبيق العدالة الاجتماعية. * هل العلاج النفسي قادر علي شفاء المريض بالفعل أم هو مجرد عامل يساعد في العلاج والشفاء التام يتم بتناول الأدوية؟ ** هناك أمراض تحتاج إلي تدخل طبي مثل الأمراض العقلية ومنها الفصام والاكتئاب والذهان. وفي هذه الحالات يتم تناول العلاج الدوائي وهناك أمراض مزمنة لا يتم شفاؤها إلا باستخدام العلاج النفسي وأحياناً يتم استخراج العلاج الدوائي للسيطرة علي الأعراض المرضية ثم يأتي دور العلاج النفسي التكميلي وهناك حالات تحتاج العلاج النفسي فقط مثل الفوبيا والوسواس القهري والاكتئاب العصابي وفي كثير من الأحيان يتكامل العلاج النفسي مع العلاج الطبي. * هل وفاة الأم تؤثر علي الصحة النفسية للأطفال ويؤدي ذلك الاصابة بالاضطرابات النفسية عند الكبر؟ ** الدراسات والبحوث الاجتماعية أثبتت أن وفاة الأم تؤثر سلبياً علي الصحة النفسية للأطفال وأحياناً تؤدي ذلك لشخصيات معقدة أو لديها بعض الاضطرابات السلوكية ولا يعني ذلك انه لابد أن يتحول الأطفال إلي مرضي نفسيين. ويحدث الآن في كثير من الأسر ايجاد بدائل للأم في حالة وفاتها مثل نقل الأطفال إلي أسرة أخري من الأقارب أو زواج الأب من زوجة أخري لتربية الأبناء أو الاستعانة بمربية للأطفال حتي تمر مرحلة الطفولة ورغم أن وفاة الأم يؤدي لبعض التأثيرات السلبية علي نفسية الأطفال إلا أن بعض الأطفال لا يصابون بأي اضطرابات وتكون حياتهم طبيعية في مرحلة المراهقة ويستطيعون التكيف مع المجتمع والبيئة المحيطة بهم. * هناك مطالب كثيرة لصرف إعانة بطالة للشباب المصري فما رأيك؟ ** الدولة مسئولة عن المواطنين وتوفير فرص عمل للشباب وخريجي الجامعات ولكن هناك بعض الشباب متعطلون عن العمل بإرادتهم ومزاجهم ويرفضون أي عمل لمجرد رغبتهم في الالتحاق بأعمال معينة ذات مرتبات مرتفعة رغم توافر فرص عمل بمرتبات مناسبة لا تجد يشغلها.. ولا أوفق علي صرف بدل بطالة أو إعانة للعاطلين خاصة أن ظروف البلاد الاقتصادية لن تسمح بذلك في الوقت الحالي كما أن هناك بعض الشباب قد يعتمدون علي إعانة للبطالة ولن يبحثون عن عمل. وعلي سبيل المثال قد استطاع عضو البرلمان عن مدينة نصر توفير أكثر من مائتي فرصة عمل وتدريب الخريجين بإحدي الشركات وتم تحديد مرتب المتدرب بألف ومائتين جنيه ومع ذلك لم يتجاوب أحد معه ولم يتقدم للوظائف إلا 20 شاباً فقط وهذا دليل علي أن الشباب غير جاد في البحث عن فرص عمل ويبحث عن الأعمال المكتبية السهلة أو الوظيفة الميري أو الوظائف ذات الوجهة الاجتماعية الجذابة.