تناولت في هذه الزاوية أمس قضية المدرسة الأمريكية بالمعادي التي تقدم في مناهجها معلومات مضللة عن حرب أكتوبر 1973.. تدعي أن إسرائيل انتصرت علي مصر.. ثم تنازلت لها عن سيناء من أجل السلام لأنها "طيبة القلب".. وطالبت - بهذه المناسبة - بفتح ملف المدارس الأجنبية في مصر التي أصبحت تمثل مستوطنات تعليمية علي أرضنا.. تشكل عقول أبنائنا حسب أهوائها وأهدافها.. لا نعرف ماذا تقدم لهم في مناهجها.. ولا تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم. ولخطورة القضية.. فقد تكشفت معلومات صادمة ومتضاربة.. تؤكد حالة العشوائية واللامبالاة وانعدام المسئولية التي نعيشها.. والتي تستغلها هذه المدرسة ومثيلاتها لكي تقوم بدور مرسوم يستهدف تزييف التاريخ.. وتزييف وعي الطلاب.. وهذه نماذج من المعلومات: * قال مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم لجريدة "الشروق" إن المدرسة الأمريكية بالمعادي خاصة بالجالية الأمريكية.. وليس مسموحا للطلاب المصريين الالتحاق بها إلا بموافقة كتابية من وزير التربية والتعليم.. والوزير لم يوافق علي إلحاق أي طالب مصري بها هذا العام.. ومثل هذه المدرسة لا تخضع لاشراف الوزارة وإنما تتبع سفارات بلدانها ووزارة الخارجية.. والوزارة لا تعلم شيئا عن المناهج التي تدرسها ولا تملك غلقها ولا اتخاذ أي إجراء ضدها. نشر موقع "اليوم السابع" تقريرا مفصلا عن المدرسة تبين منه أنها تضم أبناء وأحفاد عدد كبير من السياسيين والفنانين ورجال الأعمال.. ومن ضمنهم عمر علاء حفيد الرئيس الأسبق حسني مبارك.. تخيل المأساة.. حفيد مبارك يدرس في مدرسته ان مصر هزمت في 1973.. ولو جاء سؤال في الامتحان فلن يكون بمقدوره أن يقول غير ذلك.. هل تتصور حجم الكارثة عندما يخرج أبناء وأحفاد كبار البلد وأغنيائه - السياسيين والفنانين ورجال الأعمال - وهم مقتنعون بأن مصر هزمت في أكتوبر وأن احتفالاتنا بالنصر والضربة الجوية الأولي والعبور مجرد وهم يعيش فيه الشعب المتخلف المضحوك عليه. تبين من تقرير "اليوم السابع" أيضا ان المدرسة يوجد بها العديد من الطلبة مختلفي الجنسيات.. وتبلغ نسبة المصريين بينهم ما يقرب من 10% والمصروفات تحصل بالدولار.. ويتقاضي بعض العاملين فيها رواتبهم بالدولار.. والمدرسة لا تنظم طابور الصباح ولا تؤدي تحية العلم ولا يردد فيها النشيد الوطني.. والطلاب يدخلون الفصول علي الموسيقي الأجنبية. * المتحدث باسم وزارة الخارجية أعلن أن المدرسة تتبع سفارة أجنبية... هي جزء من السفارة.. ونبحث مسألة المناهج والرد عليها.. وزارة الخارجية ليس لها ولاية علي المناهج.. التربية والتعليم الأكثر دراية بهذه الأمور. * مصدر بارز في السفارة الأمريكية بالقاهرة أكد في مداخلة مع الاعلامي جابر القرموطي ان السفارة ليس لها أي علاقة بالمدرسة الأمريكية صاحبة تزوير التاريخ.. لا وصاية لنا علي المدارس الأمريكية.. ولا حتي علي الجامعة الأمريكية.. هي مشروعات تعليمية مستقلة.. وكل جهة تتحمل مسئولية ما تقوم به. * اعترفت وزارة التربية والتعليم بأنها لم تكن تعرف شيئا عن المدرسة.. ولكن بعد ثبوت وجود طلاب مصريين يدرسون بها فلابد من أن تخضع للإشراف المالي والإداري للوزارة وإلزامها بالقواعد العامة خاصة تحية العلم والنشيد الوطني وإلغاء تحصيل المصروفات بالدولار.. بالإضافة إلي مراجعة المناهج.. وبالذات ما يتعلق بالوطنية المصرية وهوية الدولة والتاريخ واللغة العربية. بقيت عندي بعد هذه المعلومات المتضارية ثلاثة اسئلة ملحة: - هل المدرسة الأمريكية بالمعادي وحدها التي تمارس هذا التزييف التاريخي وتزييف وعي الطلاب أم هناك مدارس أخري أجنبية مماثلة تفعل نفس الشيء ولا تدري وزارة التربية والتعليم عنها شيئا؟! - هل التزييف الذي مارسته المدرسة الأمريكية يتعلق بحرب أكتوبر فقط أم يمتد ليشمل قضايا أخري مثل الإسلام والإرهاب والعروبة والوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية؟! - هل نلوم جيل حفيد مبارك وأمثاله حين نكتشف ضعف انتمائهم لوطنهم وارتباطهم بالأرض التي ضحي آباؤهم وأجدادهم من أجلها بدمائهم أم نلوم أنفسنا وجيلنا الذي فتح عليهم أبواب جهنم وتركناهم فريسة لشياطين الإنس والجن؟!