60 عاما مرت علي مؤامرة انسحاب المرشدين الأجانب من قناة السويس ونجاح الإرادة المصرية في تشغيل قناة السويس ومواجهة مؤامرة انسحاب المرشدين الأجانب فإن الشعور بنجاح الصمود الوطني في مواجهة المؤامرة لا يزال محفورا في ذهن المهندس محمد عزت عادل أحد أبطال مهمة مواجهة انسحاب المرشدين التي شاركنا فيها الرئيس جمال عبدالناصر.. في اتصال هاتفي بينه وبين "المساء" قال المهندس محمد عزت عادل إن مياه القناة المالحة تجري في عروقي وشراييني حتي آخر نفس. * سألت المهندس محمد عزت عادل: كيف تلقيت خبر وجود مؤامرة من المرشدين الأجانب وما هي الإجراءات التي تم اتخاذها في مواجهة الصعوبات لتنفيذ خطة انسحاب المرشدين الأجانب؟؟؟ ** قال: الحكاية تبدأ بعد قرار التأميم بشهرين عندما لاحظنا أن عددا من المرشدين الأجانب بعضهم رفض العودة من الأجازة والبعض الآخر بدأ يتخلص من ممتلكاته وطبعا كان ما يهمنا ان تستمر الملاحة في قناة السويس ومفيش عندنا خبرة والمصريون الموجودون في قناة السويس في ذلك الوقت ليس لديهم أي خبرات كان عددهم قليلا ويلتحقون بأعمال الخدمة فقط بينما كانت خبرة الارشاد كبيرة لدي الأجانب.. اكتشفنا ان الأجانب يقومون بتصفية أعمالهم من الشركة وهددوا جميع العاملين بالطرد إذا لم يشاركوهم مؤامرة انسحاب المرشدين بهدف إحراج الدولة المصرية وحتي تتحول القناة إلي خرابة لتأكيدهم فشل المصريين في إدارة القناة. * ما هي الخطة التي تم إعدادها لمواجهة هذا الانسحاب الجماعي للمرشدين الأجانب؟ ** قال المهندس محمد عزت عادل إن المرشدين اليونانيين كانت تجمعنا بهم علاقة طيبة فهم يحبون مصر ومعظمهم اتولد في مصر ويعتبرون انفسهم مصريين ونحن مدينون بالفضل الكبير للمرشدين اليونانيين وأتذكر منهم بعض المرشدين المخلصين لمصر وهم القباطين اصلينديس ودرشندس ويامودس ويواكوداكس لأنهم تولوا عملية ارشاد السفن وتعليم المصريين الموجودين وتم الإعلان عن احتياج قناة السويس لمرشدين من معظم دول العالم. * كيف كانت علاقتك بالرئيس جمال عبدالناصر وقت انسحاب المرشدين الأجانب من قناة السويس؟؟ ** الحقيقة أنني في هذه الفترة أواخر شهر أغسطس كان هناك اتصال مستمر بيني وبين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مستمرا وكان يطمئن بنفسه هنعمل إيه في الاختبار الكبير وشركتنا قدامها 20 يوما واحنا ننكشف اننا معندناش خبرة في ارشاد السفن. * هل تقابلت شخصيا مع الرئيس جمال عبدالناصر وكم مرة؟؟! ** كانت أول مرة التقي بشكل شخصي أنا والمرحوم محمود يونس والمرحوم المهندس مشهور أحمد مشهور مع الرئيس جمال عبدالناصر في هذا اليوم عندما كلفني المهندس محمود يونس بالاستعداد لوضع خطة لمواجهة انسحاب المرشدين وفي هذا اليوم تناولنا العشاء مع الرئيس جمال عبدالناصر وحكينا كل تفاصيل الخطة للرئيس جمال عبدالناصر لمواجهة انسحاب المرشدين الاجانب ليلة 14 سبتمبر كانت أهم حاجة عندنا أننا نسد الفراغات التي سببها المرشدون الاجانب واجتمعنا في مجلس قيادة الثورة حتي صباح اليوم التالي مع الزعيم جمال عبدالناصر وفاكر