* يسأل فوزي محمود من الإسكندرية: صديقي ارتكب الفاحشة. ثم طلب مني بأن لا يخبر أحداً من أصدقاء العمل. وانه سيتوب إلي الله وعندما تحدث الأصدقاء في شأنه قلت لهم: أنا لم أشاهد شيئاً. فما رأي الدين في ذلك؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: لقد طلب الشارع الحكيم من المسلم الستر علي أخيه الذي لم يجاهر بالذنب. بل ويجوز الكذب في ذلك إذا كان فيه إصلاح وتأديب. لقوله صلي الله عليه وسلم: "ليس بكذاب من يصلح بين الناس فقال خيراً" وهذا يدل علي وجوب الإصلاح بين الناس. لأن ترك الكذب واجب ولا يسقط الواجب إلا بواجب آكد منه. ومن ذلك كذب الرجل في الحرب. ومن ذلك ان يستر عورات المسلمين كلهم. وهذا ما وضحه ابن حجر بقوله: "الكذب قد يباح وقد يجب. حيث ينبغي ان يقابل مفسدة الكذب بالمفسدة المترتبة علي الصدق. فإن كان العكس او اشتبه حرم. وإذا كان المقصود محموداً لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب. كما لو سأل ظالم عن وديعة يريد أخذها فيجب الكذب أو الانكار. وقال صلي الله عليه وسلم: "ومن ستر علي مسلم ستره الله تعالي في الدنيا والآخرة". وقال: "لا يستر عبد عبداً إلا ستره الله يوم القيامة". وقال ابوسعيد الخدري رضي الله عنه قال صلي الله عليه وسلم: "لا يري المؤمن من أخيه عورة فيسترها إلا أدخله الله الجنة". وقال صلي الله عليه وسلم لهزال الذي جاء بماعز ليعترف بحد الزنا: هلا سترت عليه بثوبك. وهذا من أعظم الأدلة علي طلب الشارع لستر الفواحش فإن أفحشها الزني. وقد نيط بأربعة من العدول يشاهدون ذلك منه في ذلك كالمرود في المكحلة. وهذا لا يتفق. وإن علمه القاضي بنفسه تحقيقاً لم يكن له ان يكشف عنه. ففي الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الله إذا ستر علي عبد عورته في الدنيا فهو أكرم من ان يكشفها في الآخرة. وإن كشفها في الدنيا فهو أكرم من ان يكشفها مرة أخري". كما نهي الرسول صلي الله عليه وسلم: عن تتبع عورات المسلمين: فقال: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته. ومن يتتبع الله عورته يفضحه ولو كان في جوف بيته". وقال - صلي الله عليه وسلم - لمعاوية: "إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت ان تفسدهم". وهذا كله يدل علي وجوب الستر بين الناس. وان الحرص علي فضح العورات والأسرار من الذنوب التي تمحو الإيمان من القلوب. وتستجلب غضب الله وتهديده وفضحه لصاحب هذا الجرم. * تسأل سحر عبدالله من السويس: ما المقصود بالكلالة في قوله تعالي: "وإن كان رجل يورث كلالة"؟ ** يجيب: لقد اختلف الفقهاء في المراد بالكلالة علي ثلاثة أقوال: القول الأول: إن الكلالة هو من لا ولد له. وإن كان له أب أو إخوة. القول الثاني: إن الكلالة من لا ولد له ولا والد. وهو قول لأبي بكر الصديق. القول الثالث: وهو قول لا وجه له. وهو ان الكلالة المال. والحق ان "الكلالة" وردت في آيتين من القرآن الكريم. إحداهما في الآية الثانية عشرة من سورة النساء. والثانية في الآية الأخيرة من نفس السورة. فأما الأولي فهي التي لا ولد فيها ولا والد. وفيها إخوة لأم. وأما الثانية فهي التي لا ولد ذكراً فيها. وهم إخوة لأب وأم. أو إخوة لأب أو أخوات لأب وأم وجدة. فجاءت الآية الأولي لبيان حال الإخوة من الأم. وجاءت في آخر سورة النساء لبيان إخوة الأعيان والعلات حتي يقع البيان بجميع الأقسام. ولو شاء ربك لجمعه وشرحه.