لم تكن البيانات التي أصدرتها سفارات أمريكاوبريطانيا وكندا وحذرت فيها رعاياها في مصر وفي القاهرة علي وجه الخصوص من التواجد في الأماكن العامة والتجمعات أمس الأحد تحسبًا لأي عمليات إرهابية محتملة لم تكن سوي بيانات متفق عليها بين الدول الثلاث هدفها أولاً وأخيراً الإساءة لسمعة مصر والإضرار بمصالحها الاقتصادية. لقد وصفت "البوابة نيوز" بيان أمريكا ومن بعدها بريطانيا وكندا هذا البيان بأنه "بيان خيانة" لأن وزارة الداخلية أعلنت في بيان رسمي أن مصر آمنة وليس هناك أي دلائل علي وجود عمل إرهابي في ذلك اليوم الذي يوافق التاسع من أكتوبر والذكري الخامسة لأحداث ماسبيرو. الداخلية أمنت كل الشوارع والمناطق التي يتجمع فيها المواطنون.. والمنشآت العامة وكل ما يخطر علي البال وأعلنت حالة الطوارئ القصوي حتي لا يقع في هذا اليوم ما يثير فزع تلك السفارات ويجعلها تتشكك في قدرة مصر علي مواجهة أي عمل إرهابي. إذن هو "بيان خيانة" بالفعل ولا نستطيع أن نصفه بغير ذلك.. بل يمكن أن يكون ضمن سلسلة المؤامرات التي تهدف إلي إسقاط مصر.. في الوقت الذي تشيد فيه بلدان هذه الدول بتصدي القاهرة لكل عمل إرهابي وأنها بذلك لم تؤمن نفسها فقط بل منعته عن تلك الدول. وزارة الخارجية المصرية ردت رداً عنيفاً علي بيان السفارات الثلاث.. وأعرب المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم الخارجية عن الانزعاج من هذه البيانات التحذيرية وخاصة من السفارة الأمريكية. وأكد أبو زيد أن السفارة الأمريكية لم تنسق مع وزارة الخارجية أو تخطر أي جهة مصرية رسمية أخري بأسباب إصدار هذا البيان أو طبيعة التهديدات الأمنية المشار إليها وهو الأمر الذي يثير علامات استفهام حول أسباب إصدار بيان بهذا الأسلوب. وكشف أبو زيد عن قيام وزارة الخارجية بالاتصال المباشر بالسفارة الأمريكية في القاهرة عقب صدور البيان للاستفسار عن أسبابه حيث نفت السفارة وجود أي أسباب محددة أو تهديدات معينة وراء إصدارها البيان وإنما هو إجراء روتيني احترازي يتم القيام به خلال فترات العطلات الممتدة التي تزداد فيها تجمعات المواطنين في الأماكن العامة مما يقتضي إصدار مثل هذه التوجيهات الاحترازية. وأعربت وزارة الخارجية عن استنكارها الشديد خلال هذا الاتصال لإصدار مثل هذه البيانات غير المبررة والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية وأضرار اقتصادية.. ودعا المتحدث باسم الخارجية جميع السفارات الأجنبية في مصر إلي توخي الحذر من إصدار بيانات غير مبررة أو مفهومة أسبابها. الغريب أن بيان السفارات الثلاث جاء في وقت شهد فيه العالم أجمع بنجاح مرور 150 سنة علي قيام الحياة البرلمانية في مصر.. وشهدت مدينة شرم الشيخ حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي هذا الاحتفال الذي جمع المئات من برلمانات العالم مما يؤكد أن مصر آمنة. وجاء بيان السفارات مع عودة السياحة الألمانية والإيطالية والبريطانية إلي مدينة شرم الشيخ وقرب عودة السياحة الروسية. وقد تجمع المواطنون في القاهرة وعواصم المحافظات أمام شاشات التليفزيون في المقاهي ليشاهدوا مباراة مصر والكونغو المؤهلة لكأس العالم والتي انتهت بفوز مصر علي منتخب الكونغو بهدفين لهدف.. ولم يحدث ما يعكر صفو هذه التجمعات. رئيس وفد مجلس العموم البريطاني جيرالد هاورن صرح في شرم الشيخ تعليقا علي بيان السفارة البريطانية بأنه جاء إلي مصر وليس لديه علم ببيانات التحذيرات التي أصدرتها السفارة البريطانية.. وحتي لو كا ن علي علم بها كان سيصر علي المجيء إلي مصر وأشار إلي أن التحذير الأمني إجراء روتيني وتقليدي ولا يصدر نتيجة لتعليمات أو بناء علي توجيهات سياسية. وقال إن هذه الزيارة تعد الثانية لشرم الشيخ مؤكداً أن الإجراءات الأمنية مشددة جداً في هذه المدينة. يتضح من كل هذه التصريحات أن الدول الثلاث تتحدث بلغة سياسية عن قوة علاقاتها بمصر لكنها في الحقيقة- لا أقول أنها تدبر المؤامرات ضدها - تضمر في نفسها ألا تري مصر قوة اقتصادية وعسكرية وديمقراطية وسط أجواء تحاك فيها المؤامرات علي بعض الدول العربية. إنهم يريدون بمصر شراً.. والله يريد لها الخير.