يومها تقريبا اتعشينا يومها مكرونة وبعدما اطمأن الرئيس علي نجاح المهمة سافرت أنا ومحمود يونس ومشهور إلي محافظة بورسعيد وكانت أول قافلة عبرت في ذلك التوقيت تدخل من جهة بورسعيد منتصف الليل ولعبت الظروف الجوية دورها وكانت الشبورة كثيفة ووقتها كتب المراسلون الاجانب اخبارا تؤكد أن المصريين فشلوا في إدارة قناة السويس لكن الحمد لله وبفضل المرشدين اليونانيين تم تنفيذ المهمة وعبرت أول قافلة وكانت تقريبا 50 سفينة في القافلة الواحدة.. ولم يكن العدد اليومي لعبور القناة 50 سفينة ولكنهم قاموا بزيادة عدد السفن لتعجيزنا حيث كان عدد السفن التي تعبر القناة أقل من هذا العدد بكثير لدرجة انهم أرسلوا سفنا للعبور ولم تقم بسداد الرسوم وكان المركب يدفع رسوم Apple العبور لكننا تداركنا هذا الأمر وفوتنا عليهم الفرصة وأخذنا قرارا بعبور السفن بدون دفع الرسوم وأفهمنا القباطين بأن يتم سداد الرسوم خلال الرحلة الجديدة لعبور قناة السويس لأننا نثق انهم لا يقدرون علي الاستغناء عن استخدام أهم ممر مائي في العالم وهو قناة السويس. * من هي أهم الشخصيات التي كانت تصاحبك وقت تنفيذ خطة مواجهة الانسحاب؟؟؟ ** كنت أنا محمود يونس ومشهور أحمد مشهور وكنا نتابع العمل من السويس للاسماعيلية إلي بورسعيد بالطريق البري واستخدام أجهزة اللاسلكي وكان محمود يونس ينادي علي المرشدين اليونايين كان بأسمه وكان العمل يستمر أربعة وعشرين ساعة ومرشد واحد يقوم بتنفيذ مهمة أربعة مرشدين في وقت واحد من بداية المدخل الجنوبي للقناة حتي نهاية المدخل الشمالي علي الرغم من ان المهمة من المفترض أن يقوم بها أربعة المرشدين في وقت واحد كانت هذه من أهم مميزات المرشدين اليونانيين الذين شاركونا في نجاح مهمة استعادة قناة السويس وكان المرشد اليوناني يقوم بتوصيل سفينة من بورسعيد إلي السويس مرورا بالاسماعيلية ويعود من السويس إلي بورسعيد بسفينة جديدة وقتها روجت الصحف البريطانية أن مصر فاشلة في إدارة قناة السويس وهنزرعها بطاطس عاوز اقول حاجة ثانية ان الرئيس جمال عبدالناصر أعطي المرشدين الاجانب تأشيرة خروج فورية بكل بساطة وكنا مستعدين لهذا اليوم بشكل جيد وكانت الخطة البديلة تم وضعها باشراف المهندس محمود يونس وتم تعيين 46 مرشدا منهم 28 من جنسيات مختلفة واغلبيتهم من اليونان وقبرص ويوغوسلافيا. وفي توقيت واحد أرسلت الشركة إلي المرشدين والموظفين ان ينفذوا الانسحاب من العمل في قناة السويس وهددتهم بضياع حقوقهم ومكافأة نهاية الخدمة وجميع المميزات التي كانوا يحصلون عليها من قناة السويس. أضاف المهندس محمد عزت عادل تسألني لماذا صدر القرار التأميم قبل انتهاء موعد امتياز الشركة العالمية لقناة السويس الفرنسية والذي كان سينتهي عام 1968 أقول لو لم يتم تأميم قناة السويس كنا سنتسلمها خرابة وظهرت نواياهم السيئة في هذه الفترة ولذلك كان قرار الزعيم جمال عبدالناصر لأن هدف الشركة الفرنسية كان الربح فقط وتجاهلوا صيانة وإصلاح المعدات لم يفكروا في توسيع القناة وإصلاح المنحنيات وتطوير الشمندورات وأنظمة الملاحة.