ساعات عصيبة عاشها الناجون من مركب الموت "مركب الرسول" ساعات قليلة فصلت بين الحياة والموت تجربة مريرة عاشها الناجون منذ انطلاق الرحلة نحو أحلام جمع الأموال في إيطاليا وحتي لحظة غرق المركب المحملة بمئات المهاجرين ومأزق السباحة لأقرب شاطئ في ماراثون وصل إلي أكثر من 12 ميلا وسط الجثث الطافية علي سطح الماء حتي بوغاز رشيد. أجمع الناجون علي أن الحمولة الزائدة وعيوب بالمركب وراء حادث الغرق. "المساء" تنقل قصص العودة إلي الحياة علي لسان الناجين. .. أحمد درويش من الغربية قال: انه يعمل في مجال النقاشة واتفق مع أحد سماسرة الهجرة علي السفر واتفقا علي أن الدفع سيكون بعد الوصول إلي إيطاليا. أضاف: منذ أسبوع اتصل بي السمسار وطلب مني تجهيز أغراضي استعدادا للسفر وأحمد الله علي منحي عمرا جديدا بعدما رأيت الموت بعيني وتابع: "أبوس إيديكم ماتخلوش أي حد يسيب بلده ويهاجر.. حرام الواحد يروح للموت برجليه". متولي محمد أحمد - 26 عاما - من محافظة الشرقية قال: أنا متأكد من أن المركب لم يكن سليما قبل بداية الرحلة. فمع تحرك المركب في الثالثة والنصف فجرا كان واضحا وجود مشكلة به وانه معيوب وفوجئنا في الخامسة فجرا بالمركب تغوض في البحر والمياه تحاصرنا من كل مكان فقفزنا إلي المياه وقمنا بالسباحة لمسافة طويلة ثم أنقذنا أهالي رشيد. أحمد محمد عبدالمعبود - 27 عاما - من محافظة الغربية قال: ظللت أسبح في المياه لأكثر من 6 ساعات. مشيرا إلي أنه تعلم درسا لن ينساه أبدا مضيفا: "نأكلها بدقة في بيتنا.. أحسن ما نأكلها بالعسل في الغربة". محمود عبدالنبي عبداللطيف - 21 عاما - من محافظة الشرقية أشار إلي أن المركب المنكوب كان علي متنه نحو 400 شخص وتم التوصل لنحو 200 منهم ما بين أحياء وجثث متسائلا: أين باقي الركاب؟ مشيرا إلي انه شاهد عشرات الجثث الطافية وكلها لأطفال وصبية لا يتجاوز أعمارهم 18 عاما. يقول بدر محمد عبدالحافظ 27 عاما من الشرقية: انه نطق الشهادة ولم يكن يتوقع ان يكتب له الله عمرا جديدا مشيرا إلي ان الجهل الذي تفشي في الناس هو سبب كل هذه الكوارث بالاضافة إلي ضعف الايمان لدي كل شخص يتوهم انه عندما يهاجر سيحصد ذهبا وألماظا وطالب الدولة بضرورة التصدي لأباطرة الهجرة غير الشرعية الذين توحشوا وأصبح لهم سماسرة في كل مكان يعملون علي ترغيب ضعاف النفوس في السفر لرحلة إلي الآخرة. سامح محمد عبدالدايم - 15 عاما - من كفر الشيخ فيعترف بأن خبرته في الحياة ضئيلة وانه تخيل ان سفره سيجعله أسعد الناس ويعود بدولارات كثيرة تحقق له كل شيء حتي كاد أن يذهب للموت برجليه. محمود أحمد - 20 عاما - من الفيوم فيقول كأنني كنت سكرانا عندما وافقت علي هذه السفرية التي استدنت من الآخرين بسببها ويؤكد ان الله علمه درسا لن ينساه. علي الشاطئ هناك حشودا كبيرة تتجه أنظارها إلي البحر عسي أن يعيد لها الغائب.. يقول عثمان محمد من الفيوم جئت لأبحث عن ابن عمتي الذي سافر دون أن تعلم والدته بعد أن قام برهن قطعة أرض لأحد جيرانه حتي يستطيع سداد ما طلبه السمسار. أما عبدالسلام أبو أحمد من القليوبية فيقول: بعد أن علمنا بالحادث من التليفزيون جئت ومعي زوجتي للبحث عن ابني الذي أغواه الشيطان ولبي نداءه بعد أن وسوس له عدد من زملائه وجعلني أوافق وأنا الآن أقول: يا ريتني كنت موت قبل ما أوافق علي سفره. جذبت زوجته أطراف الحديث لتقول وهي تخاطب البحر: يا رب رجعه لي وعمري ما هخليه يسافر تاني. سامية سمير - 17 عاما - تقول والدموع تنهمر من عينيها: أبويا كان معاهم وتنادي علي من يقف بجوارها وهي في شرود.. يا ناس محدش شاف أبويا.. ولازال الكثيرون من أهالي أسر الضحايا يتشبثون بالأمل أن يعيد لهم البحر من غابوا عنهم